التشكيك في الانتخابات عرف المغرب العديد من الاستحقاقات الانتخابية والاستشارات وكانت القوى السياسية تخرج من بعدها لتشكك في النتيجة، وتقول إن وزارة الداخلية قامت بمجزرة تزوير وغيرها من الألفاظ والتعابير، غير أنه في العهد الجديد وبعد رحيل وزير الدولة القوي في الداخلية إدريس البصري خفت حدة هذه العملية وصولا إلى الانتخابات التشريعية لسنة 2007، التي لم يشكك فيها أي من الأحزاب السياسية باستثناء حزب واحد شكك فيها بأثر رجعي، أي أنه قبل النتائج وقال إنه لم يسجل خروقات إلا ما كان طفيفا منها ويحدث في كل البلاد الديمقراطية ثم عاد ليقول إنها مزورة. ومن المقبول سياسيا ومنطقيا أن يتم التشكيك في نتائج الانتخابات بعد صدورها، ولكن لابد من الاعتماد على معطيات واقعية وعلى أرقام وشهادات ومحاضر تفيد أن عوامل خارجية أثرت في نتائج العملية الانتخابية وكانت الأحزاب تتحدث في السابق عن تهريب الصناديق وعن تزوير المحاضر وعن وعن، لكن في انتخابات 2007 لم نسمع عن حوادث من هذا القبيل باستثناء طعونات بسيطة حسم فيها المجلس الدستوري باعتباره المحكمة المختصة في الطعونات الانتخابية، لكن على العموم خرج الكل راضيا عن نتائجها حتى الحزب المشكك حاليا كان مطمئنا لنتائجها ربما كان ينتظر من يطرق بابه للمشاركة في الحكومة ولو ببضع وزارات يسيل لها لعاب مناضلي الحزب. إلا أنه من غير المقبول سياسيا ومنطقيا التشكيك في الانتخابات قبل وقوعها، في السابق تم التشكيك فيها بأثر رجعي واليوم يتم التشكيك فيها بأثر استباقي، حيث لا توجد معطيات تفيد أنه سيتم تزوير الانتخابات، وكل المرتكزات التي اعتمدتها بعض الأحزاب للتشكيك المسبق في نتائج الانتخابات هي مجرد آليات مختلف حولها، فقد يراها هذا الحزب جيدة ويراها الآخر غير ذلك، وقد اعتمدت وزارة الداخلية مبدأ التوافق تفاديا لعملية التشكيك. وهناك من يريد تحقيق مكاسب سياسية من وراء التشكيك في الانتخابات التشريعية المقبلة، لأن التشكيك فيها ضرب للأجواء العامة التي بناها الدستور الجديد الذي دخل حيز التنفيذ يوم 30 يوليوز الماضي، وهو الدستور الذي جاء بمقتضيات جديدة وعلى رأسها محاربة الفساد بما فيه الفساد الانتخابي وقد جاوزت بنود محاربة الفساد النصف، فالأجواء العامة التي بناها الدستور الجديد يسعى المشككون والشاكون إلى تخريبها من الأساس خصوصا وأن هناك متضررون من التحولات الديمقراطية التي يعرفها المغرب. لقد أصبح التشكيك أسلوبا جديدا في التعامل مع القضايا السياسية، وهذا شهدناه في الشهور الأخيرة، حيث أنه قبل طرح الدستور للنقاش العمومي انبرى البعض للحديث عن أنه مجرد وعود وأنه لن يأتي بالجديد وهو ما زال في علم الغيب وما زالت اللجنة لم تشرع في تدوين مسودته الأولى، المهم أن حرفة التشكيك مهمة ومريحة من عناء التعب وإرهاق التفكير.