عرفت الجزائر في السنوات الأخيرة سلسلة من الاحتجاجات والتظاهرات التي هزت مختلف ولاياتها؛ وتلتقي كلها حول التنديد بالفساد المستشري في سائر المرافق، وبالمحسوبية والزبونية في توزيع السكن والتشغيل، وتماطل السلطات في التدخل والاستجابة للمطالب التي يرفعها السكان بصفة عامة والشباب على وجه الخصوص. وقد تميزت سنة 2013 بأنها سنة الاحتجاجات والاعتصامات وكذلك سنة التجاوزات والانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان، تمثلت على وجه خاص في اعتقال عدد من الناشطين الحقوقيين والإعلاميين والمدونين الذين مازال عدد مهم منهم وراء القضبان. في هذه الأيام، تحولت شوارع بلدة القرارة، التابعة لولاية غرداية، إلى ساحة للاحتجاجات والتظاهرات التي قام بها شباب البلدة، مما أدى إلى شلل تام في مختلف مرافقها. وإزاء هذا الموقف المتوتر، لجأت السلطات إلى استخدام الأئمة والشيوخ في المنطقة لثني المتظاهرين لوقف احتجاجاتهم لكنها باءت بالفشل، الشيء الذي دفع السلطات الأمنية إلى استقدام تعزيزات كبيرة من فرق التدخل، تجاوز عددهم ألف عنصر، وفرضت حالة طوارئ داخل البلدة وحصارا عليها من مختلف الجهات. ووجهت السلطات بالبلدة تهم التحريض على العنف والتخريب لبعض المعتقلين الذين قالت السلطات إنه تم ضبط صور وتسجيلات فيديو لأعمال العنف لديهم، مما يعرض المعتقلين والمبحوث عنهم لتهم جنائية قد تؤدي إلى إدانتهم بأكثر من عشر سنوات سجنا. في ورغلة، فرقت قوات الأمن حركة احتجاجية للمعطلين رفعوا خلالها شعارات تندد ب"الفساد والمضايقات" التي يذهب ضحيتها النشطاء والحقوقيين. وقد كاد الاستعمال المفرط في العنف ضد المحتجين ومطاردتهم في شوارع المدينة، خاصة قرب المرافق والمؤسسات الإدارية، أن يتحول إلى انزلاقات أمنية خطيرة. للإشارة، فقد جاءت هذه الاحتجاجات في إطار المطالبة بالإفراج عن 60 معتقلا مازالوا بدون محاكمة لحد الآن، كما تم توقيف الناشط الحقوقي بلقاسم خشنة من ولاية الأغواط، وتم استنطاقه وتسجيل محضر ضده قبل إطلاق سراحه. أما في العاصمة الجزائر، وبالضبط في حي حوش مريم، فقد تظاهر السكان، وعمدوا إلى قطع الطريق الرابطة بين بلديتهم وبلدية الكاليتوس، وإلى إضرام النيران في العجلات المطاطية، بسبب تلكؤ السلطات المحلية عن تعبيد الطرقات بالحي المذكور الذي يعتبر من أكثر أحياء العاصمة عزلة وتهميشا.