أن يطلب تيار سياسي أو حزب سياسي أو فريق في المعارضة مراقبة الانتخابات من قبل منظمات أجنبية يكون ذلك مفهوما. لكن أن يطالب بذلك فريق العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة، هنا مكمن الإشكال وموطن الاستشكالات. فمعروف دائما أن المعارضة هي التي تتخوف من أي تلاعب في الانتخابات ولا تتوفر على ضمانات نزاهتها، لكن حزب العدالة والتنمية هو الذي يقود الحكومة وبالتالي هو الذي يترأس مع أغلبيته الجهاز المشرف على الانتخابات. فما خلفية المطالبة باعتماد المراقبين الأجانب؟ حزب العدالة والتنمية لا يتخوف من تزوير الانتخابات لأنه هو من يقود التحالف الحكومي الذي يبدو أنه سلم المقود لبنكيران دون محاسبة، بما في ذلك الحليف الجديد التجمع الوطني للأحرار الذي رضي بالمقاعد الوزارية مقابل خدمة أجندة الحزب الإسلامي، وحزب العدالة والتنمية لا يشك في أن الانتخابات لم يعد مقبولا على أي مستوى من مستويات الدولة أن يتم تزويرها، ولكنه مع ذلك يصر على إحضار المراقبين الأجانب. فالتطلع إلى حماية الأجنبي هو المشترك الثابت بين تنظيمات الإخوان المسلمين شرقا وغربا. ولم يكن عزيز أفتاتي، النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية يمارس الخطأ وهو يراسل السفير الفرنسي بخصوص الاعتداء على المحامي نورالدين بوبكرن ولكنه كان ينفذ تعليمات شيخه عبد الإله بنكيران، بدليل أنه تم إخراج أفتاتي من باب الأمانة العامة ليدخلها من النافذة بعد مرور حوالي سنة أو أقل ليتبين أن القوم ليسوا مبدئيين وإنما في جينات دمهم الاستقواء بالأجنبي والحماية. ولهذا نجد الإسلاميين بمجرد أن تلوح في الأفق بوادر تمرد معين يخرجون أيديهم ممدودة نحو السفارات الأجنبية، ولا يمكن أن نستثني هنا أي فصيلة من فصائلهم، بل كلهم تقدموا نحو الأجنبي حتى من كانوا يلعنونه جهرا تحالفوا معه، وجاءت حكومات الإخوان المسلمين من تركيا إلى مصر مرورا بتونس بحكم صفقات مع المخابرات الأمريكية. فعلاقة العدالة والتنمية بالأجنبي تبدو صغيرة نظرا لصغر دوره في المغرب، ونظرا لكون النواة الصلبة للدولة قائمة ومتماسكة ولم يتمكن من المس بها كما كان يريد، وبالتالي فإن دوره المقزم يحتم عليه التواري إلى الوراء ومن تم تبقى علاقته بالأجنبي بالحجم الذي يحتله في السياسة العمومية ومن خلال تنسيقات يقودها بعض الوزراء والقياديين مثل مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، الذي يحج إلى أمريكا كثيرا بل يعتمر إليها وقت العمرة الرمضانية. فالجماعات الإخوانية لم تعد تخفي صلتها بالأمريكي والبريطاني والشيطاني إذا كان الهدف هو الحكم. فبنكيران الذي يوجد اليوم في الحكومة يفكر فيما بعد الحكومة. يفكر في استغلال منصبه اليوم لموقعه غدا. ويريد أن يستغل هذا القانون في تأويلات أخرى مرتبطة بالربيع العربي. فهذا هو الحزب الإسلامي ويوما عن يوم يؤكد ما قلناه عنه سابقا بأنه حزب غير وطني.