أظن أن جميع المغاربة لا زالوا يتذكرون ماحدث قبل تسع سنوات ، وبالضيط في 20 غشت سنة 2004 ، حيث تم إبلاغ شرطة تارودانت بوجود عظام بشرية بجوار واد الواعر، أسفر عن إنطلاق تحقيقات عميقة ، فقد تم إحالة ما عثر عليه على الطب الشرعي الذي تمكن من تحديد هويات الضحايا ، وعن أسباب و فاتهم في وقت قياسي ، حيث أشار التقريرالطبي الى أن ما عثر عليه عبارة عن رفات لثمانية أطفال فاصرين قتلوا خنقا بعد إغتصابهم . وبعد ذلك كثف المحققون بحثهم بطرحهم لمجموعة من الفرضيات عن أسباب ودوافع الجرائم المرتكبة ، وعثورهم على ورقة بواد الواعر بتارودانت تحمل إسم مساعد أحد باعة المأكولات الخفيفة بالمحطة الطرقية بنفس المدينة ، كانت كافية لفك لغز ماحدث ، حيث قاد عناصر الأمن الى إعتقال " عبدالعالي الحاضي " بمسكنه الصفيحي الكائن بالقرب من مقبرة بوذهب الذي إعترف بالتفصيل و بشكل تلقائي بجرائمه ، فقد صرح بأنه كان يركز على اصطياد ضحاياه من المتشردين ( المتسولون ، والحمالة ، وماسحو الأحذية ) ، بإعطائهم مأكولات خفيفة بالمجان ، ثم يستدرجهم بعد ذلك الى مسكنه الذي يقوم فيه بتخديرهم واغتصابهم ، ثم يخنقهم و يدفنهم تحت سريره ، و بعد ذلك يتخلص من رفاتهم بواد الواعر خوفا من اكتشاف جرائمه . وقد انصفت العدالة المغربية ضحايا تارودانت و أسرهم وحكمت على السفاح عبدالعالي الحاضي بالإعدام ، الذي لم ينفذ لحد الآن في حقه ، لكن بعض الأخبارتشير الى أنه يعيش في حالة خطر دائمة بسبب التهديدات الإنتقامية التي يتلقاها من بعض السجناء الغاضبين عن جرائمه ضد أطفال تارودانت . وقبل سنتين ونصف هزت الرأي العام المغربي جرائم أخرى لا تقل خطورة عن جرائم سفاح تارودانت ، إنها جرائم إغتصاب أطفال مغاربة ، إرتكبها الوحش العراقي الأصل و الإسباني الجنسية ، " دانييل فينو غالفان " ، التي تحدثت عنه مختلف الصحف المغربية و الإسبانية و الفرنسية … الخ . وقد أشارت صحيفة الباييس الإسبانية الى المجرم المذكور وذكرت بأنه قد اغتصب 11 طفلا مغربيا ذكورا و إناثا أصغرهم عمره 3 سنوات و أكبرهم يبلغ حوالي 15 سنة ، وقام بتصويرهم بأشرطة فيديو ، عثرت عليها الشرطة في شقته ، أحيل على إثرها على القضاء حيث أدين في أواخر سنة 2011 بالسجن لمدة 30 سنة ، و بتعويض كل ضحية بمبلغ مالي قدره 50 الف درهم مغربي ، وقد سادت حالة من الفرح في قاعة المحكمة وفي كل أنحاء المغرب بعد صدور الحكم المذكور، الذي أنصف الضحايا و أسرهم و أقاربهم و كل المغاربة . لكن قرار وزارة العدل والحريات المغربية الأخير الذي أطلق سراح 48 إسبانيا من بينهم الوحش دانييل ، نزل كالصاعقة على كل المغاربة ، وعلى بعض الأجانب المدافعين على العدالة و الطفولة و حقوق الإنسان ، حيث أساء ذلك الى أطفالنا من داخل و خارج الوطن ، واعتبرهم كبضعة رخيصة لا قيمة لها ، ومنهم من يستغرب رغم صغرهم من إطلاق سراح مجرم وو حش إغتصب إخوانهم وعاد الى إسبانيا بدم بارد و بأقل خسارة ، حيث لم يعوض الضحايا ، ولم يقض مدة العقوبة الصادرة في حقه . هناك من يستغرب من العدالة المغربية التي تتعامل بمكيالين في بعض القضايا الحساسة و المتشابهة ، فالوحش دانييل يشبه الى حد كبير سفاح تارودانت المذكورالذي تم الحكم عليه بالإعدام ، ولم يستفد من عفو و لا تخفيف ولا من تحويل مدة عقوبته الى حبس محدد ، رغم أنه مواطن مغربي ، و يعاني من مرض نفسي نتيجة تعرضه لاغتصاب متكرر في طفولته ، فما الفرق إذن يا وزير العدل و الحريات بينه وبين الوحش دانييل ؟ تشير صحيفة الباييس الإسبانية الى إحتمال تورط المخابرات الإسبانية في العفو على دانييل لأنها لا ترغب في رجل كان يشتغل معها في سجن مغربي خشية تسريب أسرارها للسجناء المغاربة ، خاصة بعد صدور بيان للناطق الإعلامي بالقصر الملكي الإسباني ، الذي أشار فيه الى أن العاهل الإسباني خوان كارلوس قد تدخل لصالح معتقل إسباني واحد يعاني من المرض ، وتجاوز عمره 60 سنة ، اعتقل بالمغرب بسبب علاقته بالإتجار الدولي في المخدرات ، وهناك روايات أخرى تشير الى إحتمال وقوع موظفي الديوان الملكي المغربي في الخطأ حيث لم يدققوا في لائحة العفو قبل إرسالها الى وزارة العدل و الحريات و التي كانت تضم دانييل ، خاصة وأن الملك المغربي لم يكن يعرف جرائمه . أظن أن إطلاق سراح دانييل سيكون ملفا ساخنا داخل إسبانيا في الأيام القادمة ، حيث دخلت بعض منظمات حقوق الإنسان ، ومعارضي حكومتها على الخط ، يهدفون الى معرفة بالضبط ماحدث ، وعلى وزير العدل والحريات المغربي مراجعة أوراقه باتخاذ إجراءات صارمة لتقنين شروط العفو بحيث يجب أن تستثني مغتصبي الأطفال والمعوقين و النساء و الضعفاء … الخ ، والمجرمين الذي يشكلون الخطر على البلاد و العباد حفاظا على سمعة وكرامة جميع المواطنين المغاربة من طنجة الى الكويرة ، وأن يعمل بتنسيق مع الحكومة الإسبانية لإعادة دانييل الى السجن لإطفاء النيران التي تحرق صدورالغاضبين الإسبان والمغاربة .