رفضت مصادر نقابية مقترحات قدمتها حكومة بنكيران تقضي برفع سن التقاعد من 60 إلى 65 سنة كحل لأزمة صناديق التقاعد، موضحة أن هذه المقترحات هي نفسها التي تم التداول بشأنها أيام حكومة عباس الفاسي وكان حزب بنكيران يعارضها ويعتبرها نوعا من الدعاية السياسية المجانية، وقالت المصادر ذاتها، إن بنكيران يبحث عن أسهل الحلول لتفادي أزمة اقتصادية وشيكة، معتبرة الرفع من سن التقاعد إلى 65 سنة نوعا من التحايل على القانون، وهضم خمس سنوات من حقوق العمال والموظفين، موضحة أن بنكيران يريد أيضا التلاعب في نسبة احتساب النقط التي ظل معمولا بها حتى الآن خاصة على مستوى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وكان الصندوق المغربي للتقاعد قد دق في يناير الماضي ناقوس الخطر بخصوص تزايد عدد المتقاعدين في المغرب، وضعف التوظيفات داخل القطاع العام وجمود المناصب المالية، وهو ما يهدد باستفحال عجز أنظمة التقاعد بالمغرب، مؤكدا أن عدد المتقاعدين يتزايد بوتيرة عالية تصل إلى أكثر من 10 آلاف متقاعد سنويا، وهو الرقم الذي يتوقع أن يصل في سنة 2015 إلى ما يقارب 250 ألف متقاعد. واعتبرت المصادر ذاتها، أن رفع سن التقاعد 60 سنة بشكل إجباري و65 سنة بشكل اختياري إجراء تعسفيا يتنافى مع الحقوق والمواثيق الدولية، معتبرة أن الحلول التي يتم التداول حولها اليوم بما فيها الزيادة في نسبة الاقتطاعات بمقدار 4 نقط، واحتساب معدل 8 سنوات الأخيرة تعتبر حلولا غير واقعية. وأوضحت المصادر ذاتها، أن الإصلاح يجب أن يقوم على أساس إرادة سياسية تنخرط فيها جميع الأطراف المعنية، وليس حلولا فوقية تعتمدها الحكومة لتفادي السكتة القلبية، موضحة أن الأمر يتعلق باختلالات مالية يريد بنكيران حملها على ظهور هذه الفئة المستضعفة بدل وضع الأصبع على الجرح. معتبرة الحديث عن مبدإ التضامن الاجتماعي مجرد تعابير سياسية فضفاضة. وطالبت المصادر ذاتها، بإصلاح أنظمة التقاعد في شموليتها، من خلال إرادة سياسية حقيقية، وأضافت المصادر أن كل الحلول والمقترحات لن تحل أزمة صناديق التقاعد ولكن ستأخرها فقط، موضحة أن بنكيران يريد تفادي السقطة خلال ولايته الحالية. وتشير الإحصائيات إلى أن عدد المتقاعدين في المغرب يبلغ مليون متقاعد في أربعة صناديق مخصصة لأداء معاشات التقاعد بالمغرب، أما عدد المنخرطين فلا يتجاوز ثلاثة ملايين، مما يؤكد ضعف التغطية الاجتماعية بالمغرب، والتي لا تتجاوز نسبة 21 في المائة من مجموع الناشطين، حيث يبقى خارج هذه التغطية 79 في المائة من الناشطين، وهو الأمر الذي يجعل المغرب مرتبا في آخر ترتيب الدول من حيث نسبة التغطية الاجتماعية. وأوضحت المصادر، أن النقاش السياسي حول إصلاح أنظمة التقاعد انطلق منذ يوينو 2006 وذلك على عهد حكومة ادريس جطو، مشيرة إلى أن حل المعضلة يتطلب المعالجة الشاملة لمعايير الحصول على المعاش، ثم تصحيح الاختلالات التي تنخر هذه الصناديق منذ سنوات، معتبرة الرفع من سن التقاعد لن يحل المشكل مادام أن متوسط مدى الحياة في المغرب، حسب الإحصائيات الرسمية لا يتجاوز 68 سنة. يذكر أن وزير الاقتصاد والمالية نزار بركة، سبق له التأكيد على أن إصلاح نظام التقاعد يتم وفق مقاربة شمولية وذلك بغية ضمان استمراريته، مُبرزا أن من بين سيناريوهات الإصلاح المطروحة، هناك الزيادة في المساهمات وتمديد سن التقاعد إلى أزيد من 60 سنة ومراجعة طريقة احتساب المعاشات. ووصف الوزير مستوى العجز المسجل في هذا الصدد ب"الضخم"، مشيرا إلى أنه سيتم ابتداء من سنة 2013 الشروع في استهلاك الرأسمال على مستوى نظام التقاعد، وهو أمر لا يمكن قبوله حسب الوزير، بالنظر إلى ضرورة ضمان مستقبل أنظمة التقاعد بالنسبة للأجيال المقبلة.