دشن جلالة الملك محمد السادس، يوم الخميس، أول مجمع صناعي لصناعة السيارات تابع للشركة الفرنسية PSA المالكة للعلامة التجارية "سيتروين" و"بوجو" بالمنطقة الصناعية بالقنيطرة. على ضوء هذا المشروع الجديد، طرحنا ثلاثة أسئلة على عبد اللطيف معزوز، رئيس رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين. ماهي مساهمة قطاع السيارات في الاقتصاد المغربي؟ لابد من التذكير في البداية بكون صناعة السيارات وأجزائها بالمغرب لها تاريخ يعود إلى ستينيات القرن الماضي مع شركة "لاصوماكا" في الدارالبيضاء بالإضافة إلى شركات العجلات "جنرال تاير" و "غوديير"، ولكن التاريخ الحديث يعود إلى سنة 2008، حيث بدأت المنظومة الصناعية العصرية للسيارات تشق طريقها بالمغرب قبل أن تكسب زخما قويا بالاتفاق مع شركة "رونو" الفرنسية وإحداث مصنع لها بمدينة طنجة، وهو الشيء الذي تأتى بفضل المجهودات التي بذلتها الدولة المغربية في التأطير والاستثمار والمواكبة. وساهمت المدخلات التي وفرها المصنعون المستقرون بالمملكة كشركتي "رونو" و"بوجو" الفرنسيتين في رفع معدلات الإدماج المحلي وزيادة القيمة المضافة لهذا القطاع حيث تحول المغرب إلى منصة للتصنيع والإنتاج تم التصدير دوليا. وساهم قطاع السيارات في تنويع المغرب لصادراته حتى أصبح أهم قطاع تصديري برقم صادرات يصل إلى 60 مليار درهم ووفر الآلاف من مناصب الشغل. ومن المرتقب أن يصل رقم معاملات هذا القطاع في الأمد القريب إلى 100 مليار درهم مع جذب مصنعين جدد في قطاع السيارات، وهو ما سيكون له وقع إيجابي على الميزان التجاري للمغرب وعلى معدلات التشغيل. ماهي العوامل التي تجذب مصنعي السيارات لتوطين أنشطته بالمغرب؟ يأتي اهتمام شركات صناعة السيارات بالمغرب بالنظر إلى القرب الجغرافي للمغرب من الأسواق التي تتوجه إليها هذه الشركات، لاسيما في منطقة شمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط، فضلا عن بعض المزايا التنافسية التي يوفرها المغرب للمستثمرين كالأجور المنخفضة لليد العاملة المؤهلة والتحفيزات الضريبية والبنية التحتية والموانئ التي تضمن نقل المنتوج بسرعة وفعالية إلى أسواق التصدير. وأشدد هنا على دور الدولة التي حرصت على الارتماء بكل ثقلها من أجل ضمان استقرار هذه الاستثمارات في المغرب وعدم ذهابها لدول الجوار، على اعتبار التحولات التي كان يعرفها العالم، وأبرزها الأزمة الاقتصادية لسنة 2008، حيث عمل المغرب على توفير كل الوسائل القمينة بإقناع مصنعي السيارات بتوطين مصانعهم بالمملكة، وهو التوجه الذي بدأ المغرب يجني ثماره في الآونة الأخيرة. ماهي أبرز ما قام به المغرب لضمان استثمار مصنعي السيارات؟ إلى جانب التحفيزات القوية والتسهيلات القانونية والبنية التحتية، أرى أن تدخل الدولة من أجل مواكبة المستثمرين ومرافقتهم وتجنيبهم الدخول في متاهات المساطر والتعقيدات الإدارية كان له الأثر القوي في إقناع هؤلاء المصنعين في الاستثمار بالمغرب، حيث تكاتفت كل الأجهزة الحكومية في سبيل إنجاح أهداف هذه المشاريع ما أعطى جرعة ثقة للمستثمرين.