يعد فوز حزب العدالة والتنمية بالرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، وبفارق شاسع على منافسيه، بدأت تطرح السيناريوهات المحتملة لتشكيل الحكومة، وهي احتمالات لا تخرج عن سياق تحالف العدالة والتنمية مع الكتلة الديمقراطية أو التحالف الثماني أو الكتلة ناقصة أو ج8 ناقص أيضا، وهي احتمالات واردة ولا يمكن استبعاد أية واحدة منهم، لكن كل واحدة تطرح مجموعة من الاستشكالات لا مندوحة للحزب الفائز من النظر فيها جيدا. فهل التحالف مع الكتلة، وهو الأوفر حظا، تحالف معقول ومقبول على المستوى الشعبي؟ هذا التحالف غير منطقي حتى وإن كان حزب الاستقلال يشترك مع العدالة والتنمية في الانتماء الشكلي للسلفية، غير منطقي لأنه لا يمكن لأحزاب الكتلة التي دبرت الشأن العام وكانت في الحكومة منذ 13 سنة إما قيادة أو مشاركة أن تعود هي نفسها للحكومة مضافا إليها العدالة والتنمية، لقد كانت هذه الأحزاب هي القوية في الحكومة وبالتالي فهي تتحمل تبعات تدبير الشأن العام والذي لم يكن بشكل جيد بل كان وراء خلق التوترات الاجتماعية. فإذا تحالفت الكتلة مع العدالة والتنمية فكأننا أمام حكومة مطعمة لاستكمال مشوار الحكومات السابقة المميز في عمومه بالفشل في الإجابة عن مشاكل المغرب الحقيقية، ومعها لن يكون معنى للانتخابات السابقة لأوانها ولا للدستور الجديد. لقد أصبح مفروضا خروج عباس الفاسي وحزبه من الحكومة ومعه الاتحاد الاشتراكي الذي ينبغي أن يخرج للمعارضة بعد أن لم يستطع الانسجام مع ذاته في الحكومة وفشل في التسيير والتدبير، كما أنه مطلوب من أجل ممارسة المعارضة الرقابية على حكومة الإسلاميين. ومن ثمة إذا كان لا مندوحة عن التحالف مع الكتلة فلابد من خروج حزب الاستقلال منها لأنه هو الذي قاد المرحلة السابقة. وبالتالي تتشكل الحكومة من تحالف البي جي دي مع الاتحاد الاشتراكي وبضعة أحزاب صغيرة ويخرج الاستقلال للمعارضة. أما تحالف العدالة والتنمية مع ج8 إذا ما فشل تحالفه مع الكتلة فيبقى امتحانا صعبا لأن حزب الإسلاميين جعل من حزب الأصالة والمعاصرة خطا أحمر، لكن ينبغي قبوله إذا أراد بنكيران أن يبرهن على أنه ليس إقصائيا، لأن هذا الحزب تم تكريسه انتخابيا ومن خلال أصوات المغاربة، الذين أصبح العدالة والتنمية يترأس حكومتهم جميعا بدون استثناء، فلما فاز راخوي في إسبانيا قال إنه رئيس حكومة جميع الإسبان وكذلك ساركوزي قال عند فوزه إنه رئيس جميع الفرنسيين، ونتمنى ألا يعيد تجربة عزيز رباح في القنيطرة عندما طرق بابه مواطن من سوق الوئام فقال له أنتم الذين طردتمونا أثناء الحملة. لكن هناك حاجز نفسي يمنع الآن من مثل هذا التحالف وبالتالي يمكن أن يتحالف العدالة والتنمية مع جزء من ج8 يعني الأحرار والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري.