أصبحت قضية "تهريب الأموال" إلى الخارج مسيئة للمغرب وليس لمن أطلقها. أصبحت مسيئة لاقتصاد البلد وليس لعبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة. أصبحت مقرفة ومنفرة للمستثمر الأجنبي الذي بدأ في فقدان الثقة في بلد يلجأ أبناؤه إلى تهريب أموالهم للخارج. فمن العيب أن يلجأ بلد للاستثمارات الأجنبية في حين يقوم أصحاب الرساميل من أبناء البلد بتهريب مبالغ ضخمة في غفلة من الدولة. ليست هذه تكهنات ولكن هذه الصورة المرسومة عن المغرب اليوم، نتيجة كلمات بنكيران في مجلس النواب، وهي كلمات لا يزنها، وعليه أن يتعلم من الفرنسيين الذين يقولون "قبل أن تلقي الكلمة رددها في داخلك سبع مرات" ما دام لم يتعلم من تعاليم الإسلام التي يقول فيها صاحب الشريعة السمحاء صلى الله عليه وسلم "من كثُر كلامه كثر سقطه" ومادام لم يتعلم من الرسول الذي ما أفحش في الكلام لحظة واحدة. لقد سقط بنكيران نتيجة كثرة كلامه ونتيجة تقولاته الكثيرة، فأراد أن يداوي الجرح بالعفن، أو كما يقول المغاربة "بلارج جا يبوس ولدو عاورو"، فكلام بنكيران هو كلام للاستهلاك السياسي من أجل مواجهة خصومه الذين واجهوه بفشل سياساته الحكومية، فأراد أن يرعبهم من خلال التلويح بملفات خطيرة يتوفر عليها، ونسي بنكيران أن كلمته تلقفتها وسائل الإعلام الوطنية والدولية. ومضمون ما نقلته وسائل الإعلام أن المغرب هو بلد تهريب الأموال، وهذه الصفة مانعة من الاستثمار وبالتالي يكون بنكيران قد أضاف خطيئة إلى أخطائه. فلقد خفض في قرار انفرادي ميزانية الاستثمار بالنصف فضرب الاقتصاد الوطني دون الحديث عن الميزانية المرحلة وعن الزيادات و"زاد كملها وجملها" بهذا النعت الخطير، الذي ستكون له تداعيات رهيبة بخصوص الاقتصاد الوطني حيث سيتناقص حجم الاستثمارات الواردة من الخارج. غير أن المستثمر الأجنبي يمكن أن يستعيد ثقته في بلد الاستضافة إذا ما تأكد ألا أحد فيه يفلت من القانون، وأنه يتم محاسبة الجميع كبر شأنهم أو دنا، وأن هناك قوانين تحمي من التغول وتحمي من فرار الرأسمال إلى الخارج مما قد يؤثر على حركة السيولة التي تؤثر بدورها على الاستثمار. إذن أمام بنكيران كي يعيد الثقة إلى المستثمر الأجنبي أن يكون "قد فمو قد دراعو". يعني أن بنكيران الذي قال إنه يتوفر على لائحة الأشخاص الذين قاموا بتهريب الأموال إلى الخارج، وأن اللائحة تضم مسؤولين حزبيين قصد إسكات الفريق الاستقلالي بمجلس النواب، الذي نغص عليه التبوريدة بالمجلس، يعني أنه على بنكيران أن يعلن عن هذه اللائحة ومتابعة أصحابها قانونيا وإلا ستبقى قصة اللوائح قصصا وهمية. وإذا لم يكن بنكيران يتوفر على هذه اللائحة وقالها في حالة غضب وإنقاذا لماء وجه المغرب في الخارج أن يعتذر عن خطئه الذي ارتكبه في لحظة "طلوع السكر" وأن يقدم استقالته، وينبغي أن تكون الاستقالة هذه المرة فعلية لا فرزدقية يتغنى بها مثلما فعل الرميد والخلفي والشوباني وبوانو وغيرهم.