بقلم ذ.المختار ميمون الغرباني 1 أحلم بريف كبير... ربما صرت الآن أكثر حلماً من البارحة بريف كبير يتخطى المسافات الجغرافية ليستوي شامخاً كقمم الجبال بتشربه لسائل عمق التاريخ المر/الحلو ,,, أحلم كغيري من أبناء هذا الوطن الجميل بريف كبير في وطن المغرب الكبير،،، أحلم مثلهم تماماً بريف لا تحده مسافات الدوائر المغلقة أو القبائل المنهكة،،، أحلم أن يتحقق هذا الحلم،،،وأن يتأبط كل أبنائه البررة الأحرار جموعاً وأفراداً كل ملفات الأحقاد المتلاشية على مد المسافات القصيرة بين القبائل والدوائر، ليرموا بها في قفة التاريخ القبلي الهجين ويهدأ الخاطر الريفي توحداً وينتعش قلبه من صفوة الإنسانية صفاءً,,, أحلم،،،غير أني وحين أقارب الأوضاع والأحوال عن كثب وأشم هنا وهناك روائح الحروب القبلية البائدة ، أبكي على طلل الحلم الواهي واعتزل للتو عادة أحلام اليقظة إلى حين صفاء القلوب وشفاء الندوب,,, أجوب عز الديار راجلاً ديار بلادي الريف العزيز دياره الصغرى والكبرى:الدريوش،عين زهرة ،دارالكبداني،بنطيب،تمسمان،تفرسيت،ميضار،قاسطا... وغيرها من ديار عزيزة...أحط بها عاشقاً لبهجة التاريخ فترحب بخطوي العاثر في جب الحياة,,, ترحب بخطوي، بقلبي، بفكري بدءاً ومبتدأً، لأرى من ويلات الحقارة الدنيوية العجب العجاب...أرى قرى في صور مدن صغيرة تفتقر لأبسط أسس وبنى التمدن والتحضر..أرى مدناً صغيرة تنعدم فيها البنية التحتية وإذا تواجد بعضها اعترته الهشاشة وعانق خلال عمر قصير كل ألوان الجدب و الخراب... أرى عجباً وأسمع غضباً,, وعن كثب أعاين القائم الهجين الذي لا يشرف فارس ريفنا العزيز بأي خير يرتقب في أفق قريب أو بعيدً,, إن ثلث ناس بلادي أو ما يزيد لا زالوا يحلقون على هوى بوصلة المستعمر في سماء محدودة وضيقة لا تنعم بهواء ناعم، إنها سماء القبيلة التي تنغلق على نفسها والتي عبر مسار التاريخ البشري كانت على الدوام تؤسس لتقزيم الفعل الإنساني النبيل،إذ تسري به إلى مد التناحر وجزر الوهم,,, إنهم يعشقون ملة الأحقاد إيماناً بالأنساب وطعناً في الإنسان،يتحقق إلغاء الإنسان كنواة جوهر في التاريخ فقط لأن وهم الأنساب شاء أن يمجد الأنساب ويجند الأحقاد...لأن أبي الذي,,,كان وكان...ولأن جدي الذي،،،كان وكان... إنهم آمنوا بالقبيلة كفرع من شجرة التاريخ وتناسوا الإنسان كأصل في عمق هذه الشجرة,وبالتالي اعتزلوا ملة الريف الكبير، ملة التوحد والتوحيد وعانقوا شيعا وقبائل ملة الوعد والوعيد..عانقوا ملة إعادة رسوم الخرائط الثابتة للأوطان على مر العصور وفقا لأهواء القبيلة وطبقاً لشجرة الأنساب,,, أجوب دياري واستنكر على ذوي الفعل القائم الطاعن في الحس الوطني الواحد عهداً وميثاقاً،أستنكر عليهم لغوهم الزائد وغيهم الساقط...ويركبني العجب أكثر حين أجد نفسي على مستوى الفكر مجبراً على نعت ثلة من أبناء بلادي الريف العزيز بالتخلف الفكري المكين,,أو بالفيض الزائد في قيمة الثورة المجانية وهاجس الاندفاع المريض, ولذلك لسبب بسيط هو أن مسار النضال العضوي السليم ضداً في الليبرالية المتوحشة المنتصرة لغول العولمة يقتضي منا أن ننتصر للإنسان ضداً في القبيلة وليس العكس,,, لأن الانتصار للإنسان هو في الأصل انتصار للروح التي لا تقدس بالمرة معادلات الرأسمال وتنبذ بالفعل المكين فعل الاستلاب المتوحش.