هل يجوز في عصرنا هذا، أن نرى امرأة عجوز تفترش الأرض لتنام وتجول الطرق ومكبات النفايات بحثاً عن شيء تأكله؟! الإجابة البديهية عن هذا السؤال، أنّ ذلك غير مقبول أبداً ولا يمكن لشخص أن يرضى بهذا الوضع، خصوصاً في المغرب المعروف بتماسك الأسرة ورعاية المسنّ ضمن عائلته الصغيرة.إلا أنّ الواقع مختلف تماماً؟؟ في البدئ التقيناها ليلا أمام المركز السوسيوتربوي بتعاونية الفتح بأركمان كانت نائمة في فراش مبلل بالحرمان و الضياع تتوسل الرأفة و الرعاية،قالت لنا أن إسمها "فاظمة" تلك المتشردة المسالمة، التي تتخد منذ مدة الأرض فراشا لها، ومن سمائها غطاءا، لتراقب بعيون منكسرة حركة المارة. وإلى حد كتابة هذه السطور لا تزال المسنة "فاظمة" تنتظر التوجيهات وانتشالها من المجهول وإيجاد مأوى ومسكن يعيد لها كرامتها ووضعها الإنساني والبشري، حيث إنها تنام منذ أمس في شوارع أركمان وسط هذه الأجواء الحارة واتساخ ملابسها، في منظر تقشعر له الأبدان وأمام أعين الجميع . هذا،ورصدت "أريفينو" معاناة المسنة التي روت تفاصيلها قائلة: "توفي والدي ووالدتي، وتركوني أصارع ضنك العيش وحيلة اليد وسؤال اللقمة". وواصلت: "ابني تمت تصفيته فرحت تائهة أبحث عن ظله". وطلبت المسنة (وهي المضطربة نفسيا) قائلة: "أطلب برعايتي ونظافتي، وتوفير لقمة العيش والملابس؛ فأنا كما تراني "عجوز" لا أستطيع خدمة نفسي. كما أن النساء والشباب دائماً ما يحضرون للاستهزاء بي، وبوضعي، ويصورونني". إن هذه السيدة التي تعاني في صمت لا نعرف من هي ولا كيف وصلت إلى الجماعة ، بنظرات متعبة وحزينة يمزقها ألم العزلة والتهميش ، تراقب بعيون منكسرة حركة القادمين غير العابئين بمعاناتها وبعزلتها القاتلة فهل تتخيل أنها قد تكون والدتك لا قدر الله؟. ترى متى تأتي مبادرة إحداث دار للعجزة أو على الأقل للنساء المشردات بالإقليم ،من اجل متابعة انسانية لوضعية المشردين بما فيهم النساء المشردات اللواتي يعانين في صمت بدون مأوى و لاإطعام أو قد يتعرضن أحيانا للاعتداءات الجنسية من قبل المتسكعين والمشردين، لا قدر الله. عمرو اليوسفي وهو أحد الفاعلين الجمعويين وعبر موقع "أريفينو" اتصل بإحدى الجهات المعنية للوقوف على وضع المسنة، وبالفعل "تفاعلت" مع الحالة شفويا. موقع "أريفينو" سيتتبع القضية عن كثب في انتظار تدخلات لرفع المعاناة عن السيدة المسنة وانتشالها من هذا الضياع، ولكن لايزال الوضع المأساوي قائم ودون تنفيذ من أي جهة لدورها ونصبو من جميع الجهات المختصة بتأدية دورها الخدمي والإنساني تجاه المسنة ورعايتها. عموما،قضية "فاظمة"، ليست سوى مثال بسيط لآلاف الحالات ، فلكل مدينة مغربية وقرية نصيبها من هاته الفئة التي يلفظها المجتمع بشكل يومي إلى الشارع، كما لها نصيبها من المنتخبين و ممثلي الأمة، فإن كان سيدنا عمر رضي الله عنه قد إرتعب من أن تعثر بغلة في العراق فيحاسبه الله عليها، فماذا ستكون ردة فعل "المسؤولين" أمام تشرد آلاف المواطنين في الشوارع؟ ندعو السلطات المعنية بالتدخل في المناطق السوداء للإهتمام بالمشردين والنساء والمسنين وأطفال الشارع والمرضى النفسيين.