خرج بعض العلماء للحديث عن فيلم "الخروج..آلهة وملوك"، حيث تحدث محمد يسف، الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى، ومصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة، وكان يسف واضحا، إذ قال إنه لم يشاهد الفيلم، وأنه من حيث المبدأ هناك حرمة لتجسيد الذات الإلهية بل لا يجوز حتى نقاش ذلك، وقد كان يسف واضحا جدا، بينما اختار بنحمزة اللعب على القضية وتقديم خدمات مجانية للوهابية المتحكمة في وزارة الاتصال وبالتالي الإنتاج السينمائي. نشير بداية إلى أننا لسنا مع عرض الفيلم أو منعه لأنه لم تنعقد أية لجنة لتحدد الموقف منه، خصوصا وأن الأزهر الشريف قال إنه لا يوجد مانع ديني لعدم عرض الفيلم. إذن أين هو موقف العلماء من الفيلم؟ ونقصد بالعلماء الممثلين في أكبر هيئة لهم وليس كل من تصدى للخطابة ظلما وعدوانا يسمى عالم. واستغل بنحمزة الفرصة ليتساءل عن كيف يطالبون بالحرية للجميع إلا العلماء فإن عليهم ألا يتكلموا" واستهجن "اتهام البعض للعلماء بعدم المعرفة بالسينما ويريدون بالمقابل أن يفسروا كلام الله". القول بعدم وجود حرية للعلماء فيه تجن كبير على العلماء وعلى الدولة والدستور. فللعلماء مجلسهم الأعلى، وهو مجلس دستوري، وحدد الدستور وظائفه، ولأي مؤسسة ضوابطها وإلا أصبحت فوضى، فللعملاء الحق في الحديث في المقاصد والتعبير عن رأيهم لكن لما يتعلق الأمر بمسألة الفتوى وتحديد الموقف من نازلة معينة فإن الأمر يخرج عن نطاق الحرية والموقف الشخصي ويتطلب تدخلا علمائيا رسميا يعبر عنه المجلس وليس عضو من المجلس. فمجلس العلماء يتوفر على لجنة للإفتاء وهي المخصصة بالموقف من النوازل، والمجلس ليس دارا للغو الكلام ولكنه أداة للبحث العلمي والتجديد الديني، وهو لم يقل اية كلمة في الفيلم، وقد قال بنجمزة إن العلماء يفهمون في السينما، وهذا واجب قبل تحديد الموقف، لكن هل شاهد بنحمزة وغيره الفيلم للحكم عليه. فبالنسبة لفيلم الخروج فإنه حق أريد به باطل، فلو جاء الفيلم في السبعينات أو الثمانينات لقلنا إن هذه الانتفاضة مقبولة لأن السينما كانت الوسيلة الوحيد للعرض، ولم نكن نتوفر سوى على قناة واحدة. فهل يعلم بنحمزة أن فيلم الخروج يباع الآن مقرصنا بخمسة دراهم؟ وهل يعلم أنه بعد شهر أو شهرين سيعرض في قنوات يشاهدها المغاربة؟ فما الفائدة من المنع الآن؟ وهل ما قاله بنحمزة مبدئي أم خدمة للوهابية وللوزير الذي تورط في قضية لم يفهمها ويحاول اليوم الخروج منها بأقل الخسائر حتى لو خسرت الدولة بضعة ملايين كتعويضات لأصحاب الفيلم؟ فبنحمزة، الذي يحب الكلام ويحب مجالسة الولاة والعمال ويحب الحديث حتى في الولائم والعقيقات بشرط أن يكون والي وجدة حاضرا فيها، يجب أن يتعلم متى يتكلم ومتى يصمت، لان صمت العلماء أحيانا أبلغ من كلامهم، وعضويته في المجلس تحتم عليه الالتزام بمقررات المجلس، وألا يتحول إلى مفتي بل متحدثا في قضايا علم الكلام، الذي سيسقطه في أشياء لا يحبها، ومن الكتب التي يستشهد بها هناك تجسيد للذات الإلهية، حيث يتم تصويره سبحانه وتعالى على أنه ينزل للسماء الدنيا ويُسمع له أطيط وغيرها من التجسيدات، وعلى رأس المجسدة ابن تيمية شيخ السلفيات الذي كان يخطب في مسجد دمشق وقال إن الله ينزل إلى السماء الدنيا كنزولي هذا ونزل درجا من المنبر، وهو ما أغضب الرحالة ابن بطوطة الذي كان حاضرا. المنع لن يفيد سوى أن يزيد الفيلم، الذي قال عنه نقاد إنه دون القيمة الفنية، إشعاعا وفق قاعدة "كل ممنوع مرغوب فيه".