الانقلاب على الإخوان وليس على الشرعية يروج الإسلاميون من المشرق إلى المغرب أن ما يحدث في مصر هو انقلاب على الشرعية. ويقصدون شرعية صناديق الاقتراع والتي لا غبار عليها وأنها منحت محمد مرسي رئاسة الجمهورية المصرية. لكن هل الشرعية هي شرعية الصناديق؟ وهل الصناديق قادرة على منحك الاستمرارية؟ أو ليس من حق الشعب أن يثور إذا ما خالف الرئيس الشرعية والقوانين؟ بداية نشير إلى أن مرسي فقد شرعيته الدستورية بمنطوق الدستور المصري الذي ينص على أن الرئيس إذا لم يعد قادرا على أداء مهامه تسحب منه الثقة. ومرسي اليوم لم يعد قادرا على تسيير شؤون البلاد التي خرج ملايينها يعلنون التمرد ضده. ومع انضمام ضباط الأمن والجيش لحركة تمرد يفقد مرسي سلطته على عناصر الاستقرار وبالتالي لم يعد أمامه سوى الرحيل ويبحث له عن مخرج مشرف. فالصناديق لا تمنح الحزب الفائز سلطة مطلقة تلغي معارضيه. ولا تمنحه سلطة تجاوز المقررات الدستورية والقانونية على علاتها. ولا يمكن إحصاؤها وعدها. ومنذ توليه الحكم وهو يرتبك الخروقات إرضاء لجماعة الإخوان المسلمين حيث أصبح معروفا أن خيرت الشاطر رجل الجماعة القوي هو من يتحكم في أمور الرئاسة. فمرسي خرق الدستور بالإعلانات الدستورية المتتالية، وهي الإعلانات التي عارضتها القوى السياسية والمدنية لأن الهدف منها هو التحكم في مسالك الدولة. وكانت بداية لتطهير الإدارة المصرية من أطرها ومن قضاتها الذين لا يضاهون في النزاهة والاستقلالية في كل العهود. وبدأ مرسي خروقاته بشن الحرب على القضاء وهي الحرب التي واجهها القضاة وحكمت في شأنها المحاكم ولم يلتزم مرسي بها، حيث كانت دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة برئاسة المستشار سناء خليل قد سبق لها وأن قضت في 27 مارس الماضي، ببطلان القرار الجمهوري رقم 386 لسنة 2012 الصادر في ضوء الإعلان الدستوري المكمل في 21 نونبر الماضي، بتعيين المستشار طلعت عبدالله نائبا عاما، واعتبار القرار الجمهوري كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها عودة المستشار عبد المجيد محمود إلى منصبه كنائب لعموم مصر. وكان هذا الإعلان بداية لهجوم عنيف ضد مؤسسات الدولة وبداية مسلسل من التعيينات خارج القانون الهدف منها هو تركيز عناصر الجماعة في مواقع المسؤولية دون توفرهم على الأهلية. وختم مرسي مسلسل الهجوم على المؤسسات بإعطاء التعليمات والأوامر لرئيس الوزراء والوزراء والمحافظين بطرد كل من يشكون أنه من الفلول، مما فتح الباب أمام تصفية الحسابات. دون أن ننسى تعيين محافظ الأقصر المدينة السياحية من الجماعة الإسلامية ومن العناصر المتورطة في قتل السياح الألمان. بعد كل هذا وما بينهما أمور كثيرة كلها جرت على مصر الويلات أليس من حق الشعب أن يخرج مطالبا برحيل الرئيس المنتخب؟ إن شرعية الصناديق لا تكتمل إلا بشرعية الممارسة العملية والحفاظ على المبادئ الدستورية والقانونية.