وقف بآخر صف طويل منتظرا دوره لأجل ختم جواز سفره بينما شرعت عيناه في عد من سبقوه إلى الشباك، عادّا الدقائق التي تلزمه في استيفاء إجراءات الوصول إلى مطار النواصر وما إذا كان ذلك سيمكنّه من اللحاق بأول قطار.. "لقد وصلت بخير، سآتي مباشرة نحو سْبٍيطٓارْ السْوِيسي، كيف حال الوالد" يقول ذات الشاب لقريب هاتفه. تقدّم صوب "مراقبة الجوازات" مادّا وثيقته للشرطي الذي تلقّف منه أيضا بطاقة المعلومات.. نظر إليه المراقب مرتين عبر الزجاج وسأله عمّا إذا كانت له مشاكل مع العدالة.. "لا.." يردّ المسافر قبل أن يعقب جوابه المقتضب بابتسامة حين أخبره الشرطي بوجود مذكرة ضبط وإحضار تقترن باسمه. "المطلوب للعدالة" هو محمد الشرادي، شاب منحدر من الناظور، ذو وثيقة التعريف S361307، والذي حل بالمحطة الجوية الدولية للدار البيضاء على متن الرحلة AT833 التي تضمنها الخطوط الملكية المغربية انطلاقا من بروكسيل. اقتيد محمد من لدن الشرطي، أمام أنظار الجميع، بغرض استيفاء الإجراءات الأمنيّة التي تتطلبها حالته.. وضع بمكتب وراءه عنصر أمن في الوقت الذي تناقلت أجهزة ال"تالكي والكي" خبر سقوطه بعد طول بحث عنه.. "آشْ عندك الشْريف؟" يسأله الشرطي.. "وَالُو، غيرْ الوالد عيان ورَاه فمستشفى ابن سينَا وضروري نْمْشِي نشُوفُو مُور مَا عَاود تْطلْقُوني" يجيب الشرادِي بهدوء. ما طال الشاب المذكور تكرّر لثالث مرّة في حياته، وهو عدد الكرات التي حل بها عبر مطار محمد الخامس من بين عشرات الرحلات الجوية التي استقلها من أوروبا صوب الوطن.. "دخلت البلاد عبر مطارات عدّة، ولي مع مطار البيضاء ذكريات توقيف، هذه ثالثها، وكلها تنتهي بتركي عقب ساعتين أو ثلاث من التأخير" يقول محمّد . "كل المعابر الجوية المغربية تفطن إلى تشابه اسمي مع آخر مطلوب للعدالة، لكن أمنيّيها يفطنون إلى اختلاف رقم التعريف بيني وبين المبحوث عنه.. لقد ألفت هذا التعاطي معي من لدن شرطة مطار البيضاء، لكني هذه المرة أطالب بتحقيق يحدد المسؤولية في ما طالني ضمن وقت حرج كان يستلزم تنقلي السريع نحو الرباط لرؤية أبي وهو في وضع صحي حرج" يردف ذات المتحدّث. الشرادي، وهو الذي ينوي مغادرة المغرب بعد أيام، إذا ما تحسنت صحة والده، ختم بقوله : "هذه المرة سأذهب للمطار قبل 4 ساعات من الإقلاع، هذا حتى لا تفوتني الرحلة وأنا أنتظر 3 ساعات حتى يتيقن الأمنيون من هويتي التي ليست لأي من المبحوثين عنهم". تعليق