مما لا شك فيه أن استراتيجية عمل الأجهزة الأمنية بإقليم الناظور، للحد من الظواهر الإجرامية التي تهدد أمن وسلامة و صحة وممتلكات المواطنين واقتصاد البلاد ، تبقى عقيمة في ظل تطور الجريمة ، التي أصبحت تأخذ منحا احترافيا تصاعديا يصعب مستقبلا ضبطها ،فالموقع الجغرافي للإقليم ، تجعل منه قاعدة خلفية للهجرة والتهريب ومحطة لتجميع الممنوعات و التقاء و توافد مختلف الأجناس و الفئات العمرية على المستوى الوطني و الإفريقي ، الراغبة في التسلل إلى المدينةالمحتلة مليلية إما هربا من البؤس و الحروب أو من المتابعة القضائية أو للتجارة غير القانونية قصد الاغتناء السريع ، كلها عوامل تجعل من الإقليم مكانا خصبا لتطور وترعرع الجريمة ،فالعمليات الإجرامية المتنوعة والطرق و الأساليب المتبعة و تجنيد أشخاص لتنفيذها بطرق احترافية عالية من حين لآخر تجعلنا نفكر بإمعان في الأسباب والدواعي و الأهداف التي جعلت الشباب يدخلون غمارها رغم عواقبها ، مما يتطلب من الجهات المهتمة بالجريمة بذل الجهد أكثر لمحاصرتها ….. فالأحداث والقضايا العديدة التي تقع من حين لآخر والتي عادة ما يكون أبطالها شباب عاطل ، غررت بهم مافيا التهريب والاتجار الدولي في المخدرات و أدخلتهم في دوامتها ، لترويج و تهريب المخدرات و الكحول ، البنزين و السلع والمواد الاستهلاكية ، فالعمليات التي تنفذ رغم خطورتها و الحصار المضروب عليها من طرف مختلف الأجهزة الأمنية ، من خلال المراقبة الشديدة للشواطئ و نقط العبور ، إضافة إلى المتابعات القضائية للمشتبه في انضمامهم إلى مافيا التهريب والتهريب الدولي للمخدرات وكل من يدور في فلكها ، من خلال تجنيدهم لتنفيذ مخططاتهم الإجرامية، حيث تم إلقاء القبض على العديد من الأشخاص كانوا في محاولة لتهريب المخدرات إلى الديار الأوروبية إذ تم حجز 314 كيلوغرام من الشيرا خلال نهاية سنة 2010 بالمحطة البحرية لميناء بني انصار… فالحصار المضروب على تجارة الممنوعات جعلت الأشخاص المنفذة لتلك العمليات (و هم بالمئات)، تقوم بتنظيم نفسها داخل مجموعات إجرامية (العصابات) و التوجه لاعتراض سبيل المارة و السيارات و سرقة الممتلكات حتى وصلت بهم الجرأة إلى التخطيط وباحترافية إلى اختطاف الأشخاص الميسورين أو المتورطين معهم ، و مطالبة الأهالي بفدية مالية باهظة ، لا تصرح بها العائلة إما خوفا من المتابعة القضائية أو على سلامة المختطف حسب ما يروج بحدة في أوساط الساكنة والمتتبعين للجريمة….. فهذه العصابات تستخدم في تنفيذ مخططاتها الإجرامية، عنصر المفاجئة و التعاون لمحاصرة الضحية إضافة إلى استخدام وسائل إرهابية كالأسلحة البيضاء والعصي والسيوف و أحيانا يتم التهديد بالأسلحة النارية (بنادق صيد) التي يجهل مصدرها…، إذ تمثل حاليا السرقات من الجرائم الشائعة والمتكررة بصورة متفاوتة وبمنجى تزايدي و بكل أنواعها / السيارات، المنازل، البنوك و سرقة المواطنين في الأماكن المزدحمة إضافة إلى التزوير…. و كان آخرها حي المطار بالناظور الذي كان مسرحا بامتياز ، مساء يوم الخميس 03 مارس الجاري ، لمشهد من عملية اختطاف ، ابتدأت باعتراض الشخص المستهدف من طرف أربع أشخاص كانوا يمتطون سيارة مرقمة بأرقام خارجية ، لمواطن راجل و أشبعوه ضربا ، ملوحين ببندقية صيد . و بعد أن تجمهر المارة حولهم و هم في حيرة من أمرهم بفعل فظاعة الاعتداء والأسلوب المتبع ،عمد المعتدون إلى اختطاف الضحية في سيارتهم . هذه العملية الإجرامية التي أرهبت المواطنين ، جعلت الأجهزة الأمنية تنتقل إلى عين المكان بكثافة مجهزة بوسائلها لفك لغز هذه الجريمة ، التي تضاربت الأقوال حول أسبابها و مجرياتها ، علما أن الجريمة نفذت بوقاحة و جرأة عالية أمام أنظار المارة وبجوار الباب الرئيسي لثكنة القوات المساعدة للفرقة المتحركة رقم 38، التي حاولت عناصرها التدخل، مما أربك أفراد العصابة فتركوا السلاح في المكان . كما تمكنت الشرطة القضائية بالناظور من تفكيك عصابتين (النينجا والجاغوار)، كانت تستعمل الأسلحة النارية والسيوف إضافة إلى الحواجز الحديدية لاعتراض السيارات العابرة للطريق الساحلية وسلبهم ما بحوزتهم و أحيانا يتم اختطاف النساء واغتصابهن، حيث تم إلقاء القبض على ثلاثة عناصر من عصابة (النينجا) من بينهم فتاتين و توقيف أحد أفراد عصابة (الجاغوار) ، في حين مازال رئيس العصابة الملقب (نينجا) طليقا ، العملية تمت بعد اشتباك حاد استعمل فيه السلاح الناري والسيوف بين العصابتين، من أجل السيطرة على العاهرات و سوق بيع المخدرات القوية (الهيروين)، بدوار أولاد شعيب و حي بويزرزارن ضاحية مدينة بسلوان . كما شهد الإقليم سرقة السيارات من الداخل حيث تم اعتقال أحد منفذيها مقيم بالعروي، من طرف شرطة أمن زايو و كذا اختطاف ثلاث سيارات من نوع مرسيدس ،سيارتين من مدينة زايو، و سيارة مرسيدس 220 (كلاس) سرقة من مدينة سلوان،هذه المدينة التي عرفت مؤخرا جريمة أخلاقية تتمثل في التحايل والاغتصاب للعديد من النساء الباحثات على الشغل ، من طرف شاب شاذ جنسيا كان يوهمهم بأنه وسيط عمل لأحدى الشركات المتواجدة بالحي الصناعي للمدينة و تم إلقاء القبض عليه وهو متلبسا ، هذا بعد أن توصلت سرية الدرك الملكي بسلوان بالعديد من الشكايات، لتعمل هذه الأخيرة على نصب كمين محكم للمشتبه فيه وتوقيف جرائمه المتسلسلة والفظيعة التي تتمثل في تصوير الضحايا في وضعيات شاذة وتهديدهم بنشرها … كما تعرضت العديد من المنازل السكنية أصحابها مقيمين بالمهجر للسرقة، وكانت آخرها ، منزل تم السطو عليه من طرف اللصوص بحي إيبلحرشا بالدائرة الثالثة التابعة لنفوذ شرطة أمن الناظور، وحسب شهود عيان فأن العصابة كان عدد أفرادها ثلاثة أشخاص ، مدججين بأسلحة بيضاء لإرهاب المواطنين الذين حاولوا يائسين محاصرتهم دون جدوى كما تمكنت عصابة من السطو على منزلين بحي براقة وسرقة المجوهرات وغيرها … و كذا تعرف المحطة الطرقية بالناظور تواجد العديد من المنحرفين والمتسكعين و المجرمين منهم ذوي السوابق القضائية و معروفين لدى العامة والخاصة بجبروتهم ، حيث يعملون على ابتزاز المسافرين و التحرش ببعض النساء، هذه الأفعال الإجرامية الذي تتعالى حاليا العديد من الأصوات المطالبة بتطهير المحطة الطرقية منها في ظل سكوت محتشم للساهرين على أمن وسلامة المواطنين…… فمكافحة الجريمة تستدعي تضافر جهود مختلف الأجهزة الأمنية ، و على المجتمع المدني و كافة المواطنين ، العمل على رصد الجريمة و التبليغ عن المنحرفين للحد من استفحال الظاهرة ، فترك أمر التصدي للجريمة على عاتق الأجهزة الأمنية وحدها، قد يخفف من انتشارها، ولن يحول دون توقيفها.