قيل عنه إنه مريض نفسيا، ووصف بالذكي لاختياره لضحاياه من الأطفال المتشردين، وأثار ببروده حفيظة المحققين وهو يسرد أدق تفاصيل ما قام به، لكن المؤكد أن عبد العالي الحاضي حول هدوء مدينة تارودانت إلى صخب حين كشف النقاب عن سلسلة جرائم اغتصاب وقتل ذهب ضحيتها ثمانية أطفال. كانت المكالمة الهاتفية، التي تلقتها مداومة أمن تارودانت، كفيلة باستنفار جميع عناصرها، رغم أن ذلك اليوم (20 غشت ) 2004 صادف مناسبة الاحتفال بذكرى ثورة الملك والشعب، فقد تم الإبلاغ عن وجود جماجم وهياكل عظمية بشرية قرب مجرى الواد الواعر. أظهرت أولى التحريات أن الأمر يتعلق برفات لثمانية أشخاص، وتمت إحالة الهياكل والجماجم على مركز الطب الشرعي لإخضاعها للتحليل من أجل تحديد جنس الضحايا وسنهم وأسباب الوفاة. لم يتأخر تقرير الطب الشرعي، الذي جاء فيه أن الضحايا أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 10 و17 سنة تم اغتصابهم ثم قتلهم خنقا قبل ثلاثة أعوام. انطلق التحقيق وتم تدعيم فريقه بعناصر من الدرك الملكي والشرطة القضائية من أجل فك لغز الجريمة بأقصى سرعة ممكنة، وتم وضع العديد من الفرضيات التي دفعت الجاني إلى اقتراف سلسلة جرائمه، حيث تم ربطها بشبكة للاتجار بالأعضاء البشرية، غير أنه رجح في النهاية أن يكون الاستغلال الجنسي هو السبب الثاوي خلفها، وحامت الشكوك حول عدد من ذوي الميولات الجنسية الشاذة من الأجانب قبل أن تبرأ ذمتهم. عاد الفريق المكلف بالبحث إلى الواد الواعر حيث عثر على رفات الأطفال لعله يجد دليلا ماديا يقوده إلى الجاني. وكاد أفراد الفريق يعود خالي الوفاض لولا أن ورقة صغيرة متسخة وقع نظر أحد أعضاء الفريق عليها فالتقطها، وحين تمعن فيها وجد مكتوبا عليها باللغة الفرنسية» hadi». كانت هذه الكلمة المفتاح الذي قاد إلى الجاني الذي لم يكن سوى مساعد لأحد باعة المأكولات الخفيفة بالمحطة الطرقية لتارودانت يدعى عبدالعالي الحاضي. توجهت دورية الأمن إلى منطقة بويكيدو بالقرب من مقبرة بوذهب حيث يقيم عبد العالي الحاضي بمسكن صفيحي، وكانت مفاجأتهم كبيرة حين فتح لهم الباب قائلا :«على السلامة.. كنت كنتعذب بزاف راني كنت كنتسناكم، وما بقيتش قادر على النعاس، كنحلم بالدراري اللي قتلتهم واقفين على راسي، وغير البارح جاو وكبلوني ورموني بالجمر». خلال مرحلة الاستنطاق لم يبد المتهم أي توتر أو خوف، واعترف بكل جرائمه بأدق التفاصيل ببرودة أثارتحفيظة المحققين. وصرح الجاني بأنه كان يتصيد ضحاياه بالقرب من محطة الحافلات الرئيسية باعتبارها أكثر الأماكن التي يتردد عليها الأطفال المتشردون الذين يمتهنون في الغالب الحمالة أو التسول أو مسح الأحذية. وأضاف أنه كان يتقرب منهم بمنحهم مأكولات مجانية، ثم يستدرجهم إلى كوخه وهناك يقوم بتخديرهم ويمارس عليهم الجنس وهم مقيدون، لينهي الأمر بوضع كيس بلاستيكي على رؤوسهم وخنقهم حتى الموت ويدفنهم تحت السرير حيث ينام. وحين تناهى إلى سمعه أن صاحب الأرض قرر تحويل البقعة الأرضية إلى إقامات سكينة خاف من افتضاح أمره فأخرج رفات الضحايا ورمى بها بالواد الواعر. وكشف الحاضي أنه عاش طفولة قاسية بعد وفاة والدته وزواج والده بأخرى، وأنه خلال المرحلة الفاصلة بين الطفولة والشباب تعرض لحادثة اغتصاب من مجموعة من شباب المنطقة، خلفت ذكرى سيئة في نفسه جعلته ينتقم من الأشخاص الذين اغتصبوه بممارسة نفس السلوك على ضحاياه غير أن الانتقام داخله تطور إلى درجة القتل. ألقي القبض أيضا على صاحب دكان مجاور لكوخ الحاضي بتهمة عدم التبليغ لأنه كان على علم بأن الحاضي يصطحب معه أطفالا إلى مسكنه ولا يظهر لهم أثر بعد ذلك. كما تم اعتقال آخر يعمل حمالا بالمحطة كان على علم بشذوذ الحاضي. وسط حراسة أمنية مشددة أعيد تمثيل جرائم القتل، التي أعادها الحاضي بكل برودة حتى إن الطفل الذي كان يقوم بتجسيد دور الضحايا، بدت عليه علامات الخوف فبادره الجاني قائلا: «ما تخافش راحنا غير كانمثلو ما شي بصاح هاد الشي».حوكم عبد العالي الحاضي على جرائمه وصدر في حقه حكما بالإعدام، وحين سأله القاضي قائلا: «هل أنت نادم؟» أجابه:«داك شي بيني وبين سيدي ربي آسيدي».