بنكيران والفهم المقلوب للتحالفات وجد بنكيران نفسه مضطرا لدعم حليفه المتميز داخل الأغلبية الحكومية، ويتعلق الأمر بنبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية والوزير التقدمي في الحكومة الوهابية، خلال الانتخابات الجزئية التي ستجرى يوم الثامن والعشرون من الشهر الجاري. وإذا لم يدعم بنكيران حليفه سيجد نفسه متحالفا مع حزب لا يتوفر على فريق نيابي. وبما أن "الخير" لدى بنكيران يفيض حيث يتوفر على جيش من البرلمانيين فإنه قرر عدم الترشح في ثلاث دوائر دعما لبنعبد الله. لا يمكن لأحد أن يعترض على تنازل حزب لحزب آخر في دائرة من الدوائر، ومن الأعراف التي عاشت عليها الحياة السياسية في السابق هو أن الأحزاب السياسية لم تكن ترشح أي عضو منها في الدائرة التي يترشح فيها الأمين العام لأي حزب سياسي، حيث وجد نفسه في مواجهة المستقلين فقط، وغالبا ما كان يفوز بتلك الدائرة. ومن حق بنكيران أن يدعم حليفه حتى لا يفقد فريقه بعد أن فشل بنكيران في تقليص العدد اللازم لتشكيل الفريق إلى 18 عضوا فقط وهو العدد الذي فاز به حزب التقدم والاشتراكية. إذن التحالفات وبالصيغ المتعددة والمعروفة أمر مقبول ومعقول. فغير المقبول هو كلام بنكيران قبل الانتخابات وغير المعقول هو فهم بنكيران لقضية التحالفات. وما دام بنكيران يقوم بهذا التحالف الغريب، أي أن الناخبين الإسلاميين السلفيين الأصوليين سيدعمون مرشحا تقدميا كانوا إلى وقت قريب ينعتون كل من ينتمي إلى هذا الحزب بالشيوعي الملحد، فإننا لابد من أن نذكره بالحملة التي شنها ضد تحالف قام قبل الانتخابات التشريعية وإن كان هو أيضا تحالف غريب. فلما تأسس تحالف الأحزاب الثمانية، الذي تجدر الإشارة إلى أنه ولد ميتا، أقام بنكيران الدنيا ولم يقعدها، واعتبر تشكيل هذا التحالف مجرد مؤامرة ضد حزب العدالة والتنمية، وأنه من صنع جهات خفية، هي التماسيح والعفاريت في اللغة اللاحقة لبنكيران، لقطع الطريق أمام الحزب الإسلامي، ولما فاز الحزب بالرتبة الأولى "ضربها بصقلة" ولم يعد يتحدث عن شيء. وبينما كان بنكيران يهاجم هذا التحالف لأنه جمع اليميني بالوسطي باليساري، وجد نفسه مضطرا للتحالف مع حزب سليل الحركة الشيوعية المغربية والتي كان ينعتها بنكيران في جريدته الإصلاح بأنها من تأسيس اليهودي ليون سلطان وبالتالي فهي مؤامرة ضد الإسلام، ودفن الحزبان الماضي الصراعي وحتى القتالي وتعانقا من أجل ضمان المناصب الوزارية، واليوم ها هو الصوت الإسلامي يدخل الصندوق إسلاميا ويخرج شيوعيا. التحالفات في عالم السياسة ليست محرمة غير أنها تخضع لمنطق اللقاء في الأهداف أو التقاطع الإيديولوجي، وهما عنصران غير متوفران في حالة هذا التحالف، ومع ذلك لابد من التسليم به وبحق بنكيران في دعم حليفه المتميز لكن على أساس أن يعترف بأنه أخطأ الفهم في إدراك طبيعة التحالفات السياسية.