تطور اقتصاد ألعاب الرهان والحظ والقمار بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، وبدأ يحقق أرباحا ومداخيلا لخزينة الدولة، إلا أن كفة التداعيات السلبية، سواء الاقتصادية أو الاجتماعية، راجحة على حساب ما يحققه هذا الاقتصاد، بسبب فقدان قيمة العمل والإنتاج على حساب ألعاب الرهان والحظ، وتنامي نسبة الاختلالات الاجتماعية الناتجة عنه، من تفكك أسري وارتفاع للمديونية، ومن ثم فإن ما تحققه الدولة جراء هذه الألعاب تفقده في مجالات أخرى، ليدخل المغرب حلقة مفرغة، لاسيما وأن 10 في المائة من ساكنته دخلت في هذه الحلقة. اقتصاد القمار أصبحت ألعاب الحظ والرهان والقمار اقتصادا قائما، بسبب الأرباح التي يحققها خلال السنوات القليلة الماضية، وتطور وانتشار فروعها ومواكبته لكل التطورات، فكيف تطور صرح هذا الاقتصاد التي يخلف وراءه العديد من الانتقادات، بسبب التداعيات الاجتماعية، وخطورة تنامي الظاهرة تحت الغطاء القانوني ورفض المجتمع له. بدأت الشركات التي ترعى هذا الاقتصاد تحقق أرباحا كبيرة، إذ أكدت الشركة المغربية للألعاب والرياضات، ارتفاع المبيعات بـنسبة 80 في المائة خلال السنة الماضية، لترتفع إلى سقف650,4 مليون درهم، وحققت أوراق اليانصيب أعلى معدل ب413,1 مليون درهم، بارتفاع ناهز 91 في المائة، وفق بعض التقارير الصحفية. وبدأت مساحة هذا الاقتصاد في التوسع؛ على اعتبار أن نحو 3 ملايين مغربي أي 10 في المائة من المغاربة يتعاطون لألعاب الحظ والرهان، وأن مليون مغربي يصنف على أنه لاعب منتظم يلعب مرتين على الأقل في الشهر، فيما يعتبر 2 مليون منهم لاعبين مؤقتين يتعاطون لتلك الألعاب ما بين 3 إلى 4 مرات على الأقل في السنة. وحول أسباب تنامي هذا الاقتصاد، أبرز عمر الكتاني أستاذ الاقتصاد الجامعي أن تغاضي الدولة عن مبدأ تحريم هذه الألعاب، بالإضافة إلى غفلة العلماء عن فتاوى لتأكيد هذا التحريم، والمطالبة بتوقيف هذه الظاهرة، والدولة تجهل أن مداخيل هذا الاقتصاد لا بركة فيه، وحتى إذا كانت المداخيل مهمة، فإنها مضيعة للمال العام. وقال إن الفئات الفقيرة هي التي تسهم في هذا الاقتصاد، حسب العديد من التحريات، معتبرا أن اعتماد هذا الأسلوب هو لبث الأمل في روح هذه الفئات، وهو نوع من الإبتزاز. كلفة على الرغم من أن هذا الاقتصاد يحقق أرباحا كبيرة، ويضخ في ميزانية الدولة أموالا كبيرة، خصوصا في الجانب الضريبي، إلا أن كفة الكلفة الاجتماعية تبقى راجحة. وأشار الكتاني إلى أن ما تربحه الدولة في جهة، يخسره المجتمع والدولة في جهة أخرى، إذ إن الكلفة الاجتماعية تتجسد في ارتفاع الوافدين على السجون، وارتفاع نسبة الطلاق التي سجلت 70 في المائة في بعض المناطق، معتبرا أن الكلفة الاجتماعية كبيرة. وتتجسد التداعيات السلبية للظاهرة في تجاوز القيمة الاعتبارية للعمل، وقيمة الإنتاج، والاعتماد على ألعاب الحظ والقمار، وهي تتناقض مع القيمة الاجتماعية المبنية على التنمية البشرية حسب الكتاني. وتنفق فئة المغاربة المقامرون عن طريق ألعاب الحظ والرهان نحو7,2 مليار درهم خلال سنة ,2006 منها 2 مليار درهم من مجموع الأرباح في مجال ألعاب الخيول، و11,4 مليون درهم في ألعاب اللوطو. شركات وتشرف 3 شركات على هذا الاقتصاد، الرهان المتبادل الحضري المغربي، مؤسسة اليانصيب الوطني، المغربية للألعاب والرياضات. وتتمثل هذه الشركات في المغربية للألعاب والرياضات المختصة في الرهانات الرياضية، وتعتبر شركة مجهولة الاسم، تملك خزينة المغرب 90% من رأسمالها، كما تحتكر تنظيم واستثمار جميع الألعاب الرياضية في الداخل والخارج، ما عدا ألعاب سباق الخيول واليانصيب الوطني كما جاء في القانون الرسمي المنظم لعملها، ولها أزيد من 2300 فرع، حيث تتصدر قائمة الألعاب الأكثر رواجا لعبة طوطوفوت التي يشارك فيها حوالي 420 ألف لاعب دفعوا من جيوبهم 108 ملايين درهم، وتتبعها بعد ذلك لعبة كوتي فوت بحوالي 261 ألف مشارك راهنوا بمبلغ 118 مليون درهم، ثم هناك مؤسسة اليانصيب الوطني التي تتعامل بألعاب لوطو وكينو وكواترو. وأخيرا الرهان المتبادل الحضري المغربي (PMUM) التي تتعامل في سباق الخيول. بين القانون والمجتمع يعرف اقتصاد القمار تطورا تحت غطاء قانوني على الرغم من الرفض المجتمعي له، إذ تعتبرألعاب الحظ واليانصيب صناعة في إطار الاقتصاد الليبرالي الحر، تدخر لها الأموال الباهظة، لاسيما القمار العالي المستوى، في الكازينوهات والنوادي المتخصصة في ذلك. وسبق لشكيب بنموسى، وزير الداخلية، أن أكد أن القمار عبارة عن أنواع من الألعاب والرهانات التي ينظمها القانون، وأن الألعاب المتداولة في الكازينوهات، والتي تخضع لمقتضيات تنظيمية تؤطر هذا القطاع، تتم مزاولتها وفق ضوابط منصوص عليها في دفتر التحملات، والتي تسهر مصالح الأمن الوطني على تنفيذها، وأن مزاولة هذا النوع من الألعاب يندرج في إطار تشجيع الاستثمارات السياحية. كما أكد الكتاني أن الغطاء القانوني لهذا الاقتصاد أكبر تمويه؛ على اعتبار التناقض بين القوانين المغربية التي تحث على عدم التعامل بالمال الحرام والغش وكون القانون يبيح ذلك، بالإضافة إلى تحريم العلماء للظاهرة. تطور تعود الأسس الأولى للاقتصاد إبان الاستعمار، حيث أنشئت الكازينوهات ليقامر فيها الأجانب، وكان المغاربة ممنوعين شرعا وقانونا من ولوجها، غير أن الوضع تغير، وأصبحت متاحة لعموم المغاربة، بالرغم من أن القانون الجنائي يعاقب كل مغربي يجلس في طاولة قمار بغرامة تصل إلى 50 ألف درهم، ويوجد بالمغرب ست كازينوهات؛ ثلاثة بمدينة أكادير، واثنين بمدينة مراكش، وواحد بمدينة طنجة، ويمارس بالكازينوهات ألعاب القمار، سواء المعروفة بالطاولة أو آلات اللعب. وبخصوص مداخيل الكازينوهات، فتتراوح ما بين 12 و22 مليون درهم سنويا بكازينوهات أكادير، تخصص منها 55 في المائة للمصاريف، بينما تبقى نسبة 45 في المئة للأرباح. حسب تقارير صحفية تابعت الظاهرة، مؤكدة أن حوالي 90 في المائة من زبناء الكازينوهات مغاربة من كل مختلف فئات المجتمع وكبار رجال الأعمال، فيما تتوزع النسبة الأخرى بين مواطنين خليجيين وآخرين من أوروبا. وتعتبر لعبةالمليونير آخر صيحة في عالم الرهان ذي المستوى العالي، التي طرحتها الشركة المغربية للألعاب والرياضات المتخصصة في الرهانات الرياضية، والتي أسهمت عام 2006 حسب نشرتها السنوية، في تقديم 7 مليار سنتيم مغربي؛ كدعم للصندوق الوطني لتنمية الرياضة، ومن المرتقب أن يصل هذا الدعم إلى 100 مليون درهم في أفق موسم ( 2008/ 2009).