قبل أشهر هزت قصة الطفل عمران الذي تعرض للاغتصاب ومحاولة القتل من طرف أحد المتشردين، الرأي العام المغربي وأثارت غضبا كبيرا. المعتدي اغتصب الطفل البالغ أربع سنوات بطريقة وحشية ثم دفنه في مكان خال، قبل أن ينتبه أحد المارة إلى صراخه فانتشله وأنقذ حياته. القصة أليمة لكن ما يؤلم أكثر هو أن الطفل عمران ليس الضحية الوحيدة، والمعتدون يتلقون أحكاما متساهلة يصفها الحقوقيون ب "المشجعة على البيدوفيليا.'' وبهدف الحد من استفحال الظاهرة في المغرب، شرع مجلس النواب، يوم الإثنين 23 ماي، في مناقشة مجموعة من مقترحات قوانين ترمي إلى تشديد العقوبات على المتورطين في اغتصاب الأطفال وهتك عرضهم، تقدمت بها ثلاث فرق برلمانية،هي "التقدم الديمقراطي"، "الاستقلال"، و"الأصالة والمعاصرة". جناية عوض جنحة "نرى أن الأحكام التي يتلقاها مرتكبو الاعتداء الجنسي على الأطفال والتي لا تتعدى سنتين سجنا في أغلب الأحوال، لا توازي حجم الضرر المحدث لدى الأطفال الضحايا،" يقول رئيس فريق التقدم الديموقراطي رشيد روكبان في تصريح للقناة الثانية، مضيفا أن "هذه الأحكام الخفيفة كانت سبب تقديم الفريق لهذا المشروع الرامي إلى رفع جرائم الإعتداء الجنسي على الأطفال من جنحة يعاقب عليها القانون بالسجن لفترة تتراوح بين سنتين وخمس سنوات إلى جناية يعاقب عليها القانون ب 10 سنوات سجنا على الأقل." ونص القانون الذي اقترحه فريق التقدم الديموقراطي على معاقبة مرتكب الاعتداء او من حاول الاعتداء على قاصر بالسجن لمدة تتراوح من عشر سنوات الى عشرين سنة وغرامة من 100 ألف إلى 500 ألف درهم. وفي حالة ما إذا كان المعتدي من أحد أقارب الضحية أو له سلطة عليه فإن العقوبة الحبسية ترتفع إلى ثلاثين سنة. رشيد روكبان أوضح للقناة الثانية أن المقترح يشمل بالإضافة إلى الاعتداء الجنسي على الأطفال مرتكزا آخرا يتمثل في استغلال الأطفال في الدعارة وتصوير الأفلام الإباحية، مشيرا إلى أن مشروع القانون الجديد يدعو لرفع أقل عقوبة لمرتكبي مثل هذه الجرائم من سنة واحدة سجنا، كما ينص عليها القانون الجنائي الحالي، إلى عشر سنوات سجنا. عقوبات قد تصل المؤبد "نريد رفع العقوبة لتصل إلى السجن المؤبد،" يقول عبد القادر الكيحل عضو الفريق الاستقلالي للوحدة التعادلية في تصريح للقناة الثانية، مضيفا إلى أن مقترح الفريق" يرمي إلى ملاءمة العقوبات المتعلقة بالاعتداء الجنسي على الأطفال مع متطلبات التصدي لهذه الظاهرة حتى تشكل هذه العقوبات الزجرية وسيلة ناجعة للمساهمة في محاربة هذا النوع من الجرائم". ويطالب مقترح قانون الفريق الاستقلالي الذي يقضي بتعديل الفصول 483, 484, 485, 486, 487 و488 من القانون الجنائي، بمعاقبة كل من هتك عرض أو حاول هتك عرض أي شخص ذكر أو أنثى باستعمال العنف بالسجن من 15 سنة إلى 25 سنة، غير أنه إذا كان المجني عليه طفلا تقل سنه عن 18 سنة أو كان عاجزا أو معاقا أو معروفا بضعف قواه العقلية، فإن الجاني يعاقب بالسجن المؤبد. بينما طالب مقترحي فريق التقدم الديموقراطي وفريق الاستقلال بتعديل مقتضيات القانون الجنائي، تقدم فريق الأصالة والمعاصرة بمقترح قانون شامل يرمي إلى إعادة النظر في الترسانة القانونية ككل. وقالت سليمة فرجي البرلمانية عن فريق "الأصالة والمعاصرة" إن الجزء الأول من المقترح يتعلق بالإعتداء الجنسي على الأطفال ويطالب بعقوبة السجن بين 5 سنوات و 10 سنوات، في حق كل من اعتدى جنسيا على طفل. وأضافت فرجي في تصريح للقناة الثانية أن الجزء الثاني من المقترح يتعلق بالجرائم الاكترونية المرتبطة بهذا الشأن،" إذ نطالب بمعاقبة كل من عمل على استدراج الأطفال واستعمال تكنولوجيا الاتصال والإعلام في الاعتداءات الجنسية بالسجن لمدة تتراوح ما بين 10 سنوات و15 سنة." الإخصاء هو الحل قد تبدو أن هذه المقترحات تتضمن عقوبات شديدة ضد المدانين في قضايا الاعتداء الجنسي على الأطفال، لكن نجية أديب، رئيسة جمعية «ماتقيش ولادي» تعتبرها غير كافية وتطالب بعقوبات أشد من أجل الحد من الظاهرة. وقالت في تصريح للقناة الثانية إن "الحل الوحيد لردع مثل هؤلاء المجرمين هو تطبيق الإخصاء الكيميائي،" مشيرة إلى أن عدد كبير من الذين تمتم إدانتهم بتهم الاعتداء الجنسي على الأطفال يعودون لاقتراف نفس الجرائم بعد إطلاق سراحهم. " هذه المقترحات تطالب بفرض عقوبة 10 سنوات سجنا في حق المعتدين على الأطفال جنسيا، لكن ولو قضى البيدوفيل 20 سنة في السجن، فكن على يقين أنه سيعود لاقتراف نفس الجرم بعد إطلاق سراحه، لأنه لا يمكن لأي بيدوفيل أن يعالج أو يؤهل أويندمج داخل المجتمع. وبالتالي فإن هذه العقوبات غير كافية، وإذا أردنا حماية أطفالنا يجب تطبيق عقوبة الإخصاء،" تضيف نجية أديب. من جانبه أكد رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، محمد بنعيسى أن العقوبات الشديدة من قبيل الإخصاء ليست الحل الأمثل للحد من الظاهرة، مشيرا إلى أن المغرب لا ينقصه نصوص تشريعية جديدة، بل قضاء متخصص. وأوضح محمد بنعيسى في تصريح للقناة الثانية أن القانون الجنائي الحالي" يتضمن عقوبات قد تصل إلى عشرين سنة سجنا في حق المعتدين جنسيا على الأطفال. ولكن تفعيل هذه القوانين لا يتم تطبيقه بصرامة من طرف القاضي، وغالبا ما يتعامل مع الظاهرة باستخفاف. وبالتالي فإننا نشير هنا إلى الحاجة إلى قضاء متخصص في الاعتداء الجنسي على الأطفال."