خبر أسرار الصحراء، التي لا تبوح بها، إلا لعاشقها، حفظ منذ الصغر، مرافقا لوالده الفقيه في تجواله مع الرحل بالصحراء، ما تيسر وما سمح به عمره آنذاك، بمنطقة أسا الزاك، مكان المولد .. محمد الغيث ولد كين الشاعر الذي لانت له القوافي الحسانية والكلمات فأصبح نديما لها . باح محمد الغيث ولد كين، لوكالة المغرب العربي للأنباء، ببعض من علاقته المعقدة والجميلة والأبدية، في ذات الوقت، بالشعر الحساني ..بدأت العلاقة مع النظم، بحسن السماع والإنصات في مجالس " الفطاحل" ضيوف الأب داخل الخيام في جلسات سمر تحيل، بأوتادها ووبرها وإبلها وسكونها الناطق بالجمال، الى القصيد. حفظ واستوعب ما كانت تجود به قريحة كبار الشعراء حينها، واكتسب، مع مرور الأيام، يقول في البوح للوكالة، ملكة شعرية وشنف أسماعه بالإيقاعات المختلفة التي تضبط الشعر الحساني، ل"يتجرأ" بعد ذلك على محاولة النظم في مرحلة الشباب مع النمط الشعري الحساني المعروف في الصحراء المغربية ب"الكطع"، أو المبارزة الشعرية بين شاعرين أمام مرأى ومسمع المتسامرين على إيقاعات الدفوف . ويقر ولد كين، وهو الآن في عقده السادس من عمره، والذي تربى في بيئة تحتفي بتراث البيظان ووسط أسرة صحراوية محافظة تنحدر من إقليم اسا الزاك، بتأثيره ببيئته بقوة، الأمر الذي انعكس على شعره بطغيان تيمات البادية والترحال وعلاقة الانسان بالصحراء والماشية والخيمة. كما يرى هذا الشاعر أن الشعر الحساني، الذي يتميز بأوزان وبحور كثيرة، أهمها "لبتيت" و "مريميدة"وفاغو" و"بوعمران"، هو بالدرجة الأولى "تربية" و"مدرسة" تنهل منها القيم ، لا سيما إذا كان نابعا من القلب مصاغا بالصدق ليصل الى القلوب غزلا عذريا أو ورثاء أو فخرا. وفي هذا العمر ، يصر ولد كين على لفت انتباه الجيل الجديد من الشعراء الى الغوص في المعنى، والالتزام الأخلاقي باعتبارهما، في نظره، من عناصر نجاح الشاعر في أن يكون قدوة ومدرسة كما كان ، منذ القدم ، في المجتمع الحساني الذي لا تخلو مناسبة حياتية بالصحراء من شعراء وموسيقى . وغير بعيد عن الشعر والثقافة، تحدث ولد كين عن علاقته بالتمثيل ، ولا سيما على خشبة المسرح ، حيث وقف على الركح في أعمال مسرحية بالعيون في الستبعينيات من القرن الماضي. كما أتيحت لي الفرصة ، يقول في ذات الدردشة مع الوكالة، في السنوات الأخيرة للمشاركة في عدة أعمال تلفزيونية وسينمائية بتث في قناة العيون الجهوية، منها مسلسل (غزي انيمش) الذي بثت حلقاته في رمضان 2017، و مسلسل "حاسي العطش". وبعد أن عادت به الذاكرة الى الوراء قليلا وبالضبط فترة الشباب ، حكى عن قصة انخراطه في صفوف القوات المسلحة الملكية كجندي، وتقاعده منها مبكرا بعد إصابته في حادثة سير، وامتهانه ، بعد ذلك، للتجارة والأعمال الحرة. شارك ولد كين، الذي أصدر سنة 2012 ديوانا شعريا ضم بين دفتيه جزء يسيرا من قصائده، في عدد من الملتقيات الثقافية والشعرية في المغرب كشاعر، وكعضو في لجان تحكيم في مسابقات شعرية ، مشيرا ، على سبيل المثال لا الحصر، الى مسابقة شعرية نظمها اتحاد الأدباء الحسانيين بمدنية الداخلة سنة 1995 ،بمناسبة ذكرى استرجاع وادي الذهب، والتي حاز فيها على الجائزة الأولى . شغل ولد كين عدة مسؤوليات جمعوية، منها مستشار هيئة اتحاد الأدباء الحسانيين، وعضو اللجنة المركزية للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين والمتقاعدين العسكريين، التي شارك في إطارها ، ممثلا لمغرب، في ملتقيات بالسعودية وليبيا وغانا