في إطار الندوات التكوينية التي تنظمها النقابة الوطنية للتعليم لفائدة نساء ورجال التعليم ، شهد المنتدى التربوي عرضا قيما للأستاذ عبد الله الزرهوني الأستاذ المبرز في الفلسفة ، تم الإحاطة فيه بمنجية تحليل نصوص في البسيكوبيداغوجيا بمختلف أنواعها . وتعميما للإفادة يقوم موقع segangan .net بنشر هذه المداخلة علما بأن الحصة الأخيرة يوم الأحد المقبل ستكون مخصصة للقاء مفتوح يؤطره الأستاذ عبد الله حرش مفتش سابق بنيابة الناظور. مداخلة الأستاذ الزرهوني عبد الله. منهجية التعامل مع موضوع الإمتحان في البسيكوبيداغوجيا. تقديم : تقتضي الصيغة التي بها حدد عنوان هذاا “العرض” محاولة الإجابة عن التساؤلات التالية : ما طبيعة الموضوع الذي يقترح في هذا الشق من الإمتحان المهني ، أي في التربية وعلم النفس التربوي ؟ هل هو من صنف واحد أم هو أصناف و أنواع؟ لماذا يصنف كموضوع في التربية و علم النفس التربوي ؟ ما هي المنهجية الناجعة للتعامل معه ؟ هل هي منهجية واحدة ؟ أم هي في الحقيقة منهجيات ؟ إذا كانت منهجية واحدة : فما أهم خطواتها ؟ و إذا كانت منهجيات متعددة : فكيف تتحدد ؟ و ما هي أهم المهارات الأساسية التي يجب اعتمادها فيها ؟ للإجابة عن هذه الأسئلة سوف نحاول في البداية تحديد طبيعة الموضوع الذي يقترح في الإمتحان المهني ، ونبرز بعدها مبررات تسميته بالموضوع في التربية وعلم النفس التربوي ، ونقدم في الأخير بعض النماذج لمنهجية التعامل مع بعض المواضيع التي تقترح في الإمتحان . I طبيعة الموضوع : تجدر الإشارة إلى أن تحديدنا لطبيعة الموضوع ، الذي يقترح في الإمتحان المهني ، في مادة التربية وعلم النفس التربوي ، قد تم من خلال التأمل في مجمل المواضيع المقترحة للإمتحان من قبل وزارة التربية وتكوين الأطر والبحث العلمي مند بدء عملية الترقية بالإمتحان المهني ، دون تمييز بين الفئات التعليمية و درجاتها من حيث الوضعية الإدارية . لقد قادنا هذا التأمل في تلك المواضيع إلى تصنيفها إلى خمسة أساسية : 1 موضوع في شكل ” نص ” موجه بسؤال ذو مطلب واحد هو : ” التحليل والمناقشة ” . 2 موضوع في شكل ” نص ” مرفق بعدة أسئلة ذات مطالب متعددة . 3 موضوع في شكل مجموعة من الأسئلة المنفصلة صياغة ومضمونا . 4 موضوع في شكل سؤال مفتوح . 5 موضوع عبارة عن اختبار . II في التسمية : تصنف هذه المواضيع كمواضيع في التربية وعلم النفس التربوي لاعتبارات كثيرة أهمها ثلاثة أساسية : + لكونها تنتمي إلى مجالات مستقلة ذات طابع بسيكوبيداغوجي إلى حد كبير،رغم تقاطعها مع مجالات أخرى قريبة منها مثل : التشريع التربوي و سوسيولوجيا التربية بالخصوص . فإذا كان التشريع التربوي يتناول مثلا مواضيع من قبيل : التدبير والتنظيم البيداغوجي ، هيكلة وتنظيم التعليم بكل مستوياته ، التقويم بكل أصنافه ومراحله ، شروط جودة التعليم والتكوين ، البرامج والمناهج والكتب المدرسية في مختلف الأسلاك ، الإيقاعات المدرسية و البيداغوجية ، استعمال تكنولوجيا الإعلام والتواصل ، تكييف المؤسسة التعليمية مع المحيط ، تنظيم عملية الدعم ، مهام التربية والتعليم ، مهام الإدارة والتسيير ...الخ ؛ و إذا كانت سوسيولوجيا التربية تهتم بمواضيع من قبيل : الشروط السوسيولوجية للتدريس الجيد ، العلاقات البينية بين الفاعلين التربويين ، الوظائف الاجتماعية للتقويم ، الأبعاد السوسيوثقافية للمدرسة ... الخ ؛ فإن مجالات البسيكوبيداغوجيا أوسع من هذه وأكثر غنى . إذ تتوزع على دوائر عريضة من قبيل : سيكولوجيا الأنساق التربوية ، سيكولوجيا المربي ، سيكولوجيا المتعلم ، سيكولوجيا التعلم (نظريات التعلم ) ، سيكولوجيا المعرفة و الذكاء ، سيكولوجيا الوضعيات التربوية ، سيكولوجيا الفعل التربوي ... و غيرها . + لكونها تدور حول مفهوم ذا صلة بإحدى هذه المجالات مثل ، الفشل الدراسي ، المشاريع التربوية ، أنواع البيداغوجيات ، التعلم ، التعزيز ، التحفيز ...الخ. + لكونها تنصب حول مشكل أو قضية ذات الصلة بإحدى تلك المجالات البسيكوبيداغوجية مثل: القيادة وأدوار القسم ، التفاعل البيداغوجي بين المدرس والمتعلم والإداري ، التواصل البيداغوجي داخل المؤسسة ، تقنيات التنشيط ... + لكونها تنصب حول كل ما تطرحه هذه القضايا والمفاهيم من تساؤلات وإشكالات (مثلما يتجسد في المواضيع المقترحة في الإمتحان المهني أو امتحان ولوج مراكز التكوين عموما ، والتي سنقف عند بعضها في هذا العرض ) . ليس الموضوع الذي يقترح في الإمتحان المهني في مادة البسيكوبيداغوجيا إذن ، من صنف واحد . إنه مواضيع مختلفة شكلا ومضمونا ، وإن كانت تنتمي إلى نفس الدائرة هي دائرة البسيكوبيداغوجيا عموما ، وتتقاطع مع دوائر أخرى هي بالخصوص دائرتي سوسيولوجيا التربية والتشريع التربوي . ومادام الأمر كذلك فإن لا منهجية واحدة للتعامل معه بل منهجيات متعددة . ولأن الوقت المحدد لهذا “العرض ” لا يسمح بتفصيل القول حولها جميعها ، فإن عملنا سوف يقتصر على الحديث عن ثلاثة أساسية منها ، تتعلق بالخصوص بالموضوع في شكل ” النص ” الموجه بسؤال “حلل وناقش ” ، وبالموضوع في شكل ” السؤال المفتوح ” حول قضية تربوية معينة ، وبالموضوع في شكل ” اختبار ” ، أي بالشكل الأول و الشكل الرابع و الشكل الخمس من الأشكال التي تم ذكرها آنفا . على أن نقدم بعض التوجيهات ، في إطار المناقشة ،عن الشكلين المتبقيين ، أي عن الموضوع في شكل النص المرفق بأسئلة متعددة ذات مطالب متعددة ، و الموضوع في شكل أسئلة منفصلة في ما بينها شكلا ومضمونا . III المنهجيات : 1 منهجية التعامل مع موضوع في شكل نص موجه بسؤال ” حلل وناقش ” . لا يطرح مثل هذه المواضيع في الإمتحان المهني إلا نادرا ، و ذلك لما تطرحه من صعوبة تتعلق أساسا بصعوبة الكتابة المتكاملة الجوانب حول قضية تربوية ما أو حول مسألة بسيكوبيداغوجية معينة .و مع ذلك فإن الطريقة المعتمدة في تحليلها و مناقشتها لا تختلف كثيرا عن الطريقة المعتمدة عموما في تحليل ومناقشة النصوص في تخصصات أخرى مثل الأدب والفلسفة والتاريخ . ذلك أن المعمول به عادة هو تقسيم العمل إلى مراحل أو مستويات ثلاثة أساسية هي : المقدمة و العرض والخاتمة ، و اعتماد مهارات خاصة بكل مرحلة أو مستوى . وهو ما يمكن تلخيصه كالتالي في الجدول الآتي : 2 منهجية التعامل مع موضوع في شكل “سؤال مفتوح “. يأتي هذا الشكل من المواضيع دائما في صورة إشكالية مفتوحة . وحين يتعلق الأمر بالإشكالية فمعنى ذلك أن الأمر لا يتطلب إجابة واحدة نهائية أو حلا واحدا نهائيا يجب أن يتجسد في أوراق كل المترشحين ، بل فقط بمقاربة أو معالجة يكشف فيها عن المجهود الشخصي أو التفكير الذاتي للمترشح ، و عن مدى قدرته على الفهم والتحليل والنقد ...حول قضية تربوية أو مفهوم تربوي ما . ولتبيان الصعوبة التي يطرحها مثل هذا الموضوع سنشتغل على الموضوع التالي كمثال : السؤال : إلى أي حد يمكن للتجديد المعتمد في إنتاج الكتب المدرسية أن يساهم في تحقيق الجودة ؟ ففي مثل هذه الأسئلة : + يجب الإنتباه في البداية إلى الصيغة التي بها طرح السؤال وتبين رهانه : هل المطلوب منه هو التوضيح ،أم التفسير ، أم المقارنة ، أم الإستدلال ، أم التبرير ، أم الشرح ، أم إبراز مصداقية أو عدم مصداقية الفكرة المتضمنة فيه ،أم تبيان أهميتها أو عدم أهميتها ...إلخ . وواضح في هذا السؤال الذي اتخدناه كمثال ، أن الصيغة التي طرح بها هي : ” إلى أي حد ...؟ ” ،و ليس ” كيف ؟ ” أو ” لماذا ؟ ” أو ” هل ؟ ” أو ” بأي معنى ؟ ” ... و مادام الأمر كذلك فإن رهان هذا السؤال يتمثل في : إبراز حدود صدق الفكرة المتضمنة فيه أو عدم مصداقيتها : أي مدى إمكانية مساهمة التجديد في إنتاج الكتب المدرسية في تحقيق الجودة في التعليم . بمعنى أن من الواجب على المترشح أن يبرز على امتداد معالجته هذه الإمكانية أو عدمها . +يجب تبين المدخل المناسب والأفضل للإجابة . وفي حال هذا السؤال فإن المدخل المناسب هو ربما الوقوف أولا عند العناصر الأساسية المكونة له ، أي مفاهيم : الكتب المدرسية ، تجديدها ، الجودة ، وتبيان دلالاتها و ومعانيها من خلال المذكرات الوزارية والوثائق التربوية ...وغيرها . + يجب بعد ذلك ، توفير المادة المعرفية الضرورية والملائمة لضمان إجابة متوازنة عن السؤال المطروح . + يجب تصنيف عناصرها وترتيبها بحسب الأهمية و الأولوية وفي الإتجاه الذي يضمن تقديم إجابة صحيحة . وفي حال هذا السؤال المتخذ كمثال هنا يمكن اعتبار العناصر الآتية ، مرتبة ومصنفة ، بمثابة المادة الضرورية لمعالجة السؤال المطروح : المدخل : أهمية الكتاب المدرسي كوسيلة من بين وسائل أخرى لتحقيق الجودة في التعليم :شروط إنتاج الكتب المدرسية / العلاقة بين المنتج للكتب المدرسية و الباحث والمشتغل عليها ( المدرس المتعلم ) / التنافسية الحقيقية في إنتاج الكتب المدرسية ... تحليل ومناقشة رهان السؤال :الكتاب الواحد والكتب المتعددة (الإجابيات و السلبيات)/ مدى تحقق فلسفة تعددية الكتاب المدرسي في التجربة الوطنية / مدى الإرتباط بعملية البحث التربوي في إنتاج الكتب الجديدة /مدى وجود مقاربات ديداكتيكية مختلفة / مدى وجود تنافسية حقيقية بين المنتجين / مدى العمل ميدانيا بالتعددية / مدى المصداقية في إقرار الكتب الواجب استعمالها على مستو ى النيابات من قبل لجنة المدرسين والمؤطرين التربويين / مدى التزام هؤلاء ببالتوجيهات الرسمية ذات الصلة بالموضوع .... 3 منهجية التعامل مع موضوع عبارة عن اختبار . لا يتعلق الإختبار هنا في مثل هذه المواضيع بمدى تمثل المترشح و استيعابه لنظرية بسيكوبيداغوجية معينة ، أو قدرته على تفصيل القول فيها وعرضها ، بل يتعلق أساسا بمدى قدرته على توظيف مكتسباته النظرية ديداكتيكيا . ولذلك غالبا ما يأتي في صورة فكرة تصف وضعية أو حالة تربوية يترتب عنها مطلب لمعالجتها . ولتوضيح ذلك نقدم هذا المثال : السؤال : يعاني بعض تلاميذتك من صعوبات في مسايرة البرنامج الدراسي . ضع(ي) وضعية تعلمية لتحفيز المتعثرين على مواصلة التعلم وتجاوز تلك الصعوبات . ففي مثل هذا الإختبار ، ينتظر من المترشح استثمار كل معارفه وتوظيف الضروري من مكتسباته النظرية . مثل : تعريف الوضعية المطروحة / إبراز خصائصها / وضع تخطيط لوضعية تعلمية / تحديد الأهداف والموارد والمدد الزمنية /اختيار تقنيات التنشيط الملائمة / تحديد أدوار المدرس و أدوار التلاميذ / تحديد أدوار المدرس و أدوار المتعلم / تحديد وضعيات التقويم المناسبة ...و هذا كله ، بعد اختيار البيداغوجيا المناسبة أو النظرية البسيكوبيداغوجية الملائمة : بيداغوجيا المشروع / بيداغوجيا الإدماج / البيداغوجيا الفارقية ....وغيرها .