احتفت كندا بالإرث الأدبي للروائي المغربي الكبير إدريس الشرايبي خلال لقاء نظم بدار المغرب، الثلاثاء، بحضور العديد من الشخصيات والمعجبين بأعمال هذا الروائي. وكان اللقاء، الذي نظمه تجمع الكتاب الكنديين-المغاربة تحت شعار "إدريس الشرايبي، الحكيم المتمرد"، فرصة للاستمتاع بروعة بعض الأعمال الرائدة التي يضمها الرصيد الأدبي الغني للكاتب، من بينها "الماضي البسيط"، و"موت في كندا " و"العالم جانبا ". وأشاد الحاضرون ، في هذه الليلة الأدبية التي نشطها كمال بنكيران ومجيد بلال ومصطفى بن فارس وفيروز فوزي، أعضاء بالتجمع، بالمسار المتميز لهذا الكاتب الكبير الذي يعتبره أقرانه من رواد الروائيين المغاربيين الناطقين باللغة الفرنسية، مبرزين ميزات ومواصفات الكتابة لدى الشرايبي وخاصة كلماته القصيرة والإيقاع والشخصيات الدينامية . وشددوا على أن الراحل الشرايبي يظل واحدا من رواد الأدب المغاربيين المدون باللغة الفرنسية وأحد مؤسسي الرواية المغاربية، مضيفين أنه كان حالة خاصة في الأدب المغاربي. وأشاروا إلى أن أعمال الشرايبي تمثل نوعا من الرفض المنهجي للتقاليد السائدة وللركود في المجتمع المغربي، مضيفين أن كل مؤلف من كتبه وقصصه كانت عبارة عن نظرة جد نقدية على جزء من هذا المجتمع وتظهر تمردا ضد العادات. وقد أثارت روايته الأولى الشهيرة "الماضي البسيط" الصادرة عام 1954 زوابع كثيرة في فترة صعبة كان المغاربة يستعدون خلالها للاستقلال ولطرد الاستعمار الفرنسي من بلادهم، إذ جاءت ضد الأفكار الجامدة والتقاليد المغربية المتجاوزة. وانتقل الكاتب الشرايبي في مؤلفه "العالم جانبا " الصادر في سنة 2001، والذي يعد المحور الثاني من ذكرياته بعد "قرأ، نظر، سمع"، إلى كشف النقاب عن حياته الشخصية والتي تخص كاتب ثائر من خلال أسلوب كتابة السيرة الذاتية التي تتأسس على التفكير العميق في ماضيه . وفي هذا الصدد، لاحظ الحاضرون أن التمرد في كل رواية من روايات الشرايبي ليس سمة زائدة على اعتبار الحضور الدائم لأسلوب ووقت وفضاء وعالم مختلف تماما عن بعضها البعض، مضيفين أنه على الرغم من اختياره للهجرة فإن ماضي الشرايبي كان دائما يشكل بالنسبة له خزان من الذكريات . وتميز هذا اللقاء، الذي حضره العديد من المثقفين ومحبي أعمال الراحل إدريس الشرايبي، بتقديم شهادة أدلى بها توفيق الشرايبي، وهو أحد أبناء شقيق الراحل، والذي توقف عند بعض المراحل من الحياة الشخصية والمسار الأدبي لإدريس الشرايبي . يذكر أن إدريس الشرايبي ولد يوم 15 يوليو 1926 في الجديدة ونشأ في الدارالبيضاء، وانتقل إلى باريس في عام 1945 لدراسة الكيمياء، قبل أن يهتدي إلى الأدب والصحافة. وكان أيضا يشتغل بالراديو طيلة مدة ثلاثين سنة، حيث قام بتنشيط العديد من البرامج بمحطات إذاعية وتلفزية فرنسية. كما أنه درس الأدب المغاربي بجامعة لافال في كيبيك. وخلف الراحل العديد من المؤلفات من بينها "الماضي البسيط"، "الحمار" 1956، "من كل الآفاق" 1958، "الحشد" 1961، "انتقال مفتوح" 1962، "صديق سيأتي لرؤيتك" 1967، "الحضارة أمي" 1972، "موت في كندا" 1975، "تحقيق في البلاد" 1981، "أم الربيع" 1982، "رجل الكتاب" 1984، "مولد في الفجر" 1986، "المفتش علي" 1995، "المفتش علي" 1996، "قرأ، نظر، سمع" 1998، "العالم جانبا - سيرة ذاتية" 2001، "الرجل الذي جاء من الماضي" 2004. وقد توفي الشرايبي ، الذي تلقى العديد من الجوائز الأدبية منها جائزة إفريقيا المتوسطية على مجموع مؤلفاته سنة 1973 وجائزة الصداقة الفرنكوعربية سنة 1981، عن سن ناهز ال80 وذلك في أبريل 2007 في دروم ( جنوب شرق فرنسا ) حيث كان يعيش منذ عام 1988 .