ظهر أن عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة وزعيم العدالة والتنمية والتوحيد والإصلاح، وفي لخياراته منذ أسس الجماعة الإسلامية سنة 1981، في تصنيف الأشياء والأفكار والناس إلى مقدس ومدنس، وحتى في حكومته هناك الوزير المقدس والوزير المدنس، ولم يفلت سوى وزير واحد من خارج العدالة والتنمية لأنه بايع الجماعة ضدا في حزبه. لقد تحول بنكيران، من خلال كتيبته في البرلمان وكتيبته الإعلامية وفيالق الفايسبوك والمواقع الاجتماعية والكتيبة المتخصصة في التعليق على المواضيع، إلى زعيم كهنوت يوزع صكوك الغفران على الوزراء، فهذا يخدم أجندة الدولة العميقة وذاك عميل مختفٍ لفرنسا وثالث يريد إغراق البلد. فقد هاجم حزب العدالة والتنمية في وقت قصير، ثلاثة وزراء من حكومة بنكيران، ويتعلق الأمر بمحمد حصاد، وزير الداخلية، ورشيد بلمختار، وزير التربية الوطنية، ومحمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية. فإذا كان الأول والثاني محسوبين على التقنوقراط فإن الثالث ينتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار، الحليف الرئيسي لبنكيران في الحكومة الثانية بعد خروج حزب الاستقلال. فقد اتهم رشيد بلمختار بالعمالة لفرنسا وأنه ضد المغرب ويسعى لفرض تعليم استعماري على أبناء المغاربة، بينما كال الحزب الاتهامات تلو الأخرى لحصاد ولم يسلم بوسعيد من قرصات الفريق النيابي، الكتيبة المكلفة بتقريع أحزاب الأغلبية قبل المعارضة، بل من يستمع لخرجات رئيس الفريق بمجلس النواب يخاله يستمع لفريق في المعارضة المتطرفة وليس فريقا يقود الأغلبية الحكومية. فما سر هذه الخرجات الإعلامية المتواترة ضد وزراء حكومة بنكيران؟ وهل هناك خطة في هذا الاتجاه؟ نعم بنكيران لا يقوم بأي أمر إلا بعد أن يقلب النظر كثيرا ليعرف الربح من الخسارة. فحزب العدالة والتنمية اكتشف أمورا كثيرة بعد تسييره للشأن العام. فهو كان يريد استغلال المناصب الوزارية من أجل خدمة أهداف الحزب. لكن واقع الحال كان صادما. لقد اندهش الحزب بتسيير الحكومة، والبداية مزلة كما يقول أبو هلال العسكري ولكل داخل دهشة. غير أن قادة الحزب الإسلامي لا يريدون التعلم ولكن يريدون الاستغلال فقط للمنصب الوزاري. وتبين لهم أن الأمر بالصعوبة بمكان وأنه لا يمكن أن تمر فوق جراح شعب لتبني مجدك لوحدك. لقد انتبه بنكيران، وهو رجل رغم أنه لا يقرأ، إلى خطورة الوضع، وأنه بدل أن ترفع الحكومة من قيمته فإنها ستحط من قدره كثيرا وستضرب حزبه في مقتل. لكن بنكيران ليس بالرجل الذي يضع كل بيضه في سلة واحدة. فرجل في الحكومة ورجل في الفوضى. فنصف الحزب يتولى المناصب الوزارية ويستفيد من خيرات الحكومة ومما يدره المنصب والنصف الثاني يقود معارضة مغلفة داخل البرلمان. فبنكيران يريد أن يقول للناس إنه ليس هو من فشل ولكن بعض الوزراء هم الذين فشلوا. لكن هذا ضحك كالبكاء. فبنكيران رئيس للحكومة ومسؤول عن اختيار وزرائه وأي فشل لهم هو فشل له. فالرجل عينه على الانتخابات الجماعية.