أنشيلوتي: "مودريتش بمثابة هدية لعالم كرة القدم"    توقيف مواطنين فرنسيين مبحوث عنهما بموجب أوامر دولية بإلقاء القبض صادرة من طرف السلطات الفرنسية    الدار البيضاء.. الأوركسترا السيمفونية الملكية تحتفي بالفنان الأمريكي فرانك سيناترا    سفير اسبانيا .. مدينة الصويرة تلعب دورا محوريا في تعزيز الروابط الثقافية بين المغرب واسبانيا    دنيا بطمة تعود إلى نشاطها الفني بعد عام من الغياب    نقابة الصحفيين التونسيين تدعو لإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين مع التلويح بإضراب عام في القطاع    المغرب يبرز أمام المنتظم الدولي أوراشه الوطنية الإصلاحية والتزاماته بتعزيز حقوق الإنسان    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    رصاصة شرطي توقف ستيني بن سليمان    مع اقتراب رمضان.. توقعات بشأن تراجع أسعار السمك    خلية "أسود الخلافة في المغرب الأقصى".. ال"بسيج" يؤكد النوايا العدائية للتنظيمات الإرهابية تجاه المغرب    الاتحاد الأوروبي يعلن تعليق عقوبات مفروضة على قطاعات اقتصادية أساسية في سوريا    دراسة تكشف عن ارتفاع إصابة الأطفال بجرثومة المعدة في جهة الشرق بالمغرب    المهاجم المغربي مروان سنادي يسجل هدفه الأول مع أتليتيك بلباو    الذهب يحوم قرب أعلى مستوياته على الإطلاق وسط تراجع الدولار وترقب بيانات أمريكية    دينغ شياو بينغ وفلاديمير لينين: مدرسة واحدة في بناء الاشتراكية    وزير يقاتل في عدة جبهات دون تحقيق أي نصر!    فنلندا تغلق مكتب انفصاليي البوليساريو وتمنع أنشطتهم دون ترخيص مسبق    ائتلاف مغربي يدعو إلى مقاومة "فرنسة" التعليم وتعزيز مكانة العربية    السد القطري يعلن عن إصابة مدافعه المغربي غانم سايس    المعرض الدولي للفلاحة بباريس 2025.. المغرب وفرنسا يعززان تعاونهما في مجال الفلاحة الرقمية    اختتام النسخة الأولى لبرنامج الدبلوم الجامعي في تقييم التكنولوجيات الصحية بفاس    فتح بحث قضائي بخصوص قتل سبعيني لابنته وزوجها ببندقية صيد    ألوان وروائح المغرب تزين "معرض باريس".. حضور لافت وتراث أصيل    وزيرة الفلاحة الفرنسية: اختيار المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس يعكس جودة التعاون الثنائي    إصابة نايف أكرد تقلق ريال سوسييداد    "كابتن أميركا" يواصل تصدّر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية    انفجار يطال قنصلية روسيا بمارسيليا    طقس بارد نسبيا في توقعات اليوم الإثنين    اتحاد طنجة يسقط أمام نهضة الزمامرة بثنائية نظيفة ويواصل تراجعه في الترتيب    السعودية تطلق أول مدينة صناعية مخصصة لتصنيع وصيانة الطائرات في جدة    الصين: "بي إم دبليو" تبدأ الإنتاج الضخم لبطاريات الجيل السادس للمركبات الكهربائية في 2026    الملك يأمر بنقل رئيس جماعة أصيلة إلى المستشفى العسكري بعد تدهور حالته الصحية    غوتيريش: وقف إطلاق النار في غزة "هش" وعلينا تجنب تجدد الأعمال القتالية بأي ثمن    آزمور.. مولود نقابي جديد يعزز صفوف المنظمة الديمقراطية للشغل    غياب الإنارة العمومية قرب ابن خلدون بالجديدة يثير استياء وسط السكان    قاضي التحقيق بالجديدة يباشر تحقيقًا مع عدلين في قضية استيلاء على عقار بجماعة مولاي عبد الله    مناقشة أول أطروحة تتناول موضوع عقلنة التعددية الحزبية في المغرب بجامعة شعيب الدكالي    الوزير يدعم المغرب في الحفاظ على مكسب رئاسة الكونفدرالية الإفريقية للمصارعة وانطلاقة مشروع دراسة ورياضة وفق أفق ومنظور مستقبلي جديدة    قطار يدهس رجل مجهول الهوية بفاس    نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي يدعو إلى قتل الفلسطينيين البالغين بغزة    صدمة كبرى.. زيدان يعود إلى التدريب ولكن بعيدًا عن ريال مدريد … !    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    إسرائيل تنشر فيديو اغتيال نصر الله    ترامب يهنئ المحافظين في ألمانيا    جمال بنصديق يحرز لقب "غلوري 98"    نجاح كبير لمهرجان ألوان الشرق في نسخته الاولى بتاوريرت    سامية ورضان: حيث يلتقي الجمال بالفكر في عالم الألوان    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    الشاذر سعد سرحان يكتب "دفتر الأسماء" لمشاهير الشعراء بمداد الإباء    فيروس غامض شبيه ب"كورونا" ينتشر في المغرب ويثير مخاوف المواطنين    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجلس النواب بصيغة دستورية جديدة
نشر في زابريس يوم 18 - 12 - 2011

يعقد مجلس النواب غدا الإثنين أول اجتماع له، برئاسة الملياردير ميلود الشعبي باعتباره الأكبر سنا، وذلك وفق القانون الداخلي لمجس النواب، وسيخصص الاجتماع الأول لانتخاب رئيس مجلس النواب، الذي لن يكون حوله خلاف مادامت أحزاب الأغلبية اتفقت على منح المنصب لحزب الاستقلال في شخص كريم غلاب وزير النقل والتجهيز في حكومة عباس الفاسي التي تشارف مراحلها النهائية، ويحمل مجلس النواب الجديد بغض النظر عن تركيبته السياسية، على عاتقه مسؤولية التنزيل الديمقراطي للدستور الجديد خاصة ما يتعلق بالجانب التشريعي في الحياة السياسية، إلى جانب تخليق العمل النيابي، ويبدو أن صعود حزب العدالة والتنمية الذي سيقود الأغلبية الحكومية المكونة من أحزاب الاستقلال والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية سيساهم في خلخلة المشهد السياسي، حيث سنجد لأول مرة حزب التجمع الوطني للأحرار يصطف إلى المعارضة، مع عودة الابن الضال وهو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بعد 14 سنة من الاغتراب قضاها في تجربة وصفات التناوب التوافقي. وليس المعارضة وحدها من سيكون أمام المحك، بل إن الأغلبية بدورها ستكون أمام امتحان عسير، خصوصا أنها ستكون في مواجهة حزب الاتحاد الاشتراكي المتمرس على لعب هذا الدور، وحزبي التجمع الوطني والأصالة والمعاصرة اللذان لن يتركا بنكيران وفريقه الحكومي ينعمان بالراحة، على الأقل من أجل تصفية الملفات القديمة. هل ستقدر الأغلبية الجديدة بتركيبتها ورئاستها على تفعيل الدستور الجديد، وماذا ستفعل هذه الأغلبية في مجال محاربة الفساد ومواصلة الأوراش الكبرى والعمل لصالح الفئات الشعبية، خصوصا ما يتعلق بالحريات الفردية والجماعية ومصلحة الشعب المغربي.
غلاب رئيس وراءه ملفات فاسدة سيدخل كريم غلاب قبة البرلمان وسط حملة تستهدفه، بسبب ملفات الفساد التي تقترب من 60 ملفا، ولن يترك خصومه الفرصة تمر دون أن ينددوا بتعيينه، رئيسا لمجلس النواب، الذي يعطيه صفة ثاني رجل في الدولة، خصومه الذين فجروا ملفات الفساد اعتبروا أن اتفاق الأحزاب السياسية المكونة للتحالف الحكومي المقبل، على ترشيح كريم غلاب وزير التجهيز والنقل، لشغل منصب رئيس البرلمان، محاولة لإبقائه تحت الحصانة لكي يفلت من المحاسبة والمتعلقة ب 53 ملفا، يقول خصومه أنه متورط فيها، مع أن لا شيء ثبت حتى الآن. تحركات خصوم غلاب يبدو أنها موجهة بالدرجة الأولى إلى عبد الإلاه بنكيران وحزب العدالة والتنمية، الذي اتخذ من محاربة الفساد والاستبداد شعارا لحملته الانتخابية التي أوصلته إلى رئاسة الحكومة وفق ما نص عليه الدستور الجديد، البلاغ الذي جرى نشره على نطاق واسع على بعد يومين من انعقاد أول اجتماع لمجلس النواب، أشار إلى أن بنكيران قد يكون اطلع على هذا الملف، مما سيضعه أمام مسؤولية تاريخية، خصوصا أنه وضع محاربة الفساد المالي والاقتصادي من أولويات حكومته، خطوة نحو دسترة الفساد. الحملة التي تشن ضد غلاب يؤكد من يقفون وراءها أن الرئيس الجديد استفاذ من أراضي غير محصورة، ضمنها أرض بشاطئ الهرهورة، وهذا الأمر قد يفقد التجربة السياسية الجديدة شيئا من مدلولها، ويجعلنا أمام مشهد سياسي لا يختلف كثيرا عما عشناه في السابق.
برلمان برأسين يقول كثير من المراقبين، أن التجربة السياسية الجديدة ستكون ربما مغايرة لما سبق، على الأقل من حيث تصنيف التكتلات السياسية، سواء على مستوى الأغلبية أو المعارضة، وإذا كان هؤلاء المراقبون يعتقدون أن قوة المعارضة تكمن في عودة الاتحاد الاشتراكي، فإن الواقع السياسي، يحمل كثيرا من المؤشرات الجديدة، بينها أن حزبي الأصالة والمعاصرة سيكونان ندان قويان، وسيعيدان ترتيب المشهد السياسي من خلال جدية الملفات التي سيطرحانها، مسلحين بتجربة ميدانية مهمة، خاصة بالنسبة للتجمع الوطني للأحرار الذي خبر العمل الحكومي، قبل أن يصطف إلى المعارضة، ورغم استبعاد إمكانية تحالف الأقطاب الثلاثة الرئيسية في المعارضة بسبب الاختلافات الإيديوليوجية بينها، فإن المؤشرات كلها تسير في اتجاه خلق معارضة حقيقية، تقوم على أساس مراقبة العمل الحكومي تماشيا مع منطوق الدستور الجديد، الذي اعتبره كثير من المراقبين خارطة طريق جديدة لرسم معالم السياسة المغربية، ولن يقتصر الأمر على المعارضة، بل إن الأغلبية بدورها ستكون أمام مسؤولية ممارسة العمل الرقابي، خصوصا حزب العدالة والتنمية الذي ظل لمدة 14 سنة يرفع صوته في قبة البرلمان ضد الحكومات السابقة، قبل أن يجد نفسه مضطرا لممارسة الأغلبية التي اعتبرها المراقبون سيفا ذو حدين، وإذا كانت حكومة بنكيران ستستفيذ من أغلبية مريحة تدعم كافة المشاريع الحكومية فإن الأمر لا يجب أن يتم بهذه السهولة، في ظل كثير من الإكراهات الاجتماعية والاقتصادية، واستمرار نفس السيناريو في التعاطي مع الملفات الكبرى، وهو ما سيجعل من مساندة الأغلبية، إعادة إنتاج نفس الممارسات السابقة، مع فارق كبير، وهو أن اللاعب الأساسي في هذه الأغلبية هو حزب المصباح الذي ظل يطالب بمحاربة الفساد والاستبداد.
الاتجاد الاشتراكي عودة الإبن الضال يشبه كثير من الاتحاديين عودة حزب الاتحاد الاشتراكي إلى أحضان المعارضة بعودة الإبن الضال، وذلك بعد 14 سنة من الاغتراب، قضاها حزب عبد الرحيم بوعبيد في البحث عن التناوب الحقيقي، حضور حزب الإتحاد الاشتراكي في المشهد السياسي، خلال الحكومات الثلاث الأخيرة، دفع ثمنه غاليا، حين وجد نفسه يفقد كثيرا من القلاع المحصنة، والتي كانت أساس قوته، وسيكون على الحزب الذي فقد أيضا كثيرا من رموزه بسبب قراره العمل تحت جلباب حزب الاستقلال، بذل كثيرا من الجهد من أجل استعادة بريقه السياسي. وإذا كان الحزب يعتبر عودته إلى المعارضة مصلحة وطنية وضرورة سياسية لتقدم الديموقراطية المغربية على قاعدة الفرز الواضح للتشكيلات السياسية متنوعة المرجعيات وفي اتجاه إرساء تناوب ديموقراطي حقيقي ومكتمل، فإن المراقبين يعتبرون عودته مفروضة من قبل القواعد التي وقفت سدا منيعا أمام رغبة عدد من الكوادر، وهو الأمر الذي ظهر جليا خلال اجتماع المجلس الوطني الذي كان قراره حاسما في الرجوع إلى الأصل ومحاولة استرجاع التاريخ السياسي الضائع للاتحاد الاشتراكي، ورغم أن حزب الاستقلال الحليف التاريخي تعامل مع موقف الاتحاد بكثير من التهكم، حين قال أمينه العام إن الأمر لا يعدو فترة استجمام، إلا أن المراقبين يؤكدون أن الصراع التاريخي والإيديولوجي مع الإسلاميين، ومقتل عمر بنجلون من قبل أعضاء في الشبيبة الإسلامية التي كان ينتمي إليها بنكيران، كلها عوامل ساهمت في موقف الحزب الذي لم يقبل أن يضع يده في يد قاتل بنجلون. ويرى المراقبون أن اختيار الحزب موقع المعارضة سيساهم بشكل إيجابي وبناء في التفعيل السليم الديموقراطي للدستور الجديد، الذي يقتضي من بين ما يقتضيه وجود برلمان بمعارضة قوية محنكة وناصحة وبناءة تفضي إلى التوازن السياسي والمؤسسي المطلوب في أية ديموقراطية عريقة كانت أم ناشئة. ويبدو أن الحزب سيدخل المعارضة بتجربته التي امتدت لعقود من الزمن، خبر فيها دهاليز الممارسة البرلمانية، بكفاءة وكذلك من خلال نوعية برلمانييه، مما سيعيد لهذه المعارضة عمقها السياسي ومضمونها الديمقراطي بل ونجاعتها في التعاطي مع الملفات السياسية، وسيضفي على العمل التشريعي قيمة مضافة وحيوية ومردودية، والأهم أن حزب الاتحاد الاشتراكي سيؤدي دوره في المعارضة بأساليب وميكانيزمات جديدة، مع التركيز على إعادة ترتيب البيت الداخلي. صحيح أن الاتحاد الاشتراكي لن يمارس معارضة كما كان يفعل في الماضي، على اعتبار أن المغرب دخل مرحلة جديدة بدستور جديد، لكنه يتوق إلى معارضة مبنية على أسس عملية وفي إطار استراتيجية لتفعيل الدستور أولا، بوصفه مكسبا كبيرا للبلاد ولدمقرطتها.
التجمع الوطني للأحرار : الإبن المدلل لليمين ينتظر كثير من المحللين السياسيين ما ستؤول إليه تجربة حزب التجمع الوطني للأحرار في المعارضة، وهو الذي ارتبط أساسا بتدبير الشأن العام منذ تأسيسه قبل 30 سنة على يد أحمد عصمان، اصطفاف حزب الحمامة في صف المعارضة كان منطقيا، بالنظر إلى الخلاف السياسي الكبير سواء مع العدالة والتنمية، أو مع الاستقلال حليفه السابق في الحكومة، حزب التجمع قال في بلاغ أصدره عقب اجتماع سابق لمكتبه التنفيذي، أنه احتراما للمنهجية الديمقراطية وترجمة لنتائج الانتخابات فإن التجمع الوطني للأحرار اختار بكل وعي ومسؤولية، ودفاعا عن مشروعه الحداثي الديموقراطي، الاصطفاف في المعارضة التي بوأها الدستور الجديد مكانة متميزة، حتى تتمكن بلادنا من التأسيس لديمقراطية فعالة ومسؤولة، موقفا لم يكن مفاجئا بالنسبة لكثيرين، خاصة أن قيادات التجمع ظلت تؤكد أنها لن تقوم بدور تكميلي في أي حكومة تنبثق عن انتخابات 25 نونبر الماضي، ويبقى الرهان اليوم على نوعية المعارضة التي سيقوم بها حزب مزوار، خصوصا أنها المرة الأولى التي سيقوم فيها بهذا الدور السياسي، لكن مصادر من داخل الحزب، قالت إن نوعية برلمانيي الحزب، وكذا خبرته في الملفات الحكومية، قد تساعده على تقديم الإضافة اللازمة داخل المعارضة، خصوصا في ظل تواجد حزبين آخرين لا يقلان شراسة، وهما الاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة.
البام : من المساندة النقدية إلى المعارضة الدستورية لم ينتظر حزب الأصالة كثيرا من الوقت لإعلان قراره الاصفاف إلى المعارضة، ردا على قرار بنكيران الذي قال إنه مستعد للتحالف مع كل الأحزاب السياسية باستثناء الأصالة والمعاصرة، موقف اعتبره كثيرون بأنه إخفاق لبنكيران في تدبير علاقاته السياسية، خصوصا أمام خصم لم يعد مسموحا تجاهله، خصوصا أن صناديق الاقتراع بوأته المرتبة الرابعة، وبات يشكل رقما أساسيا في المعادلة السياسية، حزب الجرار، أكد تموقعه في المعارضة، واضطلاعه بدوره الدستوري والسياسي كاملا خدمة لقضايا الوطن والمواطن والبناء الديمقراطي. والواضح أن تجربة حزب البام في الولاية البرلمانية السابقة ستمنحه المناعة اللازمة، لمواجهة الأغلبية الحكومية، ووضع لبنة جديدة في المجال التشريعي، خصوصا أنه مارس خلال تجربته السابقة المساندة النقدية لمدة من الزمن، قبل أن يتحول إلى المعارضة، التي ستكون هذه المرة مبنية على أساس صراع سياسي لم ينته بعد بين حزب الجرار وحزب المصباح، وهو ما سينعكس على أداء السلطة التشريعية، التي تسعى إلى تغيير الصورة النمطية التي علقت بها لسنوات، من أجل خلق برلمان حقيقي بأدوار حقيقية.
الاتحاد الدستوري : المعارضة رغم أنف الحزب ظل حزب الاتحاد الدستوري حتى الرمق الأخير ينتظر دعوة من بنكيران لدخول محراب الحكومة المقبلة، بل إنه أعد شروطا للمشاركة في الحكومة وكان ينوي عرضها على بنكيران خلال العقد الإثنين الماضي، قبل أن يقرر الأخير الإشاحة بوجهه عن حزب المعطي بوعبيد الذي قبل مرغما مواصلة لعب دوره في المعارضة، ولو على مضض، ويمكن اعتبار حزب الحصان هو الوحيد الذي لم يصدر عنه أي موقف واضح، سواء بالمشاركة في حكومة بنكيران أو البقاء في المعارضة، وكما يقال رجل في الجنة ورجل في النار، ومبرره كان هو أن تشكيل الحكومة يحتاج إلى الوقت، ووصف محمد أبيض تكشيلها بالأكلة التي يجب أن تطبخ على نار خفيفة، لكن تلك النار حرقت كل أحلام الدستوريين الذين كانوا يمنون النفس بخلع جلباب المعارضة الذي لا يلائمهم على الإطلاق. فقد خبر الحزب خبابا التدبير الحكومي، وكان ينتظر المشاركة في الحكومة حتى لو أدى ذلك إلى تطليق تحالف الثمانية، دون التفكير في القيمة المضافة التي يمكن يحققها.
العدالة والتنمية : من المعارضة الشعبوية إلى جلباب المخزن لم يستطع حزب العدالة والتنمية أن يقدم القيمة المضافة خلال تجربته في المعارضة التي دامت 14 سنة، حيث سجل طيلة هذه المدة، أن مواقف الحزب كانت كلها تتجه إلى محاربة الحريات الفردية، كما أن الحزب لم يصل إلى تقديم معارضة مذهبية وحقيقية تقوم على أساس الرفع من الأداء التشريعي، حيث كانت أغلب تدخلاته تتسم بالضجيج وإشاعة الفوضى، هذه السلوكات التي طبعت مسار حزب العدالة والتنمية، ستخيم لا محالة على حضوره في البرلمان المقبل، وهو يقود الأغلبية، سيما أن حزب المصباح الذي لبس جلباب المخزن، لم يتمكن من صياغة ميثاق أخلاقي لمعارضة مستنيرة، تستند على فكر إيديولوجي واضح، حيث كانت معارضته مستمدة من خطاب شعبوي يقوم على المقولات الدعوية، لاستمالة المواطن العادي، لكنه في العمق فشل في تدبير خلافاته السياسية، وتموقع في خندق ضيق يوجه منع سهامه اللاذعة، ويبدو أن حزب العدالة والتنمية سيشرب من نفس الكأس التي سقا منها خصومه، خصوصا حين يقف على حجم الإشكالات السياسية التي تواجه البلد، ليجد نفسه متعثرا في جلباب أكبر منه، يواجه خصوما من العيار الثقيل، لن يترددوا في كشف الملفات المستورة، ربما من أجل رد ديون سابقة، وستكون الفرصة مواتية، لكشف حقيقة حزب سعى بكل قوته إلى قتل خصومه سياسيا.
الاستقلال : عاشق السلطة بامتياز حتى وهو يمارس المعارضة، ظل حزب الاستقلال عاشقا للسلطة لا يستطيع فراقها، وهو ما يفسر أن كثيرا من كوادره وقيادييه ظلوا متحكمين في كثير من الإدارات والمصالح الحيوية، بل إن المعارضة التي مارسها حزب علال الفاسي، كانت مغلفة، كون رئيس الحكومة آنذاك عز الدين العراقي هو سليل حزب الاستقلال، وحين جاءت حكومة التناوب التوافقي لم يفكر الحزب كثيرا وهو يقرر دخول المحراب الحكومي إلى جانب عبد الرحمان اليوسفي مستفيدا من وضعه داخل الكتلة الديمقراطية التي ولدت ميتة، لكنها ظلت إطارا للانتفاع السياسي، وهو الموقف نفسه الذي عبر عنه الحزب مع حكومة العدالة والتنمية مضحيا بحليفه الاستراتيجي الذي فضل العودة إلى المعارضة. كثيرون يقولون إن حزب الاستقلال لم يعد يعرف كيف يمارس المعارضة التي فرضت عليه ذات يوم، لكنه في المقابل يعرف كيف يمارس الابتزاز السياسي، مستفيدا من تجاربه السابقة، لذلك لم يتردد في إيجاد المبرر لتحالفه مع العدالة والتنمية، وهو القرب الإيديولوجي بين الحزبين، لكن الحقيقة الماثلة أمام الجميع، وهي أن حزب الاستقلال تحول إلى سمكة يستحيل عليها التنفس خارج بحر السلطة.
التقدم والاشتراكية : كيف تصبح إسلاميا في خمسة أيام إذا كان موقف حزب الاستقلال طبيعي بالنظر إلى قيمه الفكرية والحضارية المبنية على المرجعية الإسلامية، فإن موقف التقدم والاشتراكية يثير كثيرا من الحيرة والاستغراب، لأنه يدل على مدى تجذر ثقافة المصالح الشخصية، ضد مقومات الحزب ونضالاته، ويبدو اليوم أن اللعبة السياسية آخذة في التمييع، خصوصا أن التقدم والاشتراكية رفع مباشرة بعد أحداث 15 ماي الإراهبية سيف الاستئصال وطالب بحل حزب العدالة والتنمية، قبل أن يعود ويتحالف معه، قد يكون الموقف فرديا، و يهم فئة ألفت المصالح التي جنتها من مشاركتها في تدبير الشأن العام، لكنه مع ذلك انعكس سلبا على قيمة حزب علي يعتة، الذي وجد نفسه يصافح عدو الأمس لتنطبق مقواة أن السياسة بلا أخلاق. بنعبد الله الذي لم يتمكن حتى الآن من تجميع فريقه النيابي في انتظار انتهاء عجينة حكومة بنكيران، مرر كثيرا من الخطابات الشعبوية التي تعلمها من بنكيران في خمسة أيام، ليضرب عرض الحائط كل الشعارات التقدمية التي ظل يرفعا الحزب الشيوعي منذ عقود من الزمن.عبد المجيد أشرف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.