تعتزم أسرتان مغربيتان تتحدران من مدينة مليلية تنظيم وقفة احتجاجية أمام محكمة الاستئناف بالناظور بعد غد (الأربعاء)، وذلك للمطالبة بإظهار الحقيقة حول ملابسات العثور على قريبيهما قبل عامين مقتولين رميا بالرصاص، بغابة “اعلاليين” بضواحي بني شيكر، والمسميين قيد حياتهما، عبد السلام محند 21 سنة، ورشيد شعيب 20 سنة. وحسب معلومات حصلت كليها “الصباح” من مصادر مقربة، فان هذه الوقفة الاحتجاجية والتي كانت موضوع بيان للرأي العام المحلي والوطني، تأتي في سياق خطوات أخرى سابقة، ضمنها مراسلة وزارة الداخلية والعدل وهيآت حقوقية مغربية حول الموضوع، إلى جانب تنظيم وقفات احتجاجية داخل الناظور و مليلية، رغبت من خلالها الأسرتان إثارة انتباه الجهات المعنية محليا ومركزيا إلى ضرورة إجراء المزيد من التحقيقات للوصول إلى المتورطين في هذه الجريمة. وتشير شكايات توصلت “الصباح” بنسخ منها، إلى أن الفاعلين الرئيسيين شخصان منتسبان إلى جماعة أصولية متشددة تنشط داخل جماعة فرخانة، ويمتد نفوذها إلى حي شعبي معروف بمليلية. وتظهر التفاصيل التي حصلت عليها “الصباح” حول هذه الحادثة المروعة التي هزت مشاعر سكان المنطقة، أن عبد السلام وصديقه رشيد اختفيا عن الأنظار لمدة أسبوع، منذ خروجهما معا من مدينة مليلية باتجاه فرخانة، قبل أن يعثر عليهما جثتين هامدتين، واتضح أن الجناة استعملوا طرق تعذيب مختلفة لتصفية الضحيتين، قبل إطلاق النار عليهما. ووفق المعطيات ذاتها، فقد عثر على الجثتين عن طريق الصدفة من قبل مواطنين، ليتم إبلاغ عناصر الدرك الملكي التابعه´ لجهويه´ الناظور، التي حلت بعين المكان لإجراء المعاينة الأولية قبل أن تأمر بنقل الجثمانين إلى المستشفى لإخضاعهما للتشريح الطبي، لتتسلمهما الأسرتان لاحقا لدفنهما داخل مقبرة للمسلمين بمليلية. وحول حيثيات هذه الواقعة الخطيرة التي استعمل فيها الرصاص، ذكر قريب إحدى الأسرتين في لقاء بالصباح، أن الجناة لا يعرف عددهم بعد اختطافهم للضحيتين وإخضاعهما للتعذيب، توخوا إخفاء معالم جريمتهم، وكانوا يأملون التخلص من الجثتين عبر طمرهما، غير أنهم غادروا المكان خوفا من افتضاح أمرهم. وتتهم الأسرتان بحسب المتحدث نفسه، أفراد التنظيم الأصولي المعروف بتكفيره للمجتمع بالوقوف وراء تصفية عبد السلام وصديقه رشيد، مضيفتين أن زعيم الجماعة بمليلية دبر خطة للانتقام من عبد السلام الذي كان فيما مضى عضوا في نفس الجماعة قبل أن يهجرها ويعود إلى حياته العادية لعدم اقتناعه بأفكارها، حيث أوهمه لعلمه بحاجته إلى المال بعقد صفقة مربحة، تتمثل في الذهاب إلى فرخانة لجلب مبالغ مآلية مهمة تعود له، مقابل حصوله على ثلاث آلاف أورو منها، وهي المهمة التي اصطحب فيها عبد السلام صديقه رشيد على متن سيارته التي ركنها قرب مركز للمهاجرين، على بعد مسافة بضع مئآت من الأمتار من مركز الحدود بفرخانة. ووفق الرواية ذاتها، فان عبد السلام كان مرتبطا بفتاة جميلة تدعى فاطمة، تنتسب بدورها لنفس الجماعة، وبعد أن بذل مجهودا كبيرا لإقناعها بالانفصال عنها، كانا يخططان معا للسفر معا إلى مدينة برشلونة لإتمام إجراءات زواجهما، وهو ما جر عليهما سيلا من التهديدات المباشرة من قبل زعيم التنظيم الذي كان مغرما بها بدوره. وتؤكد الاعترافات التي أدلت بها فاطمة لمصالح الأمن الاسبانية بمليلية نفس هذه الرواية، وتقول إنها تلقت أكثر من تهديد على هاتفها المحمول من قبل زعيم الجماعة لترك خطيبها بدعوى خيانته لمبادى التنظيم، وهو إلحاح كان في العمق مغلفا بدوافع عاطفية، تضيف فاطمة التي خضعت على مدى السنتين الماضية إلى جلسات للعلاج النفسي بعد الصدمة القوية التي أصيبت بها فور علمها بالجريمة. وتثير هذه القضية، التي تتشابك فيها خيوط الحقيقة وتبادل الاتهامات بين السلطات الأمنية المغربية والاسبانية بخصوص عدم التعاون لتقدم الأبحاث بخصوص هذه الجريمة، الكثير من الأسئلة المحيرة. ووسط هذا الجدل ظلت الأسرتان تتنقلان بين مليلية والناظور، لمعرفة تطورات هذه القضية ومطالبة المسؤولين باجراء المزيد من التحريات على ضوء اتهاماتهما الصريحة لعضوي الجماعة المتشددة، من دون أن تشفع مطالبهما في تقدم مجريات البحث. وفي السياق ذاته، تعددت خلال السنوات الأخيرة حالات جرائم القتل المعروضة على أنظار النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالناظور، والتي لم تهتد التحقيقات الأمنية إلى الضالعين في اقترافها. وبالرغم من مطالب اسر الضحايا وإلحاحها المستمر في مطالبة العدالة بكشف الحقيقة المرتبطة بملابسات هذه الجرائم وإحالة الجندة على أنظار المحكمة، إلا أن العديد من هذه الملفات ما تزال عالقه. الصباح / عبد الحكيم اسباعي الناظور