دستور المغاربة بين الدستور الذي ينتظره المغاربة والدستور الذي تنتظره العدل والإحسان والنهج الديمقراطي بون شاسع، المغاربة يريدون دستورا يؤسس لديمقراطية حقيقية يتحمل فيها المنتخبون مسؤولياتهم كاملة ويقر أدوات المحاسبة، ودستور التنظيمات الراديكالية هو الدستور الذي يقلب بنية المؤسسات ويأتي بزعمائها أمراء على المغاربة. الدستور الذي ينتظره المغاربة مختلف تماما عن دستور التنظيمات الراديكالية وحتى التنظيمات الانتهازية التي تلعب على الحبلين. عندما خاطب الملك محمد السادس المواطنين يوم التاسع من مارس الماضي، واضعا سبعة ركائز للمراجعة الشاملة للدستور، وأعطى الحرية للجنة المكلفة بالمراجعة ،ومنح التشكيلات السياسية والجمعوية والنقابية فرصة المشاركة الواسعة في صياغة الدستور، قال الشعب إنها مبادرة ثورية سوف تقلب مؤسسات المغرب رأسا على عقب، واعتبرها المتنورون من المغاربة ثورة الملك والشعب الثانية، إذ أن قدر المغرب ألا تتم الثورة في غياب أحد طرفي المعادلة، المؤسسة الملكية والشعب، وتجند العديد من المغاربة لحماية هذه المرتكزات، والخوف عليها من الالتفاف من طرف القوى التي لا ترغب في التغيير. وفي الوقت الذي اعتبر جل المغاربة أن المبادرة الملكية ثورية ،خرجت بعض التنظيمات من جحورها لتعلن أن الركائز السبع ليست سوى وعود، لكن عندما سألناهم عن موقفهم في المستقبل لو تحولت هذه الوعود إلى حقائق، دسوا رؤوسهم في التراب ولم يعودوا يتكلمون ورفعوا الشعارات الكبيرة والمألوفة من قبيل الدستور الممنوح، رغم أنهم يبشرون بالدولة الممنوحة وبالزعماء الممنوحين وبالطغاة على النمط الستاليني أو على صيغة فقهاء الظلام وتبرير الانقياد واستعمال الأحلام والهوس كقاعدة استراتيجية للتحليل. عندما قال السياسيون والمهتمون إنهم فوجئوا بالخطاب الملكي ليوم التاسع من مارس شرع الآخرون في ترديد التهم المبتذلة، والواقع ألا أحد كان ينتظر حجم الاستجابة الملكية لمطالب الشعب. لكن لماذا يصر هؤلاء على معارضة تطلعات المغاربة؟ لماذا يرغبون في تقرير مصير 30 مليون مغربي؟ أليس من حق المغاربة أن ينظروا إلى الدستور بطريقة مختلفة؟ وإذا كان الشعب الذي يريد ينقاد لهم فليطيحوا بالدستور خلال الاستفتاء؟ والحقيقة غير ذلك، فإن هذه التنظيمات هي أكثر التنظيمات خوفا من الديمقراطية، لأن نتيجة التصويت الحر والشفاف ستكون كارثية عليهم وستكشف عورتهم وستظهر سوءتهم للعالمين. إن من يخاف الديمقراطية ونتائجها، لا يعيش إلا في الظلام والفوضى ،وكلما استقرت الأمور واحتكم الناس للصناديق الزجاجية كلما تاهوا ،لأنه لا قاعدة جماهيرية لهم وكيف تكون لهم قاعدة وهم أكبر الكيانات تصفية لأتباعها ،وهي التي تطرد الأعضاء فقط لأنهم تساءلوا. إن دستور المغاربة مختلف تماما عن دستور التيارات الراديكالية.