قد يعتقد معتقد، أنه عندما شبهنا حزب العدالة والتنمية بالنازية [ولسنا وحدنا في ذلك التشبيه]، إنما فعلنا ذلك نكاية، أو شتيمة، أو انتقاصا، أو كراهية، حسبُنا الله؛ فنحن لا نريد كراهيتهم، وإنما نرجو رحيلهم، كي ينجلي هذا الظلام الدامس الذي خيم على البلاد، في فصل شتاء سياسي بارد، نتيجة خلل حاصل في المناخ الديموقراطي، ومثله حدث في التاريخ، وهو ما يسميه الفيلسوف اَلْتوسير باضطراب يصيب الساعة الاجتماعية، فتختل حركة عقاربها، فتشير إلى زمن غير الزمن الحقيقي، مما يستوجب ضرورة إصلاح الساعة قبل فوات الأوان.. فتشبيهنا لهذا الحزب بالنازية، يرتكز على حقائق موضوعية، ومواقف سياسية، وتصرّفات ميدانية، في الأقوال والأفعال، بالإضافة إلى النهاية الكارثية على العباد والبلاد.. لكنّ اللوم لا يُلقى اليوم في ألمانيا على النازية، بل اللوم يُلقى على أحزاب اشتراكية، وشيوعية، وديموقراطية اجتماعية، تحالفت مع المارد النازي كي يتولى السلطة في البلاد، مع تجاهل أصوات من كانوا يحذّرون من ذلك في ألمانيا حتى سبق السيف العدل. واليوم؛ ترى المشهد يتكرر في بلادنا، حيث مكّنت أحزاب لا يربطها رابط بالعدالة والتنمية، مكنت حزب الملتحين، أعداء الحرية والديموقراطية، من قيادة الحكومة في بلادنا، ضدا على قواعدهم الحزبية، وعلى مبادئهم؛ فلو كان "ستالين" مثلا على قيد الحياة، وسمع بما حصل، لبعث برسالة إلى بنكيران، كما سبق وبعث بمثلها إلى هتلر، يقول له فيها بالحرف : "عامِلوا الشيوعيين، كما نعامل نحن المجرمين عندنا.." فنفّذ هتلر الوصية، وسعد "ستالين" بتصفية اليساريين التحريفيين، كما يلقّبهم "لينين".. هذا، لم ولن يحدث في المغرب بهذا الشكل؛ لأن الملكية تضمن حقوق وسلامة الجميع في البلاد. وهذا هو الذي يمنع الأصوليين، والسّلفيين، والجهاديين، من إراقة وديان من الدماء، بذرائع وشرائع شتى، ولمنعوا الصحف، والفنون، ولملؤوا المعتقلات، ولنصبوا المشانق، ولأخذوا بالظِّنة كما فعل النازيون ذات يوم. ومع ذلك، فعل الملتحون ما يستطيعون، حيث رفعوا أسعار المحروقات بشكل لم تشهد مثله البلاد في تاريخها، وادّعوا كذبا وبهتانا أن ذلك كان من أجل الفقراء، والأرامل، والمطلّقات، والمشرّدين، وغلّفوا ذلك بالدين، فيما الدين منهم ومن ذلك براء.. ثم قسّموا الصحف إلى ثلاثة أقسام بدعوى حرية الصحافة، وكل جريدة عليها أن تختار، فصارت هناك صحافة أهل التبَّع، وشعراء التكسّب؛ وصحافة دوّارة الهواء مع كل هواء تهيم، وصحافة إبرة البوصلة تحافظ دوما على اتجاهها وهي الصحافة المغضوب منها وعليها في عصر الغوبيلزية في بلادنا.. ثم لأول مرة، ترى القضاة يحتجون لظلم جثم عليهم، وحيف حلّ بهم، وهم أهل العدل والقصاص، وهو بالذات ما حصل أيام وزير القضاء فرايسلر في ألمانيا النازية، حيث كان القاضي يتلو الحكم المرسل إليه، ثم يرفع الجلسة؛ ففرّ كثير من القضاة.. ثم أطباء يطالَبون بمعالجة المرضى، ووضعهم مريض، مرضًا عضالا.. ثم كلّيات تسجِّل الطلبة بالتزكية أو بالانتماء للحزب، كما كان يحدث أيام الشيوعية في روسيا.. ثم ماذا؟ كان للحزب النازي ميليشيات تسمى "القمصان البنّية"، لحراسة أعضاء الحزب، خلال التجمعات، أو عندما يخطب "هتلر" في الساحات العمومية هكذا وحزب العدالة والتنمية، هو كذلك، له مثل هذه "الميليشيات الملتحية" تضرب، وتهدد، وتتوعد، وقد رآها سكان طنجة أثناء الخطاب الذي ألقاه (بنكيران) هناك، قبيل الانتخابات الجزئية، ومن بين أفراد هذه الميليشيات، من كان يحمل أسلحة بيضاء، إلى جانب الهراوات تحت "القندورة"، أو الجبة، وهو ما جعل سكان طنجة، يعزفون عن التصويت، بعدما اكتشفوا الوجه القبيح الذي يختفي وراء الجبة أو اللحية الحمراء، وهو مصطلح نازي، استُعمل أثناء الحروب العدوانية ضد الناس الأبرياء، ومن منّا لا يتذكر كلمة "بارباروسة"؟ إن المغاربة، بدأوا يعون الخطر الذي يتهدد البلاد، فلولا وجود ملكية أصيلة كَفَتْنا سوط عذاب، كان من الممكن أن يلهب جلودنا على يد الخوارج الجدد، الذين يتخفّون وراء ستار ديموقراطية زائفة، تماما كما تخفّى أسلافهم منذ 15 قرنا وراء "الحكم لله"، فذُبح صحابة ذبْح الشاة، ونُحر أبرياء نحْر الضّان، وعُذِّب آخرون بشتى الطرق، باسم الدين، وها هو شيخ دموي جاثم في بريطانيا الحرية، يقول منذ أسبوع في لندن، إن التعذيب جائز في الإسلام شرعا، وأن هناك ما يسمى "فقه التعذيب" وعدّد أنواعه، من تعذيب جسدي، ونفسي، واقتصادي، وقسْ على ذلك؛ وما يذيقنا إياه اليوم حزب العدالة والتنمية، يدخل في باب "فقه التعذيب".. هذا مؤكد..