متابعة أعاد تقرير لصحيفة “إندبندنت” البريطانية، الجدل من جديد عن إمكانية فتح الحدود بين المغرب والجزائر، في ظل التطورات السياسية التي تعيشها الجزائر، ما بعد مرحلة الرئيس السابق، عبدالعزيز بوتفليقة. الصحيفة نقلت عن مصادر خاصة لم تسمها، قولها إن جهة “سيادية” جزائرية، باشرت باستشارة أكاديميين واختصاصيين بشأن الطريقة الأنجع لفتح الحدود البرية مع المغرب، في ظل وجود قضايا خلافية عالقة. ومن ضمن مقترحات الأكاديميين المشاركين، البدء بملف تنقل الأشخاص وتأليف لجان مشتركة من وزارات عدة في البلدين. وفي هذا الصدد، يعتبر تاج الدين الحسيني، أستاذ القانون الدولي بالرباط، أن عملية المبادرات التي تتعلق بفتح الحدود بين المغرب والجزائر ليست جديدة، بل هي قديمة منذ تاريخ 1994، عندما أغلقت الحدود بقرار جزائري، لأن المغرب لم يغلق الحدود، بل فرض تأشيرة على المواطنين الجزائريين بعد حادث فندق إيسني بمراكش، وكان ذلك الفرض مسألة ذو طبيعة مؤقتة. وأوضح الحسيني في تصريح ل”الأيام24″، أنه حتى بعد تراجع المغرب عن موقفه، استمرت الجزائر في نفس الموقف، وأغلقت الحدود واستمر ذلك بشروط تعجيزية، يعني أصبحت المسألة الإصرار على إبقاء الحال كما هو عليه”، حسب تعبيره. وأعرب المحلل السياسي، “عن اعتقاده أن كل عاقل في الجزائر لا يمكن أن يسمح باستمرار هذا الوضع، لأن مسألة إغلاق الحدود بين المغرب والجزائر تكاد تبقى هي اليوم الحالة الوحيدة في العالم، لأن الحدود التي كانت مغلقة بين كوريا الشمالية ونظيرتها الجنوبية فتحت في نهاية المطاف، رغم أنها كانت في السابق، رغم إغلاقها منطقة لمعامل مشتركة بين الدولتين، تستفيد منها كوريا الشمالية مليارات الدولارات بسبب العمالة التي تشتغل في المعامل الموجودة على الحدود الكوريتين”. وزاد قائلا “حقيقية عندما نأخذ هذه الأمثلة، ونلاحظ أن الحدود بين دولتين شقيقتين وتختلط بينها الأعراف والأنساب على مدار 1500 كيلومتر تقريبا من الحدود المشتركة، على مستوى تكوين القبائل والتضاريس الجغرافية، وفي كل شيء، هناك تداخل قوي، ويضطر المواطن الجزائري لزيارة وجدة مثلا، أن يمر عبر الدارالبيضاء، فإن هذه الأشياء لا يمكن أن يقبل بها عاقل كيفما كان”. وأشار إلى أن “هذا قرار هو تعسفي من السلطة العسكرية في الجزائر، فيه نوع من التماهي مع السلطة الرئاسية التي كان يمثلها الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة، لذلك الجميع اليوم واعي بضرورة التراجع عن هذا القرار، سواء من طرف السلطة العسكرية الجديدة، التي لها نظرة جديدة للأمور وهي الاستجابة لقدر الإمكان، لمطالب الحراك، وعاجلا أم أجلا سوف تستجيب لمطلب فتح الحدود مع المغرب، لكن إن صدر هذا الأمر عن مؤسسة سيادية فحتى أولئك الذين كانوا شخصيات سيادية في الجزائر، هم اليوم ربما رهن الاعتقال، أو مطلوبون للعدالة الجزائرية”. وفي ظل التطورات التي تشهدها الساحة الجزائرية، يعتبر الحسيني “أن يتحرك شخص ما اليوم ليعلن عن إمكانية اقتراب فتح الحدود المغربية الجزائرية، فهذا ربما فيه نوع رجم من الغيب، لكنه يرتبط بالتطورات السريعة التي تعرفها الساحة الجزائرية، وبكون فتح حدود هي مسألة مصيرية لا مفر منها، وبالتالي من حق أي كان أن يراهن عليها ما دامت شيئا مطلوبا في المستقبل القريب”. وتعتقد جهات جزائرية، أن الفصل في ملف الحدود المشتركة بين البلدين، مؤجل إلى غاية انتخاب رئيس شرعي للجزائر بحكم صلاحياته في الدستور، أي أنه المسؤول الأول عن السياسة الخارجية للدولة، وهذا لا يمنع، وفق المصادر نفسها، إعداد “تصورات” بعيدة من أي حسابات "سياسية غير موضوعية" قد تعيق تقدم هذا الملف الحيوي.