أكدت مشاركات في ندوة ثقافية، نظمت مؤخرا بالداخلة حول موضوع: "ظاهرة التبراع في الشعر الحساني"، أن "التبراع" يعد إبداعا شعريا تن ظمه المرأة المغربية الحسانية وفق شروط فنية ومعرفية، ويأتي هذا الشعر تعبيرا خاصا لصوت المرأة. ويندرج تنظيم هذه الندوة الثقافية، التي نظمتها المديرية الجهوية لوزارة الثقافة بجهة الداخلة وادي الذهب، في إطار فعاليات النسخة الأولى من تظاهرة "الداخلة إبداع بصيغة المؤنث" من 13 إلى 14 دجنبر الجاري، بدار الثقافة الولاء بالداخلة. وأوضحت المشاركات أن الشاعرة الحسانية مثلها مثل الشاعر الحساني، تن ظم في كل أنواع الشعر الحساني المعروف ب"لغن"، غير أنها تتميز بشكل "التبراع"، الذي يعبر عن حالتها الشعرية الخاصة، وعبره تقدم تعريفا بذاتها، ليس عبر تمجيد الذات، والانتصار لضميرها، أو عبر تحويل ذاتها إلى موضوع منظور إليه، وإنما تأخذ المرأة – الشاعرة في شعر "التبراع" موقع الذات الفاعلة في نظم الحالة، وإدخال الآخر، أي الرجل، إلى الشعر باعتباره موضوعا منظورا إليه من ق بل الشاعرة. وشددت المشاركات على أن هيمنة موضوع الغزل على شعر "التبراع"، في ارتباطه بالرجل الذي تحوله الشاعرة إلى منظور له، يمنح هذا الشعر خصوصية ثقافية واجتماعية، باستطاعتها أن تجعلنا نعيد النظر في بعض التصورات التي نحملها عن المرأة، وتحفزنا للبحث عن كيفية تطوير هذه الخصوصية في خطابنا الثقافي حول المرأة وما يرافقها من تصورات. وأبرزن أن هذا الشعر يتميز بظاهرة الاسم المجهول للشاعرة، فناظمة "التبراع" تظل مجهولة الاسم بالنسبة للمجتمع، والوسط الثقافي، ولذلك فإن التعبير من خلال هذا الشعر يشكل فضاء آمنا للمرأة، لكي تعب ر بحرية وجرأة، و من خلال لغة بسيطة وواضحة، عن مشاعرها تجاه الرجل، كما تصفه في تعبيرها وفق حالتها. وقالت الإعلامية والأديبة الحسانية الصغرى الكنتاوي إن "التبراع" شعر نسائي يمكن المرأة من التعبير بدقة وصدق عن إحساسها من خلال بيت شعري يتكون من شطرين، مبرزة أن بداية هذا الشعر كانت محتشمة داخل مجتمع البيظان، لأن هذا الجنس الشعري كان يهتم بالبوح العاطفي، كما أن المرأة لم تكن قادرة على نسبته إليها. وأكدت أنه بحكم الوعي والتنوع الثقافي، أصبح "التبراع" يتناول جميع المواضيع، مثل التوحيد والرجاء والمدح، إضافة إلى مساجلات بين النساء والرجال في أمور علمية أو فكرية أو غزلية، بطريقة محترمة لا تخدش الحياء، كما أصبحت المرأة أكثر شجاعة في البوح بما يخالجها من مشاعر. من جهتها، أكدت الشرادي فاطمة الزبير، الفنانة والفاعلة الجمعوية، أن "التبراع" كلام شعري منظوم تبدعه النساء الحسانيات تغزلا في الرجال، وذلك في أجواء خاصة من السرية والكتمان والحرص الشديد على عدم التداول والانتشار، نتيجة للحشمة والوقار والرقابة التي تمارسها الطقوس البدوية في الصحراء، مشددة على أن السرية المحيطة بشعر "التبراع" لم تمنع وصول بعض روائعه التي تداولها المغنون والمغنيات بشكل كبير.