طفت من جديد مشاكل النصب والاحتيال في سوق العقار بالمغرب إلى الواجهة، إذ أماط خبر اعتقال رئيس شركة عقارية معروفة ووضعه رهن تدابير الاعتقال الاحتياطي اللثام عن فضيحة عقارية من العيار الثقيل، بعدما تمكنت الشركة التي يرأسها من جمع مبالغ مالية مهمة تقدر بملايين الدراهم من زبناء يقدر عددهم في حصيلة أولية بأكثر من 800 شخص بعد أن سوقت لهم مشاريع سكنية بعدة مدن بأسعار جد مغرية قبل أن يتبين لهم أن الأمر يتعلق بعقارات وهمية. ويتعلق الأمر بشركة "باب دارنا" العقارية ورئيسها "م.و" التي قامت بتسويق مشاريع عقارية عبارة عن فلل وشقق في أحياء راقية بأثمنة جد تنافسية تقل عن الأثمان المتداولة في السوق، حيث سوقت لهذه المشاريع بشكل مكثف على صفحات الجرائد والمواقع الالكترونية والإذاعة والتلفزيون، وهو ما أتى أكله حيث شهدت هذه المشاريع إقبالا كبيرا من المواطنين، ومنهم أطباء ومحامون وموظفون في سلك القضاء ومنعشون عقاريون ومغاربة مقيمون بأوروبا وأمريكا الشمالية، الذين قاموا بتسليم الشركة ملايين الدراهم على شكل تسبيقات للاستفادة من هذه العقارات، قبل أن يكتشفوا بعد انتهاء المهلة وحلول موعد تسليم المشاريع أنها لم تنجز، وأن بعض الأراضي التي كانت ستحتضن المشاريع ليست حتى في ملكية الشركة. وقال أحد الضحايا الذي يعمل طبيبا إنه قام بتقديم تسبيق قيمته 50 مليون سنتيم للشركة من أجل اقتناء فيلا نصف مبنية بمشروع "كولدن كاليفورنيا" بالدارالبيضاء، معتقدا أن الشركة تعمل وفق أطر قانونية، لا سيما وأن مسؤوليها حرصوا على تسويق صورة لدى الزبناء أنها تحترم القانون وتخضع للضوابط الجاري بها العمل، إلى جانب قيامهم بالإجابة عن كافة التساؤلات بشكل مقنع حول التفاصيل المرتبطة بالمشروع وسد جميع الثغرات التي يمكن أن تتسلل منها الشكوك، وهو ما طمأنه حول طبيعة أعمالها وشجعه على التعامل معها، إلا أنه سرعان ما تبين له أنه اشترى الوهم وأن الشركة قامت بالنصب والاحتيال عليه بعد أن قام بسداد مبالغ مهمة. وأضاف في تصريح للموقع أن هذه الشركة تقوم باستخدام فيلات كنماذج "villa témoin" لإضفاء مزيد من المصداقية على مشاريعها، وتوهم زبنائها بأن فيلاتهم المستقبلية ستحمل نفس الخصوصيات، لكنه تبين أن الأمر يتعلق فقط بوسيلة للخداع، ولا يوجد أي فلل أو مشاريع، بل مجرد تصميمات على الورق، واضطر نتيجة لذلك للمطالبة باسترداد أمواله التي قام بدفعها دون تسلم العقار، ليتفاجئ بمسؤولي الشركة ينهجون سياسة المماطلة والتسويف وتقديم الوعود، قبل أن ينجح في استرداد 14 مليون سنتيم فقط من إجمالي المبلغ الذي قدمه كتسبيق لمشروع لم يرى ضوء الشمس. هذا الوضع دفع الطبيب إلى انتداب محامي من أجل مباشرة الإجراءات القضائية ضد هذه الشركة ومديرها الذي قال إنه كان يعتقد نفسه فوق القانون وذلك من أجل استرداد باقي أمواله التي استثمرها في هذا المشروع، قبل أن يكتشف أن عدد القضايا المرفوعة من ضحايا آخرين ضد الشركة ورئيسها الذي يقبع حاليا في سجن عكاشة بعين السبع بلغ أكثر من 800 دعوى، ومن المتوقع أن يزداد العدد في الأيام المقبلة، بعدما سلط الإعلام الضوء على هذا الملف، وتبين للمواطنين الضحايا أنهم تعرضوا للخداع. مواطن آخر يقطن بفرنسا تعرض بدوره للنصب في مبلغ مهم دفعه كتسبيق للحصول على شقة بأحد مشاريع الشركة نواحي الدارالبيضاء. و يحكي هذا المواطن في اتصال مع الموقع كيف أنه وقع ضحية للوهم الذي سوقته الشركة وقام بدفع مبلغ عشرة ملايين سنتيم كتسبيق للحصول على شقة بمشروع "ميدينا بلانكا" بمنطقة دار بوعزة، مؤكدا أنه يوجد العشرات من مغاربة العالم الذين دفعوا تسبيقات مالية مهمة للشركة للحصول على عقارات قبل اكتشاف أنها مجرد تصاميم لا توجد على أرض الواقع. ومن بين هؤلاء شقيقه الذي يقطن بالولايات المتحدة والذي دفع أيضا 10 ملايين سنتيم تسبيقا في شقة بذات المشروع، الذي تسوق له الشركة عبر موقعها الالكتروني أنه مشروع "استثنائي يتيح مناظر خلابة على المحيط الأطلسي"، ويصف المواطن ما تعرض له رفقة شقيقه ب "الشمتة" نتيجة نصب الشركة عليهم في مبلغ 20 مليون سنتيم لم يقوموا باستردادها بعد. وأوضح أن رئيس الشركة انتهج أساليب عديدة لمماطلة الزبناء الذين طالبوا باسترداد المبالغ التي دفعوها دون تسلم العقارات، ومن بينها إهدائهم بعض الأجهزة المنزلية كشاشات التلفاز أو أداء تذاكر السفر عبر الطائرات بالنسبة للقاطنين بدول المهجر، كما كان يعمد إلى إرجاع أموال التسبيق إلى بعض الزبائن الغاضبين واقتراح إبقاء أسمائهم في لوائح المستفيدين من المشاريع العقارية، لإيهامهم بمصداقية الشركة وأن المشاريع التي تسوقها ستنجز، مؤكدا أن عدد الضحايا مرشح للارتفاع، سيما وأن العديد منهم القاطنين بالخارج لم يتمكنوا من الحضور إلى المغرب.