سيظل يوم الجمعة 11 دجنبر 2009 تاريخا موشوما في ذاكرة رجل تربية قضى 31 سنة بين أستاذ لمبادئ التربية وعلم النفس ومدرس للفلسفة، لأنه يوم سيؤدي فيه ضريبة طيبوبته وسموه وتنازله عن كبريائه، ولن تكون الضريبة سوى دخول مصحة خاصة وإجراء عملية جراحية معقدة على يده اليمنى بعد تعرضه لكسور جراء ضربة وجهها له أحد تلامذته قوي البنية الممارس لإحدى الرياضات، حصل على إثرها على شهادة طبية حددث العجز في أربعة أشهر أي 120 يوما، من 11 دجنبر 2009 إلى غاية يوم 10 أبريل 2010، وتؤكد ذات الشهادة أن الضحية تعرض لكسر معقد على مستوى الذراع الأيمن، أجبر على إخضاعه لعملية جراحية في اليوم الموالي أي يوم 12 دجنبر 2009. يقول الأستاذ صايم نور الدين في تقريره المفصل المرفوع إلى المجلس التأديبي بالمؤسسة "بعد الانتهاء من شرح الدرس وعلى بعد 15 دقيقة من نهاية الحصة، قمت بتوزيع أوراق الفروض على التلميذات والتلاميذ قصد الإطلاع على النتائج والقيام بتصحيح الأخطاء، كما هي العادة شرع التلاميذ في مناقشة سلم التنقيط لأفاجأ باحتجاج التلميذ الماحي عصام، من قسم أولى تأهيلي علوم، فرمى بورقته محتجا علي، علما أن النقطة الممنوحة له هي 13.5 بحجة أنه إعتاد كما قال على النقطة 18 في السنة الماضية، فحاولت تهدئته وشرح ما يتطلب الأمر من توضيح، وبعصبية بدأ يشتمني ويتهجم علي فطلبت منه الخروج حتى لا يعكر الجو داخل القسم، ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي نبهته فيها إلى بعض السلوكات، ولما اقتربت منه لأهدأ من روعته باغتني بضربة قوية على ذراعي مما اضطرني من الخروج من القسم وأنا أصرخ من شدة الألم حينها أسرع الإخوة بالإدارة لنقلي إلى إحدى المصحات وبعد التشخيص والفحص تبين أن يدي مكسورة على ذراعي الأيمن مما استدعى عملية جراحية خطيرة تتطلب المكوث لأيام عديدة بالمصحة..." أمام هذا التصرف الصادر من طالب علم وأمام الشهادات المتكاثرة في حق الأستاذ الضحية يبقى مطلب إعادة الهيبة إلى المؤسسة التعليمية مشروعا جديرا بتبوئه مشاريع المخطط ألإستعجالي. "لن أتراجع عن كرامتي ولن أخذل رجال التعليم بل نطالب الأسرة التعليمية للوقوف ضد هذه الظاهرة غير التربوية ولا الأخلاقية التي أصبح نساء ورجال التعليم عرضة وضحايا لها..." يصرح الأستاذ صايم نور الدين أستاذ مادة الفلسفة بثانوية القاضي بن عربي، ضحية تلميذه المعتدي الماحي عصام. وعبرت الأسرة عن أسفها وامتعاضها لما لقيه التلميذ المعتدي من حماية من بعض الأطراف ذوي النفوذ ودفاع مستميت من لدن آخرين دون أن تتخذ في حقه أبسط الإجراءات القانونية التي تبدأ بوضعه تحت الحراسة النظرية خلال البحث والتحقيق، بل الآن يتم تهييء وقائع زائفة والبحث عن شهود زور للقول بأن التلميذ المعتدي لم يمس الأستاذ وهذا الأخير سقط لوحده على الطاولة ووقع له ما وقع(!!!). وطالبت الأستاذة الصايم زوجة الأستاذ الضحية بأن تأخذ العدالة مجراها الطبيعي وتنصف زوجها بل تنصف نساء ورجال التعليم وتؤمن حمايتهم من بطش بعض التلاميذ المتهورين والعدائيين لأن الواقعة هي من صميم العملية التربويية والتعليمية وتعكس صورة المدرسة العمومية المغربية وتكذب الشعرات المرفوعة من قبل وزارة التربية الوطنية والتكوين والتعليم العالي والبحث العلمي من قبيل "الجودة" و"الارتقاء بالجودة" و"مدرسة النجاح" وغيرها من الشعارات الرنانة والبراقة الخادعة. "هذا التلميذ المعتدي العدائي كسّر بيتي، وكسّر عظام زوجي، دمّر الأسرة ماديا ومعنويا، بعد إحدى وثلاثين سنة من العمل بسلك التعليم و25 سنة من التأطير بمدرسة تكوين المعملين في تدريس مادة التربية وعلم النفس...هل هذا هو جزاء الأستاذ والأب ومربي الأجيال بإخلاص وتفان في حبّ التربية والتعليم والتضحية من أجل هؤلاء التلاميذ..."، تتساءل زوجة الأستاذ بكل أسى وحزن عميقين... من جهته، عبّر يوسف العياشي النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية عن استنكاره لما وقع للأستاذ بل لأي اعتداء يمس نساء ورجال التعليم من أي كان، كما أكد على أن نيابة وزارة التربية الوطنية حريصة كل الحرص على صون كرامتهم وضمان ظروف العمل الآمنة لهم،"نحن ندعم الأستاذ الضحية ونقف إلى جانبه ونستنكر هذا الفعل الشنيع الذي يمس نساء ورجال التعليم، ونحن نتابع القضية بجدّية...، ونحن نتظر تقرير مدير المؤسسة وتقرير المجلس التأديبي". وأشار إلى أن الموضوع ستتم مناقشته من جميع جوانبه لاتخاذ القرار المناسب في حق التلميذ. ومن جهة أخرى لازال التلميذ المعتدي الماحي عصام يستفيد من حماية قوية وحرية مطلقة، بعد أن استدعي الأستاذ الصايم نورالدين عشية يوم الأربعاء 23 دجنبر الجاري إلى مصالح الشرطة القضائية للمواجهة التي لم تتم رغم تحمل الأستاذ عناء الانتقال والانتظار، كما أن هناك جهود تبذل من طرف جهات مقربة من المتهم لاحتواء الوضع والوصول إلى المصالحة وطي الملف...كما خضع تلاميذ الفصل الذي وقعت فيه جريمة الاعتداء على الأستاذ صايم الذين تقدموا طواعية للإدلاء بشهاداتهم لضغوطات وترهيب وتخويف حتى يتراجعوا عنها وبالتالي لم يتم التوقيع عليها... ويؤكد الأستاذ وأسرته على رفضه التام والقاطع لكل مساومة أو ضغوطات للتنازل عن متابعة المتهم مهما كلفه الأمر، لأن الأمر لم يعد متعلقا بالأستاذ الضحية نفسه، وإنما بالهيئة التربوية والتعليمية والمدرسة المغربية التي يعمل الكل من أجل أن يعاد لها إشعاعها وهيبتها ووقارها وسموها...كما تتطلب الوضعية تحمُّل كل المسؤولين والمتدخلين المعنيين بقطاع التربية والتعليم كامل مسؤوليتهم أمام الله وأمام التاريخ وأمام الرسالة النبيلة لنساء ورجال التعليم... ويقوم أساتذة وموظفو ثانوية بن عربي لتأهيلية بوجدة، بتهييء برنامج تضامني لإنصاف زميلهم والوقوف بجانبه في محنته. نساء ورجال التعليم بنيابة وجدة يشجبون الإعتداء على الأستاذ نورالدين صايم، ويطالبون بماتبعة مجريات التحقيق وإعمال القضاء: عبّر أكثر من 200 من نساء ورجال التعليم العاملين بنيابة وجدة أنكاد من مختلف المؤسسات التعليمية عن شجبهم الشديد لما وصفوه بالهجوم الهمجي والاعتداء العنيف الذي تعرض له زميلهم في مهنة المتاعب الأستاذ صايم نورالدين أثناء ممارسته لعمله داخل القسم، حيث تهجم عليه التلميذ الماحي عصام وباغته بالضرب الذي تسبب له في كسور جسيمة تلقى على إثرها شهادة طبية تحدد مدة العجز في 120 يوما، وإجراء عملية جراحية. وجاء في العريضة التي وقعها الأساتذة وما زالت مفتوحة لجمع التوقيعات، أن الأساتذة يحتجون بقوة ويطالبون نيابة وجدة أنكاد وأكاديمية الجهة الشرقية أن تنصبا نفسهيما طرفا مطالبا بالحق المدني، ويلحون على المسؤولين أن يتابعوا مجريات التحقيق حتى لا يعبث بكرامة رجل التعليم، ولا تمارس أي ضغوط من أي طرف كان. كما أهاب الموقعون على العريضة بكل نساء ورجال التعليم بمختلف أسلاكه أن يغضبوا لهذا السلوك الهمجي ويناضلوا من أجل رد اعتبار رجل التعليم في شخص الأستاذ صايم. وفي الأخير طالب الأساتذة من كل المركزيات النقابية أن تجعل من هذا الاعتداء الشنيع قضية رأي عام، وتكون أولى المطالب النقابة هي الحفاظ على كرامة رجل التعليم، وتوفير الظروف المناسبة لعمله، والعمل الجاد على حمايته.