تعيش مدينة الدار اليضاء في الفترة من 11 إلى 14 أبريل الجاري على إيقاع تظاهرة ثقافية تخليدا للذكرى العاشرة لرحيل الكاتب المغربي الكبير ادريس الشرايبي (يوليوز 1926 – أبريل 2007 )، وذلك من خلال تنظيم برنامج غني يتوزع بين منتدى دولي حول العطاء الادبي لهذا الروائي المتميز ، و تقديم عروض مسرحية مقتبسة من مؤلفات الشرايبي من قبيل ( الحضارة أمي ) و( أم الربيع). وأوضح الأكاديمي و الناقد المغربي قاسم باصفو في حديث لوكالة المغرب العربي للانباء أن الفاعلين في الوسط الأدبي يرغبون في تكريم هذا الهرم الكبير في الأدب المغربي و العالمي من خلال برنامج تواصلي غني يتوزع بين حلقات للنقاش ومعرض للطبعات الأصلية من كتب ووثائق تعود لادريس الشرايبي، وبمشاركة باحثين ومترجمين وكتاب وفنانين من مختلف البلدان (المغرب، فرنسا، إسبانيا، إيطاليا، ألمانيا، الولاياتالمتحدةالأمريكية). و قال الناقد قاسم باصفو ، وهو الصديق الحميم لادريس الشرايبي، بنبرة حزينة " منذ عشر سنوات، غادرنا الى دار البقاء الكاتب الكبير ادريس الشرايبي ، مؤلف (الماضي البسيط ) و (سيأتي صديق لرؤيتكم) ، و بعد عشر سنوات على رحيله ، لازلنا نتحدث عن ادريس الشرايبي و بالتالي نقف عن الارث الأدبي الذي خلفه و نعاين المكانة العالمية التي يحظى بها هذا الكاتب الكبير" . وستكون هذه التظاهرة الثقافية فرصة لتسليط الضوء مجددا حول النصوص الادبية التي خلفها هذا المؤلف و الوقوف عند الابعاد العديدة التي ناقشها في مؤلفاته و التي شرعت الابحاث في التطرق لها و على الخصوص انتاجات الراحل الهائلة على امواج الاذاعة و المتعلقة ليس فقط بالبرامج ذات الصلة بالوساطة الثقافية و التعريف بالثقافة العربية الاسلامية بل على الخصوص بإنتاجاته القصصية . وقال باصفو في هذا السياق "إن الهدف من ذلك هو تقييم ما توصلت له البحوث حول هذا الكاتب الأيقونة ، وإعادة قراءة أعماله و تحيين مقاربات الإنتاج الأدبي عند ادريس الشرايبي ". و شدد باصفو على أن الوقت قد حان" لتكون هناك جرأة للاعتراف بعالمية كتابنا المرموقين من خلال ما خلفوه من ثراث أدبي غزير " ، مبرزا أن ادريس الشرايبي كتب للطفولة من خلال مؤلفه (مغامرات الحمار خال )، وخلف روايات بوليسية أدبية من قبيل (تحقيق في بلد) و (المفتش علي ) و ( غاييمار ) و ترك لنا كتبا غارقة في الروحانيات من ضمنها ( الحمار ) و ( الماعز )، علاوة على مؤلفات تحدت الاقليمية الأدبية من قبيل (سيأتي صديق لرؤيتكم) و (ميت في كندا). و بعد أن ذكر بأن ادريس الشرايبي قد حلق بالمواطن المغربي البيسط الى العالمية ، اعتبر باصفو أن هذا الهرم الأدبي يشكل الاستثناء عن الادباء المغاربيين و تميز بخصوصيات فريدة لا يتمتع بها سوى كبار الكتاب ، مبرزا أن الشرايبي كان مبادرا و جريئا في كتاباته . واستطرد قائلا "لقد كتب الشاريبي عن مجتمع التواصل ،و الاستهلاك و الاوضاع الانسانية لكن من الداخل و بانفعال و احساس مرهف ". و أضاف "إن قوته تمثلت في قدراته الإنسانية ، و قربه وإحساسه، ولهذا السبب كان يشعر بالأشياء قبل وقوعها "، مبرزا أن كتابة إدريس الشرايبي تنخرط في البحث عن الكائن والمطلق. و يرى باصفو ،وهو من النقاد الذين تابعوا عن كتب المسار الأدبي لادريس الشرايبي ، أن الاعتراف الحقيقي بالكاتب ، هو الاهتمام بما خلفه من إرث أدبي شامخ . و في معرض حديثه عن الجوانب المجهولة في المسار الابداعي للشرايبي ، كشف باصفو ، أن هذا الاخير كان يقدم برنامجا اذاعيا في راديو (فرنسا الثقافة) يحمل اسم "المسرح الأسود". و يشكل تخليد الذكرى العاشرة لرحيل الكاتب المغربي ادريس الشرايبي مناسبة للاطلاع على مختلف الابحاث العلمية التي سلطت الضوء على العطاء الادبي للراحل ،و الوقوف عند مجموعة من الزوايا الفكرية لهذا الاديب عبر عدد من المحاور التي سيتطرق لها نخبة من المحاضرين من ضمنها " قراءات ادريس الشرايبي : أين وصلت البحوث " ،و " اعادة قراءة ادرئيس الشرايبي :راهنية المألف " , و " ترجمة شرح نصوص الشرايبي : أي تحديات"، و " منظور و قراءة المبدعين لأدب ادريس الشرايبي". و يعد قاسم باصفو ( الاستاذ بكلية الآداب عين الشق في الدارالبيضاء) من الباحثين الذين يهتمون بالآداب المغاربية المكتوبة باللغة الفرنسية، حيث أعد أطروحة موسومة ب " مسارات: بنيات النص والسرد في الأعمال الروائية لإدريس الشرايبي " سنة 1989 لنيل دكتوراه الدولة . وقد أردف أطروحته بحوارات ممتعة وعميقة مع الراحل إدريس الشرايبي، تكشف عن علاقتهما الحميمة، ووجهات نظريهما حول مختلف القضايا الأدبية وفي مقدمتها ما يمت بصلة إلى التخييل الروائي.