متابعة أخضعت السلطات الإسبانية بسبتة ومليلية المحتلتين، نهاية الأسبوع الماضي، مساجد يؤمها مغاربة إلى المراقبة الأمنية الشديدة، بعد تقارير أمنية تحدثت عن جهات تستغل الحادث الإرهابي ب"نيوزيلندا" من أجل الانتقام ومتطرفين مسيحيين متأثرين بأحزاب يمينية إسبانية يدعون إلى إغلاق المساجد غير الرسمية. وشملت القرارات الأمنية الجديدة في المدينيتين المحتلتين نشر عناصر أمنية في محيط المساجد، وأخرى بالزي المدني داخلها، إضافة إلى إعداد تقارير يومية عن أنشطة مشتبه في تشددهم، خاصة أن المدينتين نشطت فيهما عناصر موالية ل"داعش" ونجحت في استقطاب عدد كبير من المصلين، بالمقابل راقبت تحركات إسبانيين متعاطفين مع الأحزاب اليمينية المتطرفة، خاصة أن حزب "فوكس"، اليميني المتطرف في إسبانيا، يواصل حملته بالدعوة إلى إغلاق جميع المساجد غير الرسمية، باعتبارها "عشوائية"، وفضاءات ل"تفريخ الفكر الديني المتطرف". وبادرت السلطات الأمنية إلى فتح قنوات الاتصال مع أئمة مغاربة بالناظور وتطوان يحلون بالمدينتين المحتلين، كل جمعة، لإلقاء خطبة الجمعة، وذلك من أجل حث المصلين على نبذ الكراهية والتطرف، والإيمان بأسس العيش المشترك وقيم الديمقراطية والانفتاح، علما أن المغرب وإسبانيا وقعا اتفاقية لتعزيز الخطاب الديني الإيجابي في المدينتين المحتلتين من أجل التعايش والاعتدال، ونصت على أن يكون الأئمة المغاربة الذين يتم اختيارهم يتقنون اللغة العربية الفصحى واللغة الأمازيغية والإسبانية، و لديهم ثقافة دينية واسعة في إطار الوسطية والاعتدال اللذين يميزان المذهب المالكي. وذكرت مصادر "الصباح" أن أجهزة الأمن والاستخبارات بالمدينتين المحتلتين تواجه تحديا أمنيا وامتحانا صعبا، منذ حادثة نيوزيلندا، تحسبا لمواجهة بين سلفيين ومسيحيين متطرفين، مشيرة إلى أن هناك معلومات بخصوص تعميم رسائل تحث على الانتقام وأخرى تدعو إلى إغلاق المساجد، يتبناها موالون لحزب "فوكس" اليميني الذي تلقى أيديولوجيته قبولا في أوساط فئات عديدة، واستطاع الفوز، لأول مرة، ب 12 مقعدا في الانتخابات الإقليمية في الأندلس في 2018، معتمدا على شعارات متطرفة، مثل طرد المهاجرين. ولا تمانع السلطات الإسبانية في الاستعانة بالتجربة المغربية لمواجهة التطرف في مساجد المدينتين المحتلتين، علما أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تمول 34 من المساجد في سبتة (من أصل 42) وجميع المساجد في مليلية (17 مسجدا)، بما في ذلك "غير الرسمية"، وتؤدي تعويضات للأئمة والخطباء والمؤذنين، في غياب تمويل من الحكومة الإسبانية.