حبال وشباك ومتاهات. دقيق وملح وسكر، بيضاء فاقع لونها لا تسر الناظرين. يا من لم تصلك قفة الذل من الفئران؟ كيف مر عليك العام؟ الناس الذين أكلوا خبزا و شربوا ماء ثم قالوا سمعنا وأطعنا. والذين يعلمون وعطلوا وطافوا بالقبة صارخين، أولئك لهم عذاب الهراوة ولهم عذاب الحريق. تهوى عليهم هراواتنا ويطوف بهم جندنا من كل جانب ولهم في سجلاتنا علامات وحروف. والذين هاجروا وضنوا أنهم ناجون، أرددناهم بقرا حلوبا وهم لا يشعرون. كلما زارونا نسلخ جلودهم ونذلهم ونقهرهم، وإذا تعبوا وملوا بدلناهم طرقا أخرى ثم أرددناهم لا يبصرون. إن الشعب كان غفور رحيم، تسري في عروقه دم من حب وطن عزيز. أقسموا أن يجعلوا من هذه الأرض جنة النعيم، فيها يعيشون وفيها يسعدون. حماقات ووباء و خزي وعار ملأ الدنيا، فأصبحوا خاسرين، يبكون حضهم عند ربهم ويندبون وهم صاغرين. حمير و كلاب و ذيل خنزير حكيم، يفتي في الناس أن انكحوا الموتى والموز والجزر العتيد. آخر ينبح من بعيد أن أطيعوا مولاكم ولو أنه أكل حقكم وترككم جائعين. يغدق عليهم مولاهم بحديد فيه بأس شديد وموت للناس. كلما قتل منهم فوج دفنوا بالمجان وتركوا أرامل و يتامى تصيح عند ربها ظلما ما أنزل من السماء. نساء قاصرات وأخرى ناقصات عقل، تغتصب مرارا ثم تنجب أطفالا نعمر بها شوارع مدينتنا ونزيد في جيش الحرمان والعذاب. شباب مبوق بعطور نشرناها في الجبال معاشا للماكرين. شراب أنزلناه بمحلاتنا حل شرابه عند الميسورين ومحرم على العبد الفقير. اشربوا وتبوقوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الأسود من الغدر. مركبات فاخرات أعدت للمحظوظين، الذين لم يتعبوا يوما ولم يذوقوا فلقات الفقيه. الذين يشربون الدم الأحمر في كأس بريء، وإذا أصابهم الزكام طاروا إلى مكان بعيد. يتبعهم بنون زاد الشحم عن لحمهم و يلبسون حلة من آخر صيحة للموضة، لكنهم عن المشي عاجزين. ولدتهم أمهاتهم في قارات أخرى أو بلاد الإفرنج ليكونوا جنسا آخرين، ليسهلوا هروبهم يوم يأتي الطوفان من بعيد. آخرون ثبتوا مؤخراتهم فوق حقائب أعدت ليوم الرحيل، يأكلون مال الغير وينتظرون يوم الزحف العظيم. قصور وخيل وذهب وحرير، فيها مال اليتيم والأرامل والطفل الضرير. تمتعوا قليلا إنكم مجرمون، مآلكم عند واد عميق، يسوقكم يوم الحساب أمام الوطن الجريح. الحمد لله الذي لم يجعل الشمس والريح في يد المفسدين، حتى لا نؤدي عنها إتاوات ونحن صامتون. لن ننتظر النعيم في جنات عدن ولن نكون من المغفلين، بل سننزع حقنا من كل نصاب أثيم. سوف نعليها كلمة حق ونجهر بها أمام العالمين. مكاننا في الشمس لا في الظلام المخيف، عند أقدام كل جبار خبيث. الفئران سنجمعها ليوم معلوم، نشنقها بخيوط من علم وكلام وجيه. ونجفف جلودها لتكون عبرة لمن طغى وكان يخيف. ''التشابه في الأسلوب مع نمط القرآن الكريم ليس استهزاء بكلام الله عز وجل وانما اعجاب ببلاغة كلام الله عز وجل وقوة تبليغه''