أثارت تصريحات المسؤولين في صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع تساؤلات كثيرة حول إمكانية عودة برنامج التقويم الهيكلي، فالصندوق رسم بشكل واضح للحكومة خارطة الطريق التي يجب اتباعها من أجل الاستمرار في الحصول على دعمه. ويرى الاقتصاديون أن خطورة هذه التصريحات تتمثل أساسا في كونها جاءت مباشرة بعد حصول المغرب على خط ائتماني بقيمة 6.2 مليارات دولار من الصندوق، وقرض بقيمة مليار ونصف المليار دولار عبر بيع سندات سيادية، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول إن كانت هذه الخطوة نعمة أم نقمة. على عكس ما صرح به رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران عندما برر الزيادة القياسية في أسعار المحروقات، التي أعلن عنها عند توليه زمام تسيير البلاد، بأن المغرب لجأ إلى هذا الخيار لتفادي أي لجوء مستقبلي للسوق الخارجية من أجل الاستدانة، فإن المغرب يتجه حاليا نحو مزيد من الاقتراض من الخارج والداخل لمواجهة عجز الميزانية وتفاقم نقص السيولة. وليس أدل على هذا التوجه الحكومي «المدروس» أكثر من استفادة المغرب من خط ائتماني لصندوق النقد الدولي بقيمة 6.2 مليارات دولار كانت بمثابة محفز لخطة بيع السندات السيادية التي حصل المغرب بموجبها على قرض تصل قيمته إلى مليار ونصف المليار دولار، وهي الخطوة التي يرى بعض الاقتصاديين أنها ستضمن مستقبلا التوازنات الماكرو اقتصادية للبلاد، في حين يعتبر البعض الآخر أنها ليست سوى ورطة ستكون لها تداعيات وخيمة مستقبلا، خاصة أن استعمالات هذا القرض لن تكون للاستثمار المنتج، بل ستقتصر على التخفيف من العجز في الميزانية وتغطية النفقات الطارئة. ويبدو أن بنكيران قد آمن حاليا بضرورة تنفيذ جميع مقتضيات مشروع ميزانية 2012 الذي يتيح للحكومة الحصول على أزيد من 64 مليار درهم، منها 44 مليار و500 مليون درهم من المؤسسات النقدية الدولية، و20 مليار درهم من السوق الداخلية بواسطة بيع سندات الخزينة، بعدما فشل في تدبير المرحلة من الناحية المالية والاقتصادية. وقد دافع نزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية، عن خيار توجه الحكومة إلى السوق الدولية من أجل اقتراض مبلغ مليار ونصف المليار دولار، معتبرا ذلك نصرا كبيرا للحكومة وللمغرب عموما، على اعتبار أن المغرب حصل على أدنى نسبة فائدة بين الدول النامية بشروط تمويلية تفضيلية، حيث حددت فائدة قرض المليار دولار في 4.25 بالمائة على عشر سنوات، في حين حددت الفائدة على قرض 500 مليون دولار في 5.5 بالمائة، على أن يسدده خلال ثلاثين سنة. ولا يرى بركة أن لجوء المغرب إلى استخدام الخط الائتماني الموضوع رهن إشارته من أجل الاقتراض من السوق الدولية فاتحة أمام عودة صندوق النقد إلى التحكم في الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن مصدر القروض يبقى متنوعا بين مجموعة من البنوك وأصحاب الأصول. غير أن هذه المسألة تكذبها تصريحات مسؤولين في صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع، حيث رسم صندوق النقد الدولي للمغرب خارطة جديدة للإصلاحات الهيكلية الضروري إقرارها «عاجلا» من أجل الصمود في وجه الظرفية الدولية الصعبة ودعم النمو الاقتصادي والحفاظ على توازنات المالية العمومية. وقلل الصندوق من المخاوف المعبر عنها إزاء خط الوقاية والسيولة، كما طالب الحكومة بالتعامل مع هذا الخط بصفته «آلية وقائية وعدم تحريكه إلا في حالة الأزمة»، مؤكدا أن «مديونية المغرب لا تبعث على القلق». ورغم أن جون فرانسوا دوفان، الذي ترأس مؤخرا بعثة للصندوق إلى المغرب، أشاد بالبرنامج المعتمد من قبل السلطات المغربية المدعوم من المؤسسة المالية الدولية نفسها عبر خط للوقاية والسيولة، فقد طالب المغرب بإقرار إصلاحات هيكلية وصفها ب»الملحة والعاجلة». وقال دوفان: «يبدو مستعجلا أكثر من أي وقت مضى تفعيل الإصلاحات الأساسية الكفيلة بتمكين المغرب الحفاظ على أدائه الاقتصادي في مواجهة محيط خارجي صعب». وأضاف المسؤول رفيع المستوى في صندوق النقد الدولي قائلا: «رغم المنجزات المحققة، يلزم بذل جهود إضافية من أجل تقليص البطالة، ولا سيما في صفوف الشباب، وتحسين المؤشرات الاجتماعية من قبل الأمية والمساواة في الولوج إلى الخدمات الأساسية، وخدمات الصحة والتربية». وأكد دوفان أيضا على «ضرورة اتخاذ تدابير أساسية لتحقيق نمو أكثر قوة وتضامنا بفضل إصلاحات سوق المنتجات وسوق العمل والاستثمارات وتحسين مناخ الأعمال». وامتدت وصايا صندوق النقد الدولي كذلك إلى إصلاح أنظمة التقاعد، حيث اعتبره قائد بعثته إلى المغرب «ضرورة عاجلة لضمان ديمومتها والحفاظ على وثوقية المالية العمومية على المديين المتوسط والبعيد». وبخصوص تفاقم العجز التجاري للمغرب، طالب مسؤولو الصندوق المغرب كذلك ب»إصلاحات هيكلية»، والانتقال إلى اعتماد سعر صرف مرن لدعم تنافسية الصادرات المغربية وحماية البلاد من الصدمات الخارجية. بالمقابل، وجه الاقتصادي إدريس بنعلي انتقادات شديدة بخصوص لجوء المغرب إلى الاستدانة من الخارج عبر بيع السندات السيادية، معتبرا أن هذه العملية ستكون مكلفة على المديين المتوسط والبعيد، مشيرا إلى أن معدلات الفائدة المحددة في 4.25 و5.5 في المائة تظل مرتفعة نسبيا بالنظر إلى الثقة التي حصل عليها الاقتصاد الوطني من المؤسسات الدولية ووكالات التنقيط العالمية. وأضاف بنعلي أن المغرب سيعاني مستقبلا من أجل سداد هذه الديون المتراكمة، خاصة أن الهدف منها هو سد العجز الحاصل في الميزانية، وليس القيام باستثمارات ذات قيمة مضافة عالية يمكن أن تحقق له مداخيل تمكنه من سداد فوائد القروض. والمثير في مسألة لجوء المغرب إلى المديونية الخارجية لحل مشاكله الداخلية هو القرض التي يحصل عليها بشكل دوري من بعض البنوك والصناديق السيادية، خاصة منها البنك الإفريقي للتنمية، والتي تجاوزت الملياري أورو خلال السنة الجارية، منها حوالي 440 مليون أورو من البنك الأوربي للاستثمار و121 مليون أورو من البنك الإفريقي للتنمية، حيث سيخصص القرض الأول، الذي استفاد منه المغرب خلال شهر دجنبر الجاري، لتمويل بناء طريق جديد بين مدينتي الجديدة وآسفي جنوبالرباط، وتوسيع شبكة الكهرباء، وتنفيذ المرحلة الأولى من برنامج للتطهير السائل، في حين سيخصص القرض البنك الإفريقي للتنمية الذي حصل عليه المغرب شهر نونبر الماضي، لتمويل برنامج المساندة للحكامة الاقتصادية والمالية برسم مرحلته الأولى، وهو يأتي في إطار تمويل مشترك ساهم فيه البنك العالمي بقرض قيمته 100 مليون أورو، والاتحاد الأوربي بهبة قيمتها 75 مليون أورو. ويرى الاقتصاديون أن حصول المغرب على هذه القروض عبر أشطر تتراوح بين 100 و400 مليون أورو يجعلها بعيدة عن الأضواء المسلطة على قرض المليار ونصف المليار دولار الذي حصل عليه المغرب من بيع السندات السيادية، رغم أن قيمتها في المجموع تتجاوز قيمة هذا القرض بكثير.
ما يجب أن تعرفه عن الديون السيادية الديون السيادية هي الديون المترتبة على الحكومات ذات السيادة، وتتخذ أغلب هذه الديون شكل سندات، وعندما تقوم الحكومات بإصدار سنداتها فإنها تسلك سبيلين لا ثالث لهما، إما طرح سندات بعملتها المحلية، وغالبا ما تكون هذه السندات موجهة نحو المستثمرين المحليين، وفي هذه الحالة يسمى الدين دينا حكوميا. أو تقوم الحكومة بإصدار سندات موجهة إلى المستثمرين في الخارج بعملة غير عملتها المحلية، والتي غالبا ما تكون بعملة دولية مثل الدولار أو الأورو. أزمة الدين السيادي أزمة الديون السيادية هي فشل الحكومة في أن تقوم بخدمة ديونها المقومة بالعملات الأجنبية لعدم قدرتها على تدبير العملات اللازمة لسداد الالتزامات المستحقة عليها بموجب الدين السيادي. وتجدر الإشارة إلى أن معظم حكومات العالم تحرص على ألا تفشل في سداد التزاماتها نحو ديونها السيادية، حرصا منها على الحفاظ على تصنيفها الائتماني في سوق الاقتراض من التدهور، ذلك أن توقف الحكومة عن السداد أو نشوء إشارات تشير إلى ذلك، يؤدي إلى فقدان المستثمرين في الأسواق الدولية الثقة في حكومة هذه الدولة وتجنبهم الاشتراك في أي مناقصات لشراء سنداتها في المستقبل. أكثر من ذلك فإن ردة فعل المستثمرين لا تقتصر على أولئك الذين يحملون سندات الدولة، وإنما يمتد الذعر المالي أيضا إلى باقي المستثمرين الأجانب في هذه الدولة والذين لا يحملون هذه السندات. فعلى سبيل المثال أدت أزمة الديون السيادية للأرجنتين في 2001 إلى قيام المستثمرين الأجانب (الذين لا يحملون سندات الدين السيادي للدولة) بسحب استثماراتهم من الأرجنتين، مما أدى إلى حدوث تدفقات هائلة للنقد الأجنبي خارج الدولة ومن ثم حدوث نقص حاد في النقد الأجنبي لدى الدولة، الأمر الذي أدى تبعا إلى نشوء أزمة للعملة الأرجنتينية. اللجوء إلى صندوق النقد الدولي
قد تلجأ الدولة إلى المؤسسات الرسمية الدولية مثل صندوق النقد الدولي طالبة المساعدة في سداد ديونها، فيقوم الصندوق بتقييم أوضاع الدولة، فإذا كان التوقف عن السداد راجعا إلى ظروف طارئة، كانخفاض أسعار صادرات هذه الدولة على سبيل المثال، فإنه يعقد معها ما يسمى باتفاق المساندة، الذي بمقتضاه يتم منح الدولة تسهيلات نقدية بالعملات الأجنبية في صورة نسبة محددة من حصتها لدى الصندوق، دون أن يفرض على الدولة إجراءات لتصحيح هيكلها الاقتصادي والمالي. أما إذا كان التوقف عن السداد يعود إلى مشكلة هيكلية مرتبطة بضعف هيكل إيرادات الدولة أو سوء عملية تسعير السلع والخدمات العامة، أو عدم مناسبة عملية تقييم معدل صرف عملتها المحلية، فإن الصندوق يشترط في هذه الحالة أن ترتبط عملية تقديم المساعدة للدولة بضرورة اتباع الدولة برنامج إصلاح هيكلي يتضمن مجموعة من الإجراءات المقترح أن تتبعها الدولة حتى تستطيع إصلاح هيكل ميزانيتها العامة، وتخفيض العجز في ميزان مدفوعاتها، وتحسين قدرتها على الاقتراض والسداد في المستقبل.
الخبير الاقتصادي قال إن الحكومة تحل مشاكلها الحالية على حساب الأجيال المقبلة قسال : وزارة المالية مطالبة بالكشف عن كيفية إنفاق قرض السندات السيادية من خلال هذا الحوار يرى الخبير الاقتصادي حماد قسال أن حكومة بنكيران تحاول حاليا حل مشاكلها على حساب الأجيال المقبلة، من خلال اللجوء إلى الاقتراص من السوق الدولية لسد العجز في الميزانية وتغطية النفقات، مؤكدا أن وزارة الاقتصاد والمالية مطالبة بالكشف عن طرق إنفاق قرض المليار ونصف المليار دولار، حتى يكون الرأي العام على بينة، ويعرف إن كان هذا القرض في مصلحة المغرب أم لا. - في نظرك، هل لجوء المغرب إلى بيع سندات سيادية في الخارج عملية إيجابية أم سلبية بالنسبة للاقتصاد الوطني؟ بطبيعة الحال، تعتبر هذه العملية في مصلحة المغرب، بالنظر إلى حاجياته الكبيرة حاليا من العملة الصعبة، والمترتبة أساسا عن تراجع كل من تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج والمداخيل السياحية وعائدات الاستثمارات الأجنبية. وكما هو معلوم للجميع، فهذه الظرفية لا يمكن الخروج منها إلا عبر حلين اثنين، أولهما تخفيض نفقات الدولة بشكل كبير، وثانيهما البحث عن رساميل في الخارج لتمويل الاستثمارات الوطنية وتغطية الحاجيات الاجتماعية. والمغرب اختار الحل الثاني للخروج من أزمة السيولة التي يعيشها في الوقت الراهن. غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل ستستغل الحكومة قرض المليار ونصف المليار دولار في القيام باستثمارات كبرى تعود على خزينة الدولة بمداخيل إضافية يمكن من خلالها أداء فوائد هذا القرض وتنمية عائدات البلاد؟ أم ستقوم فقط بإنفاقه في سد عجز الميزانية والمصاريف غير المنتجة؟ فإذا كان الغرض من إصدار السندات السيادية هو الاستثمار فهذا شيء إيجابي جدا، أما إذا كان الغرض من ذلك تغطية المصاريف فهذا أمر غير مقبول، لأن الحكومة لن تكون قادرة مستقبلا على الوفاء بهذا القرض أو أداء الفوائد المترتبة عنه، وبالتالي فهي تحل مشاكلها الحالية على حساب الأجيال المقبلة وتهدد بتكرار سيناريو الثمانينيات، التي كانت سببا في تطبيق برنامج التقويم الهيكلي، الذي كان سببا في معظم الأمراض والاختلالات التي يعانيها المغرب حاليا، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي. - ما الذي تحكم في عملية إصدار السندات السيادية بالدولار وليس بعملة أخرى؟ أولا، لابد من الإشارة إلى أن إصدار السندات بالدولار ساعد المغرب في استقطاب عدد كبير من المستثمرين، بالنظر إلى الاستقرار الذي تعرفه هذه العملة، مقارنة بالأورو، الذي يعيش حاليا أحلك أيامه، فالأزمة التي يعيشها الاتحاد الأوربي ألقت بظلالها كثيرا على الأورو، بل أصبحت تهدد وجوده من الأساس، خاصة في ظل مناداة بعض الجهات بالعودة إلى العملات الوطنية لبلدان الاتحاد. وبالتالي فالحكومة كانت صائبة وذكية في اختيار الدولار لإصدار السندات السيادية، وهذا أساسا شجع المستثمرين الأمريكين على شراء هذه السندات، بعد أن حافظت وكالات التصنيف الائتماني على تنقيط الاقتصاد الوطني في مستوى جيد. - لماذا لجأ المغرب إلى إصدار سندات سيادية في الوقت الذي يتوفر على خط ائتماني من صندوق النقد الدولي تقدر قيمته ب-6.2 مليارات دولار؟ يجب التأكيد هنا على أن الخط الائتماني الذي حصل عليه المغرب كان بمثابة ضمانة أو بوليصة تأمين ساعدته في إنجاح عملية إصدار السندات، فمن خلال هذا الخط أعطت الحكومة ضمانات كافية للمستثمرين الأجانب بأنها ستكون قادرة على أداء قرض المليار ونصف المليار دولار، وأكدت لهم أنه حتى إن وقعت أزمة خانقة بالمغرب، فهي ستكون قادرة على أداء ديونها من خلال استغلال الخط الائتماني. - هل تعتقد أن معدلات الفائدة التي استفاد منها المغرب في عملية إصدار السندات مناسبة؟ بطبيعة الحال، هي معدلات فائدة معقولة ومناسبة، حيث لا تتجاوز 4.25 في المائة بالنسبة للسندات الخاصة ب 10 سنوات و5.5 في المائة بالنسبة للسندات الخاصة ب30 سنة. لكن كما قلت سابقا، ذلك يبقى مشروطا بطريقة استغلال الحكومة للقرض، فإذا استغلته في القيام باستثمارات على مستوى البنيات التحتية والمشاريع ذات القيمة المضافة المرتفعة سيكون على العموم جيدا للغاية، أما إذا استعملته في تغطية المصاريف والنفقات فكلفته ستكون مرتفعة وستؤثر لا محالة على أداء الاقتصاد الوطني مستقبلا. وللأسف الشديد فوزارة المالية تتعامل بنوع من الغموض وعدم الشفافية، فهي لم تعلن إلى الآن عن الكيفية التي سيصرف بها هذا القرض، وقد كان من المفروض أن يتم إطلاع الرأي العام الوطني على هذا الأمر ليكون على بينة ويحدد إن كان قرض المليار ونصف المليار دولار في مصلحة المغرب أم لا. - هل يمكن أن تلجأ الحكومة إلى السوق الدولية خلال السنة المقبلة من أجل الحصول على مزيد من القروض، خاصة إذا علمنا أن عملية إصدار السندات السيادية ستمكن من تغطية واردات السلع والخدمات لمدة تقارب الخمسة أشهر فقط؟ هذا غير مستبعد، فحاجيات المغرب من السيولة تقدر بحوالي 6 أو 7 مليارات دولار، وبالتالي ستجد الحكومة نفسها مجبرة على اللجوء من جديد إلى الاستدانة من الخارج لتغطية حاجياتها من العملة. لكن الخطير في مسألة الاستدانة هو تجاوز العتبة الحرجة للديون مقارنة بالناتج الداخلي الخام، والتي تبدأ من 40 في المائة. كما أن طبيعة الديون تلعب دورا مهما في تحديد تأثيرات الاستدانة على الاقتصاد الوطني، فالديون العمومية التي يمكن أن يحصل عليها المغرب من بعض البلدان الصديقة تكون عادة بشروط تفضيلية، أما الديون المتحصل عليها من البنوك الخاصة، فهي تكون بمعدلات مرتفعة، ويمكن أن تكون لها تداعيات وخيمة في حالة عدم القدرة على أدائها. - ألا ترى أن حكومة بنكيران فشلت في تدبير المرحلة، خاصة أن رئيس الحكومة وعد المغاربة بعدم اللجوء إلى السوق الدولية للاستدانة عندما أعلن عن الزيادة غير المسبوقة في أسعار المحروقات؟ نعم، يمكن القول إن حكومة بنكيران لم تكن قادرة على تقييم الوضع بشكل صحيح، فقد اعتقدت أن سياسة ترشيد النفقات والزيادة في أسعار المحروقات يمكن أن توفر مبالغ كافية لسد حاجيات المغرب من السيولة، لكنها فوجئت بأن تلك الإجراءات لم توفر سوى جزء يسير من الحاجيات، وبالتالي وجدت نفسها مضطرة إلى اللجوء إلى الاقتراض من الخارج كحل أخير لضمان التوازنات الماكرواقتصادية، خاصة أن الاتصالات التي قام بها بنكيران مع بعض بلدان الخليج للحصول على تمويلات لم تأت أكلها. وعموما يمكن القول إن حكومة بنكيرا كانت ضحية حسابات خاطئة.