أثار قرار الحكومة المصرية بمطالبة صناع المحتوى (البلوغرز اليوتيوبرز) بفتح ملفات ضريبية لدى مصلحة الضرائب تمهيدا لاستخلاص رسوم ضريبية منهم جدلا كبيرا في مصر. ومن المرتقب أ ن يشمل القرار كل المؤثرين على الانترنيت الذين تتجاوز إيراداتهم السنوية 500 ألف جنيه (حوالي32 ألف دولار) خلال 12 شهرا من تاريخ مزاولة النشاط، بينما لم تحدد مصلحة الضرائب طريقة احتساب الرسوم التي ينبغي على صناع المحتوى سدادها أو الآلية التي سيتم بموجبها تحصيل تلك الرسوم. وحتى الآن لا يخضع صناع المحتوى على الانترنت في مصر، على غرار المدونين والمستخدمين المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي، لإطار رسمي ينظم أنشطتهم. ويستخدم الانترنت في مصر، البلد العربي الأكثر سكانا بعدد يفوق 100 مليون نسمة، نحو 60 مليون شخص، بحسب أحدث أرقام لوزارة الاتصالات المصرية. وفي تبريرها للقرار، ترى مصلحة الضرائب المصرية أنه يندرج في سياق تحقيق العدالة الضريبية من خلال حصر المجتمع الضريبي بشكل أكثر دقة خاصة التعاملات التي تتم عبر المنصات الإلكترونية، وتحديد من يقوم بها، لضم الاقتصاد غير الرسمي للمنظومة الرسمية. وقال رئيس مصلحة الضرائب رضا عبد العال في تصريحات صحفية إن التجارة الإلكترونية هى صورة مستحدثة من صور التسويق والبيع فرضتها المتغيرات في تكنولوجيا الاتصالات، والتواصل الجديدة، وتوسع الاعتماد عليها بشكل غير مسبوق عالميا بسبب جائحة كوفيد 19، لافتا إلى أن العديد من الدول تصف أي معاملة تجارية بأنها تجارة إلكترونية عندما يتم نقل ملكية السلع أو عملية البيع أو أداء الخدمة عبر الإنترنت أو عن طريق الوسائل الإلكترونية الأخرى. المؤيدون للقرار يرون أنه خطوة مهمة وضرورية في إطار دمج الاقتصاد الموازي في الاقتصاد الرسمي وضبط هذا القطاع وتمكين خزينة الدولة من موارد إضافية خاصة وأن الفئة المعنية تجني أرباحا طائلة من هذا العمل. وفي هذا السياق قال الخبير الاقتصادي محسن محمود في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إن القرار خطوة في الاتجاه الصحيح، مبينا أن صناع المحتوى والمؤثرين يجنون أرباحا كثيرة دون دفع ضريبة مقابل تلك الأموال. وقال إن القرار جاء لتحقيق العدالة بين المواطنين. وتابع أن القرار يعد خطوة نحو حصر مجتمع أعمال غير رسمي بلغت فيه الأرباح ملايين الجنيهات، موضحا في الوقت ذاته أن التجارة الإلكترونية عبر صناعة المحتوى شكل مستحدث من التسويق والبيع فرضته المتغيرات في تكنولوجيا الاتصالات، وتوسع الاعتماد عليها بشكل غير مسبوق عالميا، خاصة بعد انتشار جائحة فيروس كورنا المستجد. وأشار إلى أن وزارة المالية المصرية تسعى من خلال القرار للحفاظ على حقوقها؛ تحقيقا للعدالة الضريبية، ومحاربة التهرب الضريبي، ما ينعكس على زيادة موارد الموازنة العامة للدولة التي تعد الضرائب أحد مصادرها، منوها إلى أن قيمة الضريبة التي سيتم فرضها ليست كبيرة، وسيتم حساب حجم الإيرادات استنادا إلى الإقرار الذي سيقدمه صانع المحتوى لمصلحة الضرائب. وفي سياق متصل يرى الخبير الاقتصادي أشرف غراب في تصريح مماثل أن قرار تطبيق ضريبة على صناع المحتوى تأخر كثيرا؛ مبرزا أنه يصب في صالح الاقتصاد، خصوصا وان معظم دول العالم تقوم بتحصيل ضرائب من صناع المحتوى، لأنهم يربحون مبالغ طائلة وهذا حق الدولة عليهم. ولفت إلى أن صناعة المحتوى واحدة من أنواع الاقتصاد غير الرسمي، موضحا أن القرار يسهم في زيادة الدخل القومي والنهوض بالخدمات العامة، فضلا عن القضاء على المحتوى السيئ وتقليل معدلات الجريمة الناشئة من اتجاه البعض لتقديم محتوى يشجع على العنف. وبالنسبة للمعنيين بالقرار اختلفت مواقفهم بين مؤيد ومعارض حيث يرى شريف عبدالله، أحد صناع المحتوى، أن القرار كان متوقعا، ودعا لوضع ضوابط منظمة لعملية فرض الضرائب، حتى لا ي ظلم أصحاب الدخول القليلة من صناع المحتوى جراء هذا القرار. وأضاف أن القرار له ب عدان، الأول إيجابي يتمثل في تقنين أوضاع صناع المحتوى، فضلا عن تقليل معدل الجريمة وتقليل المحتوى السيئ، والآخر سلبي يتمثل في فرض ضرائب على أشخاص يقدمون محتوى جيدا مما قد يسبب إحباطا لدى هذه الفئة مما سيعود عليهم بالضرر. وأوضح أن القرار لا يفرق في فرض الضريبة بين أصحاب المحتوى الهادف وبين من يتخذون الإنترنت كوسيلة لكسب الأموال من خلال تقديم محتوى غير هادف أو مشجع على العنف، مطالبا بأن يوازي دفع الضريبة تقديم خدمات تساهم في تطور صناعة المحتوى الرقمى عبر شبكة الإنترنت. من جانبه، قال محمد النواوي، وهو صاحب قناة على اليوتوب، إن القرار تجاهل أن موقع "يوتوب" يحصل على مبالغ من صناع المحتوى، بالإضافة إلى ضريبة القيمة المضافة البالغة 14 بالمائة على الإعلانات، مشددا على ضرورة أن تأخذ الدولة في عين الاعتبار تكاليف تصوير وإنتاج مقاطع الفيديوهات قبل فرض الضرائب على تلك الشريحة. أما أسامة مصطفى خبير تكنولوجيا المعلومات، فأكد أن قانون فرض الضرائب على اليوتيوبر وصناع المحتوى في مصر يهدف للحد من "السخافات" المنتشرة على وسائل التواصل كافة، وتقنين الأوضاع، والسيطرة على الانفلات الأخلاقي. وشدد على أن أي شخص يحقق إيرادا داخل البلاد، عليه أن يسدد الضريبة المستحقة مهما كان طبيعة النشاط الذي يزاوله، مبرزا ان الحكومة تواصلت مع الشركات الدولية مثل "فيسبوك" و"يوتيوب" للمساعدة في معرفة الأشخاص الذي ينطبق عليهم القرار.