ظهر في الآونة الأخيرة نوع من السياسيين والصحافيين كل همهم هو السيطرة على عقول الآخرين، يريدون لأنفسهم ما لا يريدونه للآخرين، ويسمحون لأنفسهم بالدفاع عن وزراء العدالة والتنمية دون أن يسمحوا لمخالفيهم بإبداء وجهة نظرهم وإلا فإنهم جزء من البوليس الإعلامي وفيلق من فيالق الانقلاب على المنهجية الديمقراطية، التي تقع اليوم في فوهة مدفع "الطبالجية" وهي كانت قبل الدستور وإقراره لأنها تهم مرحلة التوافقات لا مرحلة سيادة الوثيقة الدستورية. وبالمناسبة فالطبالجية هم فرقة من الصحافيين تحمل الطبول وتنتظر أي وزير من وزراء العدالة والتنمية ليعطي الإشارة لتشرع في ضرب الطبول وبعد أن يصعد صوت الضجيج يرفعون ألسنتهم بلعن الآخرين. غير أن طبالجية الصحافة والسياسة ومن يمزج بينهما يطبلون دون أن يعرفوا سببا لذلك، وهل هو عرس أم حفل ختان أو خطوبة أم أنهم يطبلون خطأ؟ وكان على الطبالجية أن يضبطوا أساليب الإيقاع قبل الشروع في المشاركة في جوقة وزراء العدالة والتنمية، ولهذا نسمع أصواتا نكرة ومنفرة من هنا وهناك واضطراب واضح في الضرب على الطبول. ويدعي الطبالجية أنهم يقومون بذلك دفاعا عن المنهجية الديمقراطية، مع فهم متخلف لمفهوم المنهجية الديمقراطية المرتبطة بلحظة في التاريخ السياسي المغربي، مرتبط بالانزياح عن التناوب الذي دشنه عبد الرحمن اليوسفي، والمنهجية الديمقراطية أصبحت مفهوما وليست مصطلحا مثلما يقرأ البعض في بوليكوبات الجامعة. وإذا كانت المنهجية الديمقراطية هي محرك الطبالجية فإن الذي سمح لهم بالدفاع عن وزراء العدالة والتنمية هو نفسه الذي يسمح لغيره بانتقادهم، وإذا كانوا يدعون أنهم ينتقدونهم حين يكون ذلك ضروريا فإن غيرهم ينتقد خصوم العدالة والتنمية أيضا. وما لا يفهمه الطبالجية أن وجود شخص وسط مجموعة لأنه يتفق معها في هدف المواجهة لا يعني الانتماء إليها. فمعارضو العدالة والتنمية ليسوا على نفس الهوى بل هناك تقديرات تختلف لكنها تلتقي عند هاجس واحد ألا وهو الخوف من غزوات العدالة والتنمية التي لن تقف عند قرصنة الإعلام العمومي ليصبح بوقا سلفيا ولكن سيمتد إلى كل مناحي الحياة. ومن الديمقراطية بل من عمقها أن نختلف مع العدالة والتنمية وننتقدهم ونهاجمهم ومن حق القوى السياسية المختلفة معه أن تسعى لإسقاطه عبر الانتخابات. فهذا جوهر الديمقراطية، أن أختلف معك. لكن ما ابتلينا به من طبالجية الصحافة والسياسة هو أنهم يعتبرون دفاع بعض المهنيين عن القناة الثانية هو حرب حزب فرنسا النصراني ضد الحزب الإسلامي وأن منتقدي الحكومة الملتحية هم جيوب المقاومة، وهذه كلها محاولات لإحداث الضجيج حتى يغيب النقاش العمومي حول قضايا جوهرية ومصيرية. وللأسف، إنه انبرى للدفاع عن الاختراق السلفي للإعلام العمومي من كنا نعتقد أنهم ليبراليين وخصوصا بعض الصحافيين من بقايا الاشتغال مع إدريس البصري الذين انبروا بغير وجه حق للدفاع عن أطروحات تخالف وجهات نظرهم في الحريات. ومما يجعل فرقة الطبالجية غير منسجمة هو أنها تضم بقايا إسلاميين وبقايا ليبراليين ومتطلعين لموائد الوزراء.