النظام الجزائري المستبد الذي لم يتردد لحظة في جمع وحجز واعتقال ثم طرد350.000 مغربي ،بعد فصلهم عن أزواجهم وأبنائهم وأحفادهم وأصهارهم، ذات يوم من أيام عيد الأضحى من شهر دجنبر 1975 ،هو نفس النظام الذي ورث الاستبداد والديكتاتورية في أفظع صورها ليلقي ،على الحدود المغربية، بأكثر من سبعين مواطنا سوريا ،دخلوا الجزائر بطريقة قانونية عبر مطار الجزائر . نفس النظام الذي قام بعمله الإجرامي في منتصف سبعينيات القرن العشرين ثم أنكره، هو نفس النظام الذي طرد لاجئين سوريين في منتصف يناير من القرن الحادي والعشرين، ثم يبادر بنفي ما اقترفه أمام الملأ. إنها سياسة ممنهجة تفتقت عليها عبقرية النظام الديكتاتوري لهواري بومدين الذي تنكر لكل الأيادي البيضاء التي أسداها له ولرفاقه المغاربة ،ملكا وحكومة وشعبا، في وقت العسر والضيق والقمع والقهر المسلط عليهم من طرف الاستعمار. وكان رجال المقاومة في المنطقة الشرقية يحملونهم على ظهورهم إلى أن يوصلوهم، آمنين مطمئنين، إلى المكان المخصص لهم، ثم يمدونهم بالمال والسلاح والعتاد وكل ما يحتاجون إليه لمساعدتهم في كفاحهم من أجل الاستقلال. ما فعله نظام بومدين بالأمس يكرره نظام بوتفليقة اليوم . بومدين عبر عن غيظه الشديد لقرار الراحل الحسن الثاني بتنظيم المسيرة الخضراء لتحرير الصحراء ، وبوتفليقة يعبر عن غيظه الكبير لقرار الملك محمد السادس بتسوية أوضاع المهاجرين من خلال قانون الهجرة ،فبادر الحكام الجزائريون بجمع وطرد المهاجرين الأفارقة نحو المغرب . وفي الحالتين معا ، شمر المغرب والمغاربة على ساعد الجد لاستقبال وإيواء إخوانهم المغاربة والأفارقة والسوريين المطرودين شر طردة من الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الاشتراكية و.. و.. العربية الإسلامية التي لم تراع في ذلك إلا ولا ذمة أقل ما يمكن أن يقال فيما اقترفته الجزائر أنه عمل غير إنساني خاصة حي يتعلق الأمر بنساء وأطفال منهم الرضع رمت بهم السلطات الجزائرية على الحدود المغربية بدون وخز ضمير.. بلغ عدد السوريين المطرودين 77 شخصا، من بينهم 18 امرأة و34 طفلا، وجدوا كل الرعاية والعناية والإيواء. ومع ذاك ، لم يستطع وزير الخارجية الجزائري، الذي أصبح يقوم بمهمة المكلف الرسمي بالرد على المغرب، أن يكذب على نفسه ، فكلف أحد موظفيه لينطق سفاهة وتفاهة. جهاد فرعون ،منسق رابطة السوريين الأحرار في الدول المغاربية، المقيم في الرباط، قال في وقت سابق لفرانس برس ،أن "عدد السوريين الذين حلوا في المغرب منذ بدء النزاع في سوريا، يبلغ حوالي 2500 سوري". أما مارك فاوي، المسؤول في المفوضية العليا للاجئين بالرباط،فقد أوضح لفرانس برس ، أن "السوريين طالبي اللجوء في المغرب، استأنفوا تسجيلهم منتصف شهر دجنبر، ويبلغ عددهم اليوم 1000 سوري تقدموا بملفاتهم" . وأضاف: " اللاجئون السوريون ينتظرون قرارا من السلطات المغربية يوفر لهم الحماية المؤقتة التي من شأنها أن تسمح لهم بالبقاء في الأراضي المغربية والاستفادة من برنامج للمساعدة."". تجدر الإشارة إلى أن عدد السوريين الذين قدموا إلى المغرب من الجزائر بشكل سريع، بالتزامن مع الهجرة الواسعة الناجمة عن نزاع خلف حتى الآن أكثر من 130 ألف قتيل، وأسوأ أزمة لاجئين عرفها العالم منذ عقدين من الزمن. وكالة الأنباء الفرنسية تحدثت عن عشرات اللاجئين السوريين الذين قامت السلطات الجزائرية بطردهم نحو المغرب ، ونقلت تصريحات لمواطنين سوريين كانت شهادات تكذيب صادمة لما روجته الجزائر ضد المغرب .في هذا الصدد قال المواطن السوري فياض محمد النعسان أبو قاسم أنه قضى ثلاثة أيام في الجزائر من دون أن يجد ما يسد به رمق أسرته ، واضطر الجميع للمبيت في العراء في أجواء جد باردة. لاجئ سوري آخر يدعى غازي رمضوني قال إنه مر وأسرته بوضعية صعبة في الجزائر حيث كان يوجد فيها منذ ثلاثة أشهر. لاجئون آخرون من مختلف الأعمار صرحوا لمتلف القنوات الإذاعية والتلفزية المغربية والدولية أنهم دخلوا الجزائر، جوا، بطريق قانونية مستدلين في ذلك بجوازات سفرهم التي تحمل تواريخ وطوابع وأختام مصالح الأمن بمطار هواري بومدين. من جهتها ، صرحت نصيحة بصراوي، رئيسة جمعية الوفاء من أجل التنمية الاجتماعية لوكالة الأنباء الفرنسية ، بأن الجمعية استقبلت يوم الأحد الماضي 48 سوريا مطرودا من الجزائر، ويوم الثلاثاء الماضي تم طرد 27 سوريا ، من بينهم 12 طفلا، واحتضنتهم الجمعية المذكورة. كل هؤلاء يكذبون: وكالة الأنباء الفرنسية تكذب. اللاجئون السوريون المطرودون يكذبون. فعاليات المجتمع المدني تكذب. المهاجرون الأفارقة يكذبون. فقط النظام بالجزائر لا ينطق عن الهوى. حمادي الغاري