أصبح المغرب ليصبح أول بلد إفريقي يدخل تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في صناعة الطيران، بعد تدشين مركز عالمي للخبرة الصناعية متخصص في تصنيع القطع المعدنية عبر الطباعة الثلاثية الأبعاد، تابع لمجموعة طاليس الفرنسية. ويعد هذا المركز، الذي أشرف مولاي حفيظ العلمي وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي على تدشينه بمدينة الدارالبيضاء، بحضور مدير المجموعة بالمغرب وعامل اقليم النواصر وعدد من الفاعلين في القطاع الصناعي ، مشروعا تنمويا للمجموعة، حيث يراهن عليه في أن يصبح منصة لتلبية الاحتياجات الدولية للمجموعة وزبنائها. الطباعة الثلاثية وصناعة الطائرات.. تكنولوجيا الحاضر والمستقبل لم يتم إدخال تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد سوى في السنة الجارية، حيث تم استبدال طرق صناعة الطائرات من الخراطة واللحام، واستخدام السبائك وعمليات التجميع، بالصناعة عن طريق الطباعة والبناء عبر نظم يتشارك في تشغيله الكمبيوتر والبرمجيات والإلكترونيات والتقنيات المتطورة، في صهر ونفث المعادن العالية المتانة الخفيفة الوزن على أسطح مستوية، لطباعة الأجزاء المختلفة من الطائرة، بما فيها المحركات والجسم الضخم للطائرة. التكنولوجيا الجديدة تعتمد أساسا على ما يطلق عليه «تقنية الترسيب السريع للبلازما»، التي يتم فيها صهر أسلاك «التيتانيوم» باستخدام أشعة أو شعلات «البلازما» الموجودة في حيز من غاز «آرجون»، ثم تتم الطباعة الثلاثية الابعاد بعد ذلك بطريقة مشابهة لما تقوم به الطابعات المكتبية ثلاثية الأبعاد، الملحقة بأجهزة الكمبيوتر المكتبية الشخصية عند استخدامها البلاستيك الحراري المصهور في طباعة بعض الأشياء البسيطة في المكتب أو المنزل، طباعة رقمية ثلاثية الأبعاد. وتقوم تقنية «الترسيب السريع للبلازما» بترسيب طبقات من «التيتانيوم»، طبقة فوق أخرى على سطح مستوٍ لبناء الجزء المطلوب حتى يكتمل، بدلاً من عمليات خراطة وصهر وتشكيل المعدن المتبعة في خطوط الإنتاج الحالية. ومن هنا، فإن الطباعة الرقمية ثلاثية الأبعاد تقدم لشركات صناعة الطائرات الفرصة لتصميم وإنتاج هياكل متكاملة مرة واحدة وكقطعة واحدة، ما يعني تحويل وتغيير الطرق المتبعة حالياً في التجميع والتصنيع، مع إمكانات ضخمة في خفض كلفة ووزن أساسات الطائرة، وتحسين إمكانات المهندسين في تصميم اجزاء مخصصة بصورة بحتة لوظائف محددة في نهاية المطاف للطائرة التي يعملون عليها. الدارالبيضاء.. أول مدينة إفريقية تصنع أجزاء الطائرات عن طريق الطباعة ثلاثية الأبعاد وبتدشين مركز الخبرة العالمي المتخصص في تصنيع قطع الغيار المعدية عبر الطباعة ثلاثية الأبعاد بالدارالبيضاء، أصبحت العاصمة الاقتصادية للمملكة أول مدينة إفريقية تعتمد هذه التكنولوجيا. وتم انجاز مركز الخبرة الصناعية ، المحدث بمنطقة ميدبارك بالدارالبيضاء ، في أطار مخطط تسريع التنمية الصناعية 2014-2020 ، على مساحة تبلغ ألف متر مربع ، حيث سيشغل على المدى البعيد نحو 20 مهندسا وتقنيا. وجرى تجهيز المركز حاليا باثنين من الآلات التكنولوجية الخاصة بالانصهار الانتقائي بواسطة الليزر، في أفق تعزيزها على المدى المتوسط باقتناء 8 ألات إضافية. وتقوم هذه التقنية على دمج مساحيق سبائك معدنية باستخدام ليزر عالي الكثافة، مما يسمح بنصنيع قطع مععدنية بالغة التعقيد، وهو ما تعجز عنه التكنلوجية الحالية، مع مراعاة إكراهات التصنيع التقليدية ، وكذا تقليص عدد الاجزاء االمستخدمة وتخفيف وزنها. وسيستخدم المركز في انتاج السلاسل الأولى لمادتي الألمنيون والتيتانيوم اللتين تستخدمان عادة في مجال صناعة الطيران. لماذا المغرب؟ جون كلود دورديبيس، مدير المركز العالمي للخبرة الصناعية قال في بلاغ صحفي إن مجموعة طاليس الفرنسية اختارت المغرب من بين كل البلدان الأخرى من أحل احتضان هذا المشروع، بالنظر إلى الإمكانات التي تزخر بها المملكة، والتي تؤهلها لاستقبال هذا النوع من التكنولوجيا المتقدمة، بما في ذلك جودة التكوين الأكاديمي للمهندسين المغاربة، وتوفر المملكة على منظومة صناعية متكاملة تخص قطاع الطيران. إخراج المشروع إلى حيز الوجود في ظرف سنة واحدة، يقول كلود، " جاء لخدمة مختلف مكاتب الدراسات التي تتوفر عليها المجموعة عبر العالم، فضلا عن باقي مكاتب الدراسات التي تعتمد أسلوب التصاميم الصناعية بالمغرب، وذلك إسهاما في تطوير المنظومة الصناعية." من جانبه، أبرز بيير بريجون مدير مجموعة طاليس بالمغرب أن هذا الأخير يتوفر على جميع الشروط الضرورية لاستقبال مثل هذا المشروع، مشيرا على الخصوص إلى تمكن المغرب من إحداث طفرة صناعية عبر مخططات الإقلاع الصناعي والتسريع الصناعي، والتي أسفرت على تشكيل منظومة صناعية للمناولة في مجال الصناعات المرتبطة بالطيران. وأشار إلى أن «استخدام منصة آمنة لتزويد المركز بأحدث الابتكارات على مستوى الصناعة ذات الصلة بالتكنولوجيا الذكية من شأنه المساهمة في تحسين القدرة التنافسية لمنتجاته». وأوضح بريجون أن هذا المشروع الجديد يعزز الشراكة الراسخة التي تربط مجموعة طاليس بالمغرب، والتي فتحت أول مكتب لها في الرباط سنة 2006، لتقديم خدماتها في مختلف مجالات الدفاع والفضاء والنقل والأمن. وتمتلك المجموعة فروعا في 56 دولة، وتشغل 64 ألف شخص عبر العالم. وناهزت مبيعاتها خلال السنة الماضية 9.14 مليار يورو.