الكاتب الرباط- حسن الأشرف العربية السبت, 25 سبتمبر 2010 15:41 ذكر القسم المعد للنشرات السنوية التي تصدرها شركة "المغربية للألعاب"، أنه يوجد بالمغرب أكثر من ثلاثة ملايين ممارس لألعاب القمار، ويزداد العدد عاما بعد عام، مما يضخ في صندوق قطاع الرهان مبالغ ضخمة ناهزت 2 مليار و600 مليون درهم مغربي سنة 2006، عدا أنشطة "الكازينوهات" التي تجذب إليها الأغنياء ورجال الأعمال. وتمارس الشركات المغربية الثلاثة، التي تهيمن على سوق ألعاب الرهان والحظ والقمار، أنشطتها في إطار القانون المغربي. وتجذب أنشطة "الكازينوهات" الأغنياء ورجال الأعمال. وشركات ألعاب القمار تروج هذه الأموال الكبيرة بدورها في مشاريع ربحية أو "تنموية" في مجالات الرياضة وبالأخص في ميادين ألعاب الحظ والرهان والقمار بشتى أنواعه وأصنافه. السياحة والقمار والقانون وأكد محمد السربوتي، أحد أطر قطاع الرياضة بالمغرب، أن الشركات المغربية الثلاثة التي تهيمن على سوق ألعاب الرهان والحظ والقمار تمارس أنشطتها في إطار القانون المغربي رغم ما قد يحدث أحيانا من اختلالات مالية في التسيير المالي لبعض هذه الشركات التي تراقبها الدولة من خلال الفحص المالي. وأبرز أن الحكومة المغربية تسمح من جانب آخر لشركات القمار الأجنبية وتمنحها رخص الإنشاء داخل الأراضي المغربية مادامت تنضبط بأداء مستحقاتها الضريبية التي تودع في ميزانية الدولة، وتلتزم أيضا بإجراءت القانون المنظم لمثل هاته الشركات، مثل الالتزام باحترام القانون المغربي والمساهمة في تنشيط السياحة المغربية وخلق فرص الشغل، لكن خاصة التشديد على أن لا تكون شركات أو "كازينوهات" القمار هذه وسيلة لما يسمى بغسيل الأموال القذرة أو تبييض الأموال عن طريق أنشطة القمار والأموال المتحصل منها، وزجر من يقوم بذلك سواء الأشخاص الذين يشتغلون، أو يسيرون كازينوهات أو مؤسسات ألعاب القمار. و تنشط هذه الشركات عادة ضن جسم مشاريع سياحية، فمن المعلوم، يردف السربوتي، أن المغرب يتوجه بقوة نحو تشجيع السياحة لأنها تدر عليه عائدات مالية مهمة، وما إن يتم الإعلان عن مشروع سياحي كبير بالمغرب حتى تتدفق معه طلبات ترخيص "كازينوهات" القمار جديدة تقدم إلى مكتب الوزير الأول المغربي، حتى ينظر في الترخيص لها، لعلها تنضاف إلى "الكازينوهات الستة الموجودة بالمغرب، ومنها الكازينو المعروف"موفينبيك" بمدينة طنجة الذي يعتبر أكبر "كازينو" في العالم العربي باحتوائه على عشرات ألعاب القمار التي لا يدخلها إلا الأثرياء. وقد قوبل الترخيص لهذا الكازينو برفض شديد من بعض الفعاليات بالمغرب ومن أبرزها حزب العدالة والتنمية المعارض الذي أثار مسألة الترخيص لهذا الكازينو تحت قبة البرلمان في عهد الوزير الأول السابق عبد الرحمان اليوسفي. تشجيع رسمي للقمار وأسباب إقبال الكثير من المغاربة على ألعاب القمار متعددة تتوزع بين دوافع اقتصادية وسياسية واجتماعية، يلخصها الباحث المغربي الأستاذ الحسن السرات في تصريح للعربية نت بقوله: "أول هذه الأسباب التشجيع الرسمي لألعاب الحظ والقمار وتبنيها من قبل الحكومة المغربية، إذ تدخلها ضمن الأنشطة الاقتصادية التي تعتمد عليها، خاصة في تمويل وتسيير الرياضة بالمغرب (شركة "المغربية للألعاب" مثلا ساهمت عام 2006 في تقديم 7 مليارات سنتيم مغربي كدعم للصندوق الوطني لتنمية الرياضة، ومن المرتقب أن يصل هذا الدعم إلى 100 مليون درهم في أفق موسم 2008/ 2009). كما أنه يتم فتح المجال أمام وكالات القمار وفروعها بجميع المدن المغربية، فالموقف الرسمي يشجع الناس على القمار". نشاط دولي وتوظيف سياسي ويردف السرات مبينا سببا ثانيا في ذيوع القمار وتفشيه في المجتمع المغربي، حيث إن "المستثمرين العالميين في ألعاب القمار والكازينوهات ينشطون بكثرة في الميدان"، ولعل أبرز مثال ماتقدمت به الشركة الفرنسية المعروفة في مجال القمار وألعاب الرهان "فوكيتس باربير" التي تسعى لإنشاء "كازينوهات" و"صالات لعب" جديدة ضمن المشاريع السياحية التي تحتضنها بعض المدن المغربية التي تحظى بسمعة وشهرة في المجال السياحي وبقدرة على التنافسية في استقطاب سياح جدد. ويضيف الباحث المغربي سببا اجتماعيا لظاهرة انتشار ألعاب القمار بالمغرب، ف "الدراسات تبين أن المقامرين فيهم الفقراء والأغنياء؛ أما الفقراء فيحلمون بالثروة يوما ما ويعيشون في الوهم ويهربون من الواقع بالإدمان وجنون القمار ويصبحون بذلك مصدر خطر على أسرهم وعلى المجتمع، وهم مستعدون لبيع كل شيء وارتكاب أي شيء للحصول على هذه الثروة والخروج من الفقر، دون أن يتحقق لهم ذلك، فلا هم يحصلون على الثروة ولا هم يحافظون على استقرار بيوتهم المهددة بالطلاق وتشريد الأبناء وبيع الأثاث وقطع العلاقات الأسرية. وأما الأغنياء، يوضح السرات، فإنهم يقامرون لأنهم مصابون بجنون القمار، ولارتباطه بالخمر والمسكرات والجنس. هذا فضلا عن التوظيف السياسي لجنون القمار في إغراق طائفة من المجتمع في نوع من أنواع اللهو وشكل من أشكال الاستعباد حتى لا يكونوا مصدر قلق وإزعاج للمسؤولين السياسيين". تقريب القمار من مستعمليه ويقر المحامي عز الدين ماني بأنه من الصعب ضبط مخالفات شركات القمار ، رغم أن مآسيها الاجتماعية التي تخلفها واضحة للعيان، من تشريد للأسر وأزمات نفسية وصحية يتعرض لها المقامرون وذووهم، كما يصعب ضبط الأموال الكثيرة التي يجنيها أصحاب الكازينوهات ويخرجونها من المغرب إلى بلدانهم بالعملة الصعبة. والمشكلة، يضيف المحامي المغربي ، أن مسلسل الخصخصة الذي يعرفه قطاه ألعاب الرهان والحظ والقمار بالمغرب سيزيد من تعميق جروح المشاكل الاجتماعية التي يخلفها القمار بالمغرب ويقرب القمار أكثر من المغاربة لمزاولتها والإدمان عليها". ثقافة القمار وتفشي القمار في بعض شرائح المجتمع المربي بين صغاره وكباره، بين أغنيائه وفقرائه يفضي إلى ما يمكن تسميته "ثقافة القمار"، وهي ما يعتبرها الباحث في علم الاجتماع الدكتور عمر حمداش أفكارا تدعو صاحبها إلى تصور الحياة مجرد ضربة حظ فقط، يمكن للاعب أن يحصل يوما على فرصة عمره من خلال لعبة واحدة قد تأتي في أية لحظة. ويؤكد هذا الباحث أن مثل هذه القيم هي قيم مخالفة بشكل كبير لما هو مطلوب ومحبذ ، حيث يستوجب النجاح وإنجاز المشاريع جهدا وبذلا وعطاء وكلها عناصر تفضي بمن يقوم بها إلى بلوغ أهدافه في الحياة، عوض الاتكال على ضربة حظ ينتظرها الشخص ويبذل من أجلها ماله ووقته وأعصابه، وذلك كظمآن يجري وراء سراب يحسبه ماء ، يلهث وراءه ليمسكه لكن دون طائل. ويخلص حمدوش إلى أن "ثقافة القمار هدفها هو اقتناص فرصة الربح من أجل تحقيق ما لا يمكن أن يتحقق عبر الجهد الحقيقي لإنتاج الأرباح أي جهد العمل ومراكمة نتائج ذلك المجهود". إدمان وطمع وطلاق وإذا كان العائد المالي بالنسبة لأصحاب شركات ألعاب القمار والرهان عائدا خياليا، فإن الذين يلعبون القمار وأدمنوا عليه لا يجنون من ورائه في العادة إلا الندم وعض الأنامل غيظا وحسرة على مستقبل لم يدركوه وواقع بئيس أرادوا الفكاك منه. سعيد، مثال لأحد المقامرين المهووسين بالقمار، كان موظفا بسيطا، فما لبث أن أدمن بسبب صديق له على إحدى لعب القمار (سباق الخيول)، وصار لا يفارق المقاهي التي تبث مباشرة السباقات الدولية، ويذهب ليحضر السباقات الوطنية داخل المغرب، كان حلم حياته أن يحقق لأبنائه مستوى ماديا أفضل، فوظيفته الصغيرة لا تسمح له بأن يحقق أحلامهم كلها، وكان يأخذ من راتبه في الأول للعب القمار، ولأنه لم يفز ولو مرة واحدة، والطمع اشتد في نيل ضربة حظ تنقذه مما هو فيه، شرع يبيع أثاث المنزل من أجل اللعب؛ مما عرضه لغضب الزوجة وخصومات لا تنتهي حتى حدث الطلاق بينهما، وصار سعيد يقضي جل أوقات نهاره وليله في المقهى متابعا حوافر الخيل. لقراءة التقرير من موقعه: http://www.alarabiya.net/articles/2007/07/30/37103.html