لن نذهب بعيداً في المبالغة إذا قلنا إن فلتان أسعار المنتجات الغذائية والحاجات الضرورية بات أشبه ما يكون بالصفة الملازمة لقدوم شهر رمضان, إذ يفاجأ المستهلك العادي بارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية وبنسب غير محتملة أو متوقعة تماماً مثلما حدث مع منتج (البيض) في الأيام الأخيرة, وإذا كان هذا الأمر بمنظور الكثيرين لم يعد يستوجب الاستغراب والدهشة ويستعصي على التقويم والمعالجة من جانب ما كان يسمى بالجهات الرقابية والوصائية, فإن الجانب الذي لا يخلو من الحساسية ويتعين عدم الصمت عنه يتمثل في إغراق السوق بأصناف لا حصر لها من المنتجات التي تغيب عنها عناصر الجودة أو المواصفة, ما يعني أن مناسبة قدوم شهر رمضان باتت كما لو أنها تشرع وتبرر الإقدام على تصريف مخازين غذائية لم تكن تلقى رواجاً خلال أيام التسوق العادية, ومن يقصد أسواق الغذاء, سواء الشعبية منها أو تلك التي تتبع للخاصة, بمقدوره العثور على أصناف مثل( المعلبات) على سبيل المثال دون أن تحمل علامات أو تواريخ مفترضة تبين المدة الزمنية لصلاحية المنتج للاستهلاك البشري, والأمر في هذا الجانب ينسحب على قوائم لا حصر لها من المنتجات. لسان حال الكثيرين يشير صراحة إلى أن التجار وأشباههم من أصحاب المحال التجارية لا يقدمون على مثل هذا السلوك, إلا بسبب إدراكهم المسبق أن ساحة الأسواق مفتوحة على الفوضى وتغيب عنها الضوابط وعيون الرقابة. وإذا كان مشهد الأسواق بمثل هذه الحالة من الفوضى وانعدام المسؤولية فإنه من المشروع السؤال حول الدور المنوط بجمعية حماية المستهلك, فهذه الأخيرة أعلن عن إشهارها قبل سنوات واحتفت المنابر الإعلامية بولادتها إلى حدود المبالغة, غير أنها بقيت بلا فاعلية, مع أن قانون حماية المستهلك الذي صدر أيضاً قبل أكثر من عامين, كان قد أكد في مضامينه ضرورة الحفاظ على حقوق المستهلك الاقتصادية, بل وحدد المعاملات المخالفة للعرف التجاري وواجبات المنتجين والتجار ولكن ماجاء في هذا القانون يندرج على ما يبدو في إطار الوعود, وما أكثرها في ظل ما يطلق عليه مجازاً بالإصلاح.