هل أصبح عبد الإله بنكيران يتحرك خارج سياق رئاسته للحكومة؟ ألم يتمكن من الفصل بين مهمته في رئاسة الحكومة ومهمته في الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية؟ وهل يستغل موقعه في الحكومة هو جزء من قادة الحزب الإسلامي لتصفية الحسابات مع خصومه السياسيين؟ لقد أطلق بنكيران نعوتا في حق غريمه السياسي حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، تحتاج إلى وقفة مع المستوى الذي وصلت إليه رئاسة الحكومة كمؤسسة من مؤسسات الدولة. لقد قال عن خصمه السياسي إنه السيد 10 في المائة من كل الصفقات، بما يعني اتهام خصم سياسي بالفساد. من يقول هذا الكلام؟ وما هو موقعه من محاربة الفساد ومن آليات محاربة الفساد؟ هذا كلام رئيس الحكومة المفروض فيه حماية المؤسسات من الابتذال. وهذا كلام الزعيم السياسي الذي وصل إلى الرتبة الأولى في الانتخابات التي منحته رئاسة الحكومة عن طريق شعار "محاربة الفساد". وهذا كلام من يجمع بيده كل آليات محاربة الفساد ويتوفر على الاختصاصات الدستورية الكفيلة بذلك. وأكثر من ذلك فإن رئيس الحكومة يتوفر على الآليات القانونية لمحاربة الفساد. فرئيس الحكومة هو المسؤول المباشر عن كل الوزراء. بما يعني أنه المسؤول المباشر عن وزير العدل الذي هو نفسه رئيس النيابة العامة. ووزير العدل يأخذ تفويضه من رئيس الحكومة. وبالتالي فإن رئيس الحكومة هو رئيس النيابة العامة وبالتالي فإن أوامره تنتقل مباشرة إلى وزير العدل التي تتحول بدورها إلى ممثلي النيابة العامة. فلما يُصدر رئيس الحكومة اتهاما لزعيم سياسي فإنه يتلقى عمولات في الصفقات العمومية فإنه يُصبح من المفروض اعتقال هذا الزعيم من طرف أي شرطي وفي أي مكان أصبح موجودا وأن أي نيابة عامة يوجد هذا الزعيم فوق ترابها ملزمة بإصدار أمر بإيقاف هذا السياسي لأن رئيس النيابة العامة اتهمه بالفساد. فهذا من الناحية القانونية. أما من حيث المنهجية الديمقراطية فهي تفترض أن يكون بنكيران رئيسا لحكومة عموم المغاربة وليس رئيسا لحزب سياسي. لكن بنكيران لا يريد أن يفصل بين رئاسته للحكومة وهي الصفة الغالبة اليوم وبين الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية التي هي اليوم صفة ثانوية. لقد تبين أن رئيس الحكومة يدير حملة انتخابية من خلال مهاجمة خصومه السياسيين، وذلك باستعمال وسائل الدولة وإمكانيات الحكومة. وعودة إلى المنهجية القانونية، فهي تقتضي أن يتم اعتقال حميد شباط زعيم حزب الاستقلال وخصم بنكيران العنيد الذي دفعه إلى استجداء حزب التجمع الوطني للأحرار من أجل تشكيل حكومة جديدة، وذلك لأن رئيس الحكومة يملك أدلة كما قال أدلة واضحة عن تورط خصمه في الفساد وفي العمولات. فإذا لم يتم اعتقال شباط سنصبح أمام أمرين: إما أن رئيس الحكومة يُهرج فقط وما كان ينبغي له ذلك لأن هذا التهريج يمس في مصداقية مؤسسات الدولة. وإما أنه على يقين مما قال ويفتح الباب أمام التهرب من المساءلة القانونية ويستعمل الملفات فقط لمحاربة خصومه السياسيين.