سأل شاب أحد المستثمرين الكبار في محاولة للاستفادة من خبرته عن أهم القطاعات التي يمكن أن يلجها مستثمر مبتدئ يتوفر على رأسمال محترم، فكان الجواب مفاجأة بالنسبة للشاب. قال له المستثمر الكبير أحسن قطاع تستثمر فيه اليوم هو أن تذخر أموالك حتى تمر أربع سنوات. لم يفهم الشاب دلالات ومغزى ما أراد المستثمر الكبير قوله. ولم يفهم لماذا عليه الانتظار أربع سنوات، لكن سيفهم فيما بعد المراد من هذا القول لما أردف المستمثر قائلا : ينبغي انتظار انتهاء عمر الحكومة وما ستسفر عنه الانتخابات التشريعية المقبلة وهل ستعود الحكومة نفسها أم سيحصل التغيير، لأن الاستثمار في عهد حكومة بنكيران مغامرة غير محمودة العواقب وبالتالي ينبغي وضع الأموال في غرفة الانتظار وانتظار المستقبل. لسنا مع موقف "الاذخار بدل الاستثمار"، لأن المستثمر ينبغي بالقدر الذي يسعى للأرباح أن يضع نصب عينيه أن بلده في حاجة إليه ولابد من التضحية مهما كانت الظروف. والمغامرة في الاستثمار هي أبدية. لأنه كما يقال "رأس المال جبان" لأن صاحبه يخاف من التحولات السياسية والاقتصادية ويخاف من المستقبل بشكل كبير. غير أنه لا يبرر توقيف الاستثمار إلى حين وهل يحين ذلك الوقت أم لا؟ ونحن نقول بأنه ليس مقبولا أن يجمد المستثمرون أموالهم لابد من أن نعترف بأن ما عبر عنه المستثمر المذكور هو هاجس حقيقي لدى مجموعة من المستثمرين لا يستطيعون التفكير بصوت مرتفع خوفا من مقصلة الحكومة الإسلامية، لكن الهواجس موجودة وكثيرة والتخوفات معقولة ومبررة وتجد لها من المسوغات ما لا يعد ولا يحصى. فمن حق أهل الصناعة والاستثمار أن يخافوا على أنفسهم وعلى رؤوس أموالهم، فالرأسمال يطلب الوضوح ويطلب إجراءات ثابتة وإذا تحركت يكون ذلك بشكل لا يؤثر في حركة الاستثمار. لكن حكومة بنكيران منذ أن جاءت أعلنت عن إجراءات ضريبية مضطربة. فالحكومة الحالية لم تأت بمشروع لإنتاج الثروة وبالتالي سلكت المسلك السهل ألا وهو جمع الضرائب والزيادة فيها وإلغاء الإعفاء الضريبي لبعض القطاعات مما يهدد بشكل كبير الاستثمارات التي لا يمكن أن تنتعش في ظل ظروف مثل هاته. لقد جاءت حكومة العدالة والتنمية بفهم مقلوب لمفهوم الثروة، ومن خلال هذا الفهم أثارت استغراب كل الفاعلين. لقد قال بنكيران من اليوم الأول إنه يريد توزيعا عادلا للثروة. فقال الجميع أهلا وسهلا. لكن تبين أن بنكيران يريد توزيع الرأسمال العام للدولة وليس له مخططا لإنتاج الثروة. فهذا المفهوم هو الذي أزعج رجالات الاستثمار الذين وجدوا أنفسهم مهددون في أنفسهم وفي أموالهم واستثماراتهم. بل إن هناك أحاديث عن فرار رؤوس الأموال التي أرعبتها الحكومة بإجراءاتها أو التخويف التي تلقته كذاك الذي تلقاه المستثمرون العقاريون بالأمس عندما هددهم بنكيران بإلغاء الإعفاء الضريبي على السكن الاجتماعي.