الاهتمام بالمآثر التاريخية هو حفاظ على ذاكرة الشعوب وعلى الإرث التي تركته مختلف الحضارات، وهو ما تسعى إليه الدول من خلال اختيار مجموعة من المواقع والمعالم لأدراجها تراثا عالميا من طرف منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). هناك تسعة مواقع مغربية تم إدراجها تراثا عالميا أولها المدينة العتيقة لفاس(1981)، المدينة العتيقة لمراكش(1985)، قصر آيت بن حدو(1987)، المدينة العتيقة لمكناس (1996)، المدين العتيقة لتطوان (تيطاوين قديما) والموقع الأثري لوليلي سنة (1997)، المدينة العتيقة للصويرة (موكادور قديما) سنة 2001، الحي البرتغالي بالجديدة (2004)، والرباط (2012). في الحوار التالي يتحدث لنا المهندس المعماري والرئيس السابق لجمعية "الدارالبيضاء الذاكرة" عبد الرحيم قاسو عن شروط تصنيف أحد المواقع ضمن لائحة التراث العالمي وما يستفيده البلد من هذا التصنيف. 2m.ma: على أي أساس يتم تصنيف موقع ما تراثا عالميا، هل هناك شروط أو معايير ينبغي أن يستجيب لها هذا الموقع؟ أولا يجب أن تكون الدولة قد وقعت على الاتفاقية المتعلقة بحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي والتي اعتمدتها اليونسكو سنة 1972، والمغرب صادق على هذه الاتفاقية في 28 أكتوبر 1975، وهناك 10 معايير تضعها اليونسكو من بينها أن تمثل تحفة عبقرية خلاقة من صُنع الإنسان و أن تكون مثالاً بارزاً على نوعية من البناء، أو المعمار أو على مثال تقني أو مخطط يوضح مرحلة هامة في تاريخ البشرية، ويجب أن يستجيب هذا الموقع على الأقل لواحدة من هذه المعايير 2m.ma: ما الذي تقوم به الدولة التي تريد إدراج تراثها في التراث العالمي؟ قبل الوصول إلى اللائحة الرسمية لمواقع التراث العالمي، لا بد أن تعلن الدولة عن رغبتها في التسجيل في هذه اللائحة، وهو ما يسمى باللائحة التمهيدية أو القائمة الارشادية المؤقتة لمواقع التراث العالمي، حاليا وضع المغرب ضمن هذه اللائحة مجموعة من المواقع كواحة فكيك، واحات واد نون، طنجةوالدارالبيضاء، تبدأ الدولة في الاشتغال على الملف، وهو ملف تقني يتطلب حوالي 3 إلى 4 سنوات من العمل الجدِّي، حيث ينبغي أن تبين أهمية هذا الموقع وكيف تحافظ عليه الدولة، وما هي الإضافة التي يقدمها، بعد ذلك يتم وضع هذا الملف بالمعهد العالمي للتراث في باريس حيث يدرسه عدد من الخبراء بالمنظمة العالمية للآثار "الإكوموس"، وقد يأتون لزيارة الموقع المقترح ويطلبون إضافات أو يطرحون أسئلة. ينعقد مجلس التراث العالمي سنويا في فصل الصيف، وتحتضنه كل سنة إحدى الدول، وفيه يتم التصويت على طلبات الدول والملفات المقدمة من طرف ممثلي الدول الأعضاء. 2m.ma: هل يمكن أن يتم رفض الطلبات التي تتقدم بها مختلف الدول؟ عادة عندما يرى الخبراء في المؤتمرات التي يتم عقدها بهذا الخصوص أن ملف الدولة ضعيف ويحتاج إلى معطيات إضافية، عامة الدولة المعنية تطلب تأجيله حتى يتم الاشتغال على الملف مرة أخرى لتفادي تصويت سلبي يمكن أن يكون له انعكاس سيئ دبلوماسيا. 2m.ma: ما الذي تستفيده الدولة من إدراج إحدى مواقعها أو معالمها تراثا عالميا؟ تتنافس الدول على الحصول على هذا الاعتراف، هو اعتراف معنوي، يعطي إشعاعا للموقع وله أهمية من الجانب السياحي، كما يمكن أن تستفيد الدولة من مساعدات للتكوين أو دعم أبحاث الخبراء، كما أنه من الصعب إهمال موقع تم إدراجه في لائحة التراث العالمي لليونيسكو. 2m.ma: هل تحصل المواقع المدرجة في هذا البرنامج على مساعدات مالية وفق شروط محددة إذا كانت مثلا في حاجة إلى الترميم؟ عندما تطلب دولة تسجيل موقع تراثا عالميا، يجب أن تتعهد بالحفاظ عليه وصيانته، لأنه بصبح تراثا عالميا، وبشكل رمزي هو ملك للجميع، إذن فالمفروض أن تتوفر الدولة على الإمكانيات اللازمة للعناية بهذا الموقع. منظمة اليونسكو تأخذ ميزانيتها من مساهمات الدول، وهذه الميزانية في تراجع، خاصة بعد انسحاب الولاياتالمتحدةالأمريكية، وعدد المواقع المسجلة في ارتفاع، وبالتالي فمساعدة اليونسكو للدول تقتصر على الإرشاد والدراسة. والمواقع المسجلة في لائحة التراث العالمي يمكنها الحصول على دعم من بعض المنظمات المختصة كالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو" أو غيرها، شريطة الخضوع إلى المعايير الخاصة بكل منظمة. 2m.ma: بعد إدراج موقع ما تراثا عالميا، هل تضع اليونسكو شروطا ينبغي احترامها؟ وماذا يحصل إذا لم يتم احترام هذه الشروط؟ كل طلب يتضمن عددا من الالتزامات التي يجب أن تطبقها الدولة التي طلبت إدراج أحد معالمها تراثا عالميا. كما أن الموقع يتم تسجيله في لائحة التراث العالمي بحكم قيمته العالمية الفريدة. بالتالي فاليونسكو تتابع تطور هذا الموقع بناء على مضمون ملف التسجيل، وإذا لم يتم احترام أحد هذه الالتزامات، تطالب اليونسكو الدولة المعنية بتطبيق ما تعهدت به.