الخيانة العظمى ليست الخيانة العظمى محصورة في التخابر مع الأجنبي ولكن تشمل كل عمل يصب في خانة خدمة أعداء الوطن. فعندما تتحول المعارضة إلى محاولة لفرملة التوجه العام للبلاد ومحاولة لإجهاض المسلسل الديمقراطي والتهديد بالإنقلاب على المشروعية الديمقراطية، فتلك هي الخيانة العظمى بعينها لأن في ذلك بيع للوطن لأعدائه بثمن وبغير ثمن. إن ما أقدم عليه حزب العدالة والتنمية من خلق للتوتر يعتبر خيانة عظمى ولابد من الجواب عن إشكالات هذا الطرح. فالحزب شكك في إرادة المغاربة التي عبروا عنها من خلال الاستفتاء الشعبي على أول دستور تتم صياغته بشكل تشاركي، فما معنى أن يقول قيادي في الحزب إن الاستفتاء مزور؟ إن ذلك يعني شيئا واحدا ألا وهو أن الوثيقة المرجعية التي احتكم إليها المغاربة مغشوشة ولا تليق بأن تكون ضامنا لسير المؤسسات. إن التشكيك في الإرادة الشعبية هو ضرب لمصداقية العملية الديمقراطية وذلك استعدادا للخروج منها وتبرير التصرفات الطائشة للحزب. فليست هناك خيانة أعظم من تهديد بلد بمصير الجزائر الذي لا ترضاه حتى لعدوك، ولم يرض المغرب يوما لمصير الجزائر بل اعتبره محنة، فهذا السياق الذي مات فيه مئات الآلاف من المواطنين الجزائريين مدنيين وعسكريين، هو المصير الذي يبشرنا به "فرفر" الحركة الإسلامية المغربية المحسوب على الجهات الأمريكية الأمنية، وهل يستحق المغاربة فقط مصير الدم والنار وهي الشعارات التي رفعها بنكيران عند بداية تلمسه درب العمل الإسلامي على الطريقة العنيفة التي تجمع خليطا من الإيديولوجيات والعقائد من وهابية إلى سرورية إلى قطبية إخوانية. هل هناك خيانة أكبر من أن يقول مسؤول بالحزب بأن عنصرين فقط هما من يحكم المغرب؟ أليس في ذلك ضرب للمؤسسات من المؤسسة الملكية إلى مؤسسة رئاسة الحكومة والبرلمان وغيره من أدوات الحكامة؟ هل يريد العدالة والتنمية أن يقول لنا إن البلد يعيش فراغا وبالتالي هو المؤهل لملأ الفراغ؟. هل هناك خيانة أكبر من خيانة بلد فتح لك باب العمل السياسي في الوقت الذي كان نظراء بنكيران في دول عربية وإسلامية إما في السجون أو في المنافي، وحظي حزب العدالة والتنمية بامتيازات لم يحظ بها غيره، ولا نريد أن نسمع من "فرفر" الحركة الإسلامية نغمة أن وجود العدالة والتنمية هو حق ديمقراطي، لأن التاريخ لا يقرأ بأثر رجعي، لأن الوقت الذي نتحدث عنه لم يكن مقبولا دخول الحركة الإسلامية اللعبة السياسية، وهاهم دخلوا الدار وأرادوا أن يخرجوا أصحابها؛ البدو يسمونها خيانة الطعام. هل هناك خيانة أعظم من أن ينبري زعماء الحزب في توزيع للأدوار للتشكيك في جهود مكافحة الإرهاب ويعتبرون الدولة هي من صنعها؟ لقد ضربوا جهود ثماني سنوات في الصفر وطالبوا بإطلاق سراح المتورطين في الأحداث الإرهابية. حزب يضع الانتخابات نصب عينيه ومصلحته فوق كل اعتبار هو حزب خائن.