استيقظ عبد القادر اعمارة، وزير التجارة والصناعة، متأخرا ليكتشف أن هناك صعوبات في جلب الاستثمارات إلى المغرب، ومنذ تعيينه وزيرا لم يسمع له حسيسا ولا ترك بصمة في مجال من المجالات. لقد كان صادقا في تشخيص الوضعية الاقتصادية التي تعرف صعوبات في جلب الاستثمارات لكن كان مراوغا عندما تحدث عن الأسباب. والتي حصرها في استغراق المفاوضات مع الشركات الكبرى وقتا طويلا. وهنا نسأله : لكن ما هي وضعية الاستثمارات التي كانت قائمة قبل أن تصلوا إلى الحكومة والتي تجمدت أو فرت بعد أن أصبحتم في الحكومة؟ كيف تحول المغرب من قبلة للاسثمارات الأجنبية إلى مكان يعرف صعوبات في جلب الاستثمار؟ ما هو مآل البنيات التي هيأها المغرب كأرضية لاستقطاب عالم الأعمال؟ من غير وجهة المستثمرين؟ ولماذا لم تتمكن الحكومة الحالية من الحفاظ على ما كان قائما قبل أن تضيف إليه جديدا؟ لن نكون قساة إذا حملنا الحكومة المسؤولية التاريخية عن الانهيار الذي عرفه الاقتصاد الوطني والاستثمارات بكل أشكالها، وذلك لغياب أسلوب للتعامل مع المال والأعمال، فلقد رسمت الحكومة الملتحية صورة مخيفة عن نفسها، وهي الصورة التي أرعبت رجال المال والأعمال، وتماسيح بنكيران وعفاريته هي التي طردت الاستثمار، فأنَّى لها بالقدرة على جلبه؟ فإذا كان الرجل هو أسلوبه والأسلوب يخرج لغة منطوقة فإن لغة بنكيران هي لغة محارب وليست لغة رجل السياسة، ولغة الوزراء الملتحين هي لغة كتيبة مهاجمة للجميع، تبحث عن العفاريت والتماسيح المختبئة في مكان ما لقتالها. وأول كلمة نطقها الوزراء الملتحون هي "سنحارب"، و"سنشن حربا لا هوادة فيها". وكانت هذه هي الضربة التي تم توجيهها للاقتصاد. لأن تخويف الناس دفعهم إلى تهريب أموالهم إلى الخارج وإلى بيوتهم حيث أصبح كل بيت يتوفر على "كوفر" مما أضعف السيولة لدى الأبناك، وضعف السيولة يؤثر سلبا في الاستثمار الذي تموله الأبناك. ولم يكتف بنكيران ووزراؤه الملتحون بلغة الحرب بل دخلوا في ممارسات عنيفة تجاه عالم المال والأعمال. ولحد الآن لم تخلق الحكومة مناخا ملائما ومناخا للثقة بين الطرفين. فلأول مرة في تاريخ المغرب تشعر الباطرونا والطبقة العاملة أن مصيرهم مهدد من طرف الحكومة، حيث اضطرت الباطرونا والنقابات للجلوس بدون الحكومة لإيجاد حل للمشاكل التي يعرفها عالم التشغيل.