رسم التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية صورة قاتمة لوضعية الصحافة خلال سنة 2011 وجزء من السنة الحالية، وكان أمل النقابة من وضع هذا التقرير هو تحسن أوضاع الصحافة لكن يبدو أن الحكومة الحالية تسير في اتجاه تكريس وضع أسوأ من السابق، خصوصا بعد تصريحات زعيم الحزب بخصوص وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة. ولقد تم التحذير من قبل الفاعلين منذ بداية الحكومة من أن تتحول الوزارة الوصية على القطاع إلى وزارة الوصاية على الصحافة، بما يعني أن التدخل في كل كبيرة وصغيرة والعودة إلى عهد الرقابة حتى لو اختلفت أشكالها. وينص الفصل الخامس والعشرون من الدستور على أن حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها وحرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الإبداع الأدبي والفني والبحث العلمي والتقني مضمونة. ويعتبر الفصل الثامن والعشرون من الدستور حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية. وللجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة. وتشجع السلطات العمومية على تنظيم قطاع الصحافة، بكيفية مستقلة، وعلى أسس ديمقراطية، وعلى وضع القواعد القانونية والأخلاقية المتعلقة به. ويحدد القانون قواعد تنظيم وسائل الإعلام العمومية ومراقبتها. ويضمن الاستفادة من هذه الوسائل، مع احترام التعددية اللغوية والثقافية والسياسية للمجتمع المغربي، وتسهر الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري على احترام هذه التعددية. وأكد المجلس الفيدرالي للنقابة الوطنية للصحافة على أن مفهوم الوزارة "الوصية" على القطاع يجب أن يراجع فالوصاية على مهنة الصحافة وعلى المقاولات والمؤسسات الإعلامية، لا يمكن أن تقبل في أي مجتمع ديمقراطي. ومما يعزز التخوفات من الوصاية على قطاع الإعلام بمفهوم الهيمنة هو توجه حزب العدالة والتنمية نحو وضع يده على كافة القطاعات الحيوية والتي من شأنها أن تساهم في زرع ونشر إيديولوجيته. ويلاحظ أن هناك اتجاها عاما يحكم حزب العدالة والتنمية ألا وهو اعتبار الصحافة الخارجة عن نطاق "الطبالجية" صحافة مغرضة وصحافة يسيرها لوبي ضد الإصلاح. وهي عبارات الهدف منها تجريم هذا النوع من الصحافة كي يسهل ضربه في النهاية. فبعد أن يتم تصوير الصحافة المعارضة على أنها تسيء للحكومة وتعرقل سيرها وتنشر الإشاعات حولها، تأتي المرحلة الثانية وهي مرحلة الاجتثات من الجذور حتى يخلو الجو للحكومة التي أكدت فشلها وتفعل ما تشاء وتمرر ما تشاء من قرارات وكنانيش حتى لو كانت ضد التوجه الديمقراطي. وقد بدأت المعركة مع "النهار المغربية" التي يحاول الوزير الرميد إلهاءها بمعارك جانبية عن رسالتها الحقيقية، ونفذ في حقها وحدها غرامات مالية ثم أعقب ذلك دعوى قضائية لقيادي في الحزب وصديق لوزير العدل والحريات. وسينطبق على الصحافة المثل المأثور "أكلت يوم أكل الثور الأبيض"، فحزب الحكومة سيأكل الصحف واحدة بعد واحدة لكن بشكل منفرد. إن بداية الحكومة في علاقتها بالصحافة لم تكن مشجعة بل مخيفة وقد تقتل أي أمل في إصلاح القطاع الذي يريد وزيره أن يحول الوزارة الوصية إلى وزارة الوصاية.