قوافل الموت - الجزء الثاني بقلم : مصطفى الوردي [email protected] لم أكن أعتقد يوما نني سأعود إلى كتابة جزء ثاني في موضوع قوافل الموت ، خصوصا وأنني لم أعد ألمس تلك القوافل تذهب في نفس الزمان والمكان إلى باحة الإستراحة المتواجدة في مدخل مدينة زايو في الطريق الرئيسية إلى مدينة الناظور ، بعدما تحركت السلطات المحلية لإيقاف مهزلة قوافل الموت بذلك المكان ، لكن شاءت الظروف مرة أخرى أن تأتي إلى مقر عملي السيدة :” ي.... “ وهي في حالة نفسية جد صعبة فلما سألتها عن مايشغل بالها ، أجابتني المسكينة بان أحد الأطفال توفي في غضون الأيام القليلة بالمدينة المجاورة سلوان بالمخدرات ، حيث وجدوه مرميا وحقنة مخدرات مغروزة في يده تذكرت السيدة أبنائها الثلاثة وأرادت أن تذهب إليهم إلى الناظور لتطمئن على حالهم خوفا من أن يكون مصيرهم مثل فتى سلوان فتبين لي أن سبب الزيارة هو طلبها بأن يتكفل أحد المحسنين بإيداع أبنائها الثلاثة بأحد المصحات للعلاج فلسان حالها يقول : العين بصيرة واليد قصيرة . اليوم السيدة ” ي ” تغيرت ملامحها كثيرة بعد المرة الأولى التي تعرفت عليها ، فصروف الدهر أخذت منها كل شيء حتى الإبتسامة هجرتها ، السيدة ” ي ” تحكي بمرارة قصتها فقد باعت منزلها لسبب وحيد تمثل في الهروب من الشبح ” بارون مخدرات ” الذي كانت تقطن بجانبه والذي خرج على فلذات كبدها بعدما أصبحوا مدمني مخدرات ، فبدل أن يكون ابناؤها المراهقون الثلاثة في المدرسة تجدهم قد سرقوا كل شيء بالمنزل لبيعه من اجل الحصول على جرة من المخدرات ، لذلك صممت السيدة ” ي ” أن تهجر هذه المدينة ، حيث إشترت منزلا بتاوريرت لتستقر فيه بعيدا عن هؤلاء الأشباح الذين قلبوا حياتها رأسا على عقب ، لكن هيهات فتجار المخدرات في كل مكان حتى بالمدينة التي هجرت إليها لم يسعفها الحظ ، حيث لمست أن أبنائها الثلاثة يحصلون على المخدر بسرعة هناك ، غيرت المسكينة الوجهة لكن هذه المرة إلى مدينة العيون بالجهة الشرقية ، إكترت منزلا هناك لكن سرعان ماهجرها أبناؤها الثلاثة وعادوا إلى الإلدورادو إلى مدينة زايو ، فتبعتهم واستقرت بمنزل في حي شعبي لكن بعدما تبين لأبنائها الثلاثة أنه يستحيل عليهم الحصول على ” المصيبة الكحلة ” هاجروا إلى مدينة الناظور حيث يسهل عليهم هناك الحصول على المخدرات ، اليوم السيد ” ي” تحكي لي بمرارة عن ماآل إليه أبنائها ، لقد فضلوا أن يتخذوا من زاوية في أحد الأزقة بالناظور قرب مطرح للقمامة سكنا لهم ، يقتاتون من القمامة يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ، هذا هو مصير المدمنين على المخدرات ، السيدة ” ي ” تضيف أيضا في أحد الأيام إتصل بها أحد أبنائها في الشهر الفضيل وبدأ يبكي بقوة ويطلب منها أن تأتي لزيارته فقد إشتاق إلها لكنه لايستطيع الحضور اليها ، السيدة ” ي ” لم تنم تلك الليلة وقالت لي : فكرت أن أذهب إلى أبنائي في تلك الليلة راجلة لكن هناك من طلبها بأن تترك الأمر إلى الصباح ، وبمجرد وصولها إلى مدينة الناظور تعرفت على ” العشة ” التي صنعها أبناؤها من القش و الورق المقوى ، فلما ولجت فضاءها وجدت بها أحد أبنائها فقط ، صعب عليها التعرف عليه من خلال الحالة المزرية التي أصبح عليها ، تحكي السيدة بأن إبنها لم يرد أن يبكي أمامها حتى لايزيد من همومها وهي التي ستفقد البصر من كثرة البكاء على أبنائها كما أكدت لي ، المهم التقت بإبنها وسألته عن أخوه الأكبر حيث بين لها أنه يتسول بشوارع الناظور ليجمع نقودا لكي يتسنى لهم الحصول على جرعة مخدرات ، السيدة لما التقت بإبنها الثاني تبين لها أنه يتعرض لجميع أشكال التعذيب من طرف ” الشمكارة ” لوهن جسمه وعدم قدرته على مجابهتهم بل أكثر من ذلك يسلوبونه في بعض الأحيان مايحصل عليه من نقود ، عادت السيدة إلى منزلها بزايو بدون أبنائها ككل مرة وهي تلعن اليوم الذي سرقوا فيه أبنائها الثلاثة منها ، إنهم تجار المخدرات الذين يأتون على الأخضر واليابس ولايفرقون بين الطفل والكبير ، هدفهم فقط جمع المال الحرام . السيدة ” ي....... ” بالأمس القريب كانت تملك منزلا محترما وراتبا شهريا محترما ، واليوم أصبحت لاتملك شيئا غير منزل تحول إلى خراب ، ولم تسلم النوافذ ولا الأبواب ولا الأثاث ولا........................... طلبها وحيد أبناؤها الثلاثة بأحد شوارع الناظور مشتتون مدمنون مشردون ضائعون ضحايا ، ربما سينضافون الى قوافل الموت ، فهل ياترى طلبها هذه المرة سيجد آذانا صاغيا وقلوبا رحيما ترجع لها الإبتسامة ولأبنائها الثلاثة ؟ أم سنعود لنكتب جزء ثالثا نحكي فيه لاقدر الله عن هلاك الابناء الثلاثة ومصير أمهم يا ............ قوافل الموت – الجزء الأول