تحول مستعملو مواقع التواصل الإجتماعي بالمغرب إلى ما يشبه شعبا موازيا، يمارسون مواطنتهم بحرية مطلقة، متحررين من عقدة الهوية التي أصبح من السهل إخفاؤها. هذه التحولات جعلت من ردود الفعل على مواقع التواصل الإجتماعي مقياسا لتفاعل الشعب المغربي مع المستجدات، فأضحت الصحف تغير من عناوينها، إذ أصبحت عبارة "تشعل الفايسبوك" أكثر شيوعا من العبارة الأصل "تلهب الشارع،" سواء تعلق الأمر بردود فعل إيجابية تنوه بمستجد ما، أو سلبية تعبر عن الغضب. في سنة 2014، تفاعل نشطاء الفايسبوك المغاربة مع فضيحة ملعب الأمير مولاي عبد الله بالعاصمة الرباط خلال بطولة كأس العالم للأندية لكرة القدم، الذي غرقت أرضيته في مياه الأمطار، ما تسبب في نقل باقي المباريات إلى مدينة مراكش. رود الفعل تضمنت سخرية وانتقادا لاذعا لوزير الشباب والرياضة آنذاك، محمد أوزين، ليتم فتح تحقيق رسمي كشف عددا من الاختلالات في صفقة تجهيز الملعب بعشب رديء وهو ما أسفر عن إقالة الوزير من منصبه. حرية زائفة لكن الحرية المطلقة التي تتمتع بها مواقع التواصل الإجتماعي أفسحت المجال أمام كم هائل من الأخبار الزائفة التي أصبحت تُغلط الرأي العام، وتؤثر على سلوكهم أو تنشر الرعب بينهم، مثل ما يحدث باستمرار مع فيديوهات زائفة لجرائم شنيعة تحدث في بلدان أجنبية يتم توضيبها لجعلها تبدو وكأنها حدثت بالمغرب. بوبكر سبيك، الناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني قال في تصريح سابق خلال حلوله ضيفا على برنامج مباشرة معكم، إن مديرية الأمن الوطني نشرت خلال 2017 ما لا يقل عن 340 بيان حقيقة وتكذيب، أي تقريبا بمعدل بيان حقيقة كل يوم، تجاه الأخبار الكاذبة والفيديوهات المفبركة التي تسعى إلى إثارة دعر المواطنين. وأمام هذا الكم الهائل من الأخبار الكاذبة والإستعمالات الجانحة للوسائل التواصل الإجتماعي، اضطرت المديرية العامة للأمن الوطني إلى خلق ثلاث بنيات لمكافحة “الجريمة الإلكترونية”،التي تتمثل في التحريض على العنف والتخريب، واستعمال التكنولوجيا للمس بالبنية التحتية، والتضليل والتشهير، والإشادة بالإرهاب والتحريض عليه، والتغرير بالقاصرين، وجرائم مالية واقتصادية. ويتعلق الأمر بالمصلحة المركزية لمكافحة الجريمة الإلكترونية، والمختبر المركزي لتحليل الآثار الرقمية التابع للشرطة العلمية والتقنية، ومصلحة مكافحة الجريمة الإلكترونية بالفرقة الوطنية للشرطة القضائية. فوضى المعلومات الأستاذ الجامعي المتخصص في علم الإجتماع علي الشعباني قال في تصريح خاص لموقع القناة الثانية إن هناك فوضى في نشر المعلومات لأن هذه المواقع ليست لها قوانين معينة خاضعة لها ولأن المشرع المغربي لم يستطيع أن يظبط هذه المواقع وأن يضع القوالب والوسائل التي يمكن ان تضبط نشر هذه المعلومة التي تكون مجهولة أحيانا. وأضاف الشعباني أن هناك خطر من الإستعمال المفرط والغير عقلاني لهذه الوسائل، لأن هناك من يلجأ لهذه المواقع بشكل يومي ويضيع ساعات طويلة أمام جهاز الحاسوب أو الهاتف النقال دون أن يدرك خطورة الأمر، حتى يجد نفسه مدمنا وغير قادر على الاستغناء عليه ويعيش نوعا من العزلة والوحدة وقد يدخل في حالة الاكتئاب الحاد. وأشار الخبير في علم الإجتماع إلى أن استغلال الانترنيت يجب ان يكون بطريقة صحيحة وغير مبلاغ فيها باستعمال هذه الوسيلة في الأشياء المفيدة، معتبرا أن الأصل في الاختراع هو الاستفادة منه. وأوضح نفس المتحدث أن وسائل التواصل الإجتماعي أصبحت شرا لابد منه، إذ أصبح من المستحيل منع هذه المواقع رغم سلبيات استعمالها، لأنها أضحت جزءا من حياتنا اليومية، لا يمكن الإستغناء عنه، لكن وجب عقلنته.