تحية وبعد قبل أسابيع وحتى قبل أن تقدم حكومتكم مشروع القانون المالي، بلغنا أن بعض وزرائكم من قياديي العدالة والتنمية يدفعون في اتجاه إعدام يومية "النهار المغربية" بحكم توجهها الذي اعتبر معاديا لحزبكم الذي أصبح حاكما، وذلك عن طريق تفريخ القضايا وتسريع وتيرة الأحكام وتنفيذها في قضايا مرفوعة على اليومية من طرف وزيركم في العدل والحريات أيام كان محاميا لأطراف مدعية بعينها. قرار إعدام يومية لم تمارس إلا حقها الذي يكفله الدستور والمواثيق الدولية في انتقاد أفكار حزبكم يوم كان في المعارضة ويوم أصبح ماسكا بزمام الأمور بالبلاد وعلى رأسها سلطة النيابة العامة المحركة للقضايا داخل المحاكم وخارجها تحيل على ثقافة إقصائية للرأي الآخر كانت الدافع الرئيسي لكل المواقف التي عبرت عنها يومية "النهار المغربية" على امتداد ثمان سنوات في إثارة انتباه الرأي العام لكل المخاطر التي تهدد مكسب التعددية الإعلامية في البلاد بعد وصولكم إلى سدة الحكم. "النهار المغربية" ليست محط إجماع كخط تحريري، فكثيرون لا تعجبهم لغتنا الحادة والجسورة في انتقادكم وانتقاد غيركم الذين واجهناهم بالنقد كأشخاص وكممارسات، لكن الكثير كذلك من القراء وجزء مهم من الرأي العام يرى في الكشافات التي تصوبها يومية "النهار المغربية" ضرورة في إطار دينامية الرأي والرأي الآخر التي تمكن من ترسيخ الثقافة الديمقراطية والتعددية الفكرية كتعبير عن حيوية الحراك المغربي ولتنوير الرأي العام الداخلي والخارجي حول مختلف الفرقاء. لقد كان بودنا، السيد رئيس الحكومة، أن نصطف إلى جانب طوابير "الْطبَالْجِيَّة" الذين يصفقون لوزراء حكومتكم الذين لا يستعملون سيارات الحكومة خارج الرباط ولا يركبون المصاعد ويتناولون سندويشا في الوزارات ويطعمون أعضاء دواوينهم من مالهم الخاص ونكون في عداد الموالين لحكومتكم بمناسبة وبدون مناسبة، ولكننا آثرنا ألا نركب قطار "الْطبَالْجِيَّة" لأنه خطر على المغرب ويختزن في طياته بوادر الانتكاسة عندما ينضب رصيد الممارسات الشعبوية نظرا لمحدودية تأثيرها. سوف أطبل للحكومة صباح مساء عندما تحقق ما وعدت به المغاربة، وسأكون سعيدا وأنا أزف لهم أن الحد الأدنى للأجور أصبح 3000 درهم عندما تقرره الحكومة وأن معدل النمو قارب أو تجاوز 7% عندما يتحقق على أرض الواقع، وغيرها من الإجراءات التي وعدت الحكومة بتحقيقها ولكنها لم تحققها لحد الآن لأن الإكراهات شتى، وإلى ذلك الحين تستمر "النهار المغربية" في خطها الذي ارتضته لنفسها قبل أن يطال مفهوم الحلال والحرام التلفزة المغربية وكل الآليات الإعلامية التي أصبحت اليوم مهددة بالفكر الوحيد والرأي الوحيد، بعد أن استوى الاستئصاليون من وزرائكم في كراسي المسؤولية. لقد انتقدنا وزيركم في العدل والحريات عندما اختلطت عليه الأمور في ضيافة دار القرآن بمراكش، ولم يفهم أن جزءا كبيرا من السياسة الاجتماعية للحكومات السابقة واللاحقة يتم تمويلها من عائدات السياحة الداخلية والخارجية، وأن احتياطي العملة الأجنبية يوفره أولا المنتوج السياحي الوطني لتغطية الواردات المتزايدة وخصوصا فاتورة الطاقة. ولهذا كان من الحصافة تذكيره بواجب التحفظ حتى لا تتوالى الكوارث المجانية على الاقتصاد المغربي. لقد انتقدنا وزيركم في العدل والحريات عندما اختار سبيل البهرجة بشيوخ السلفية الجهادية حتى لا يتم تبييض أمراء الدم الذين استباحوا دماء المغاربة في أكثر من مرة، وها هم اليوم يطالبون بدمه. لقد اختارت "النهار المغربية" منذ ثمان سنوات أن تنتصر لاستقرار المغرب ولقضاياه الكبرى، ودافعت في كل المحطات عن هذا المعدن النادر حتى لا يفقد البلد امتيازه الحقيقي، ورفضت "النهار المغربية" أكثر من مرة عروضا لتكتب كباقي الكتبة وتنال حظها من معين الدنيا حتى تتجاوز كل الصعوبات المالية وغيرها، لكنها اختارت الانتماء إلى الصف الوطني والانتصار لمغرب الدولة والمؤسسات، بعيدا عن حسابات الربح والخسارة التي جعلت وزيركم في الاتصال يقتص منا بأبشع الوسائل وبالضرب تحت الحزام لأننا رفضنا هرولته نحو استغلال الموروث المشترك للمغاربة من أجل فرض فكر شمولي داخل الإعلام العمومي. إن انتقادنا لوزيركم في النقل والتجهيز وعدم مسايرتنا لنهج "الْطبَالْجِيَّة" لتسويق صورة الوزير الأكول "للبيصارة"، الزاهد في ركوب السيارة الفاخرة التي يحتفظ بها للعطل ليولي الأنظار عن عدم قدرته على تدبير قطاع يعاني نقصا على أكثر من مستوى، لا يبرر البتة استهداف يومية "النهار المغربية" وإخراس صوتها إلى الأبد لأنه لا يعجب وزراء حكومتكم الظالم بعض أهلها. إن أمر إعدام "النهار المغربية" وتشريد أسر صحافييها وتقنييها بعيدا عن اللبوسات القانونية والقضائية التي تتخندق وراءها مصالح وزيركم في العدل والحريات، الذي لم يجد من الأحكام غير المنفذة الثلاثين ألفا، إلا الأحكام الصادرة في حق "النهار المغربية"، وهو أمر تساءلون عنه غدا أمام الخالق عز وجل، يوم الحساب الأخير والأبدي، يوم ينادي الحق سبحانه وتعالى على أول المُحَاسَبين، أينكم أيها الجبابرة؟ ونختصم وزيركم في العدل، قاضي قضاة المسلمين غدا أمام الباري عز وجل من أجل عدله الذي لا يطال إلا المناهضين لحزبه. وإلى ذلك الحين الذي لا ينفع معه لا مال ولا بنون، ولا جاه ولا سلطة نيابة عامة، ولا أغلبية برلمانية، ولا حزب أول ولا غيره، سنبيع كل ما نملك ونستدين حتى نؤدي دعائر عدل حكومتكم وغراماتها وحتى نؤدي ضريبة مواجهة باطل بعض وزراء حكومتكم الذين يحكمون بالأهواء ونخاصمكم في حقنا إلى الله.