يبدو أن المشهد السياسي سيستفيد كثيرا من فوز حزب العدالة والتنمية بالرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية التي جرت الجمعة الماضي وتكليف أمينه العام برئاسة الحكومة وتشكيلها، إذ أفرزت المداولات الأولية حول تشكيل الحكومة تشتت مواقف الأقطاب القديمة وبداية تشكل أقطاب جديدة، حيث من المتوقع أن ينفرط عقد الكتلة الديمقراطية بخروج الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية للمعارضة ومشاركة حزب الاستقلال في حكومة بنكيران، ومن الجانب الآخر بدأ التحالف من أجل الديمقراطية في التفكك بعد أن قررت الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري المشاركة في الحكومة، في الوقت الذي كان متوقعا أن يكون الأصالة والمعاصرة في المعارضة وقرار التجمع الوطني للأحرار الاصطفاف في المعارضة. وبتشكيل الحكومة من العدالة والتنمية وحزب الاستقلال والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري يكون قد تشكل القطب المحافظ، وهي أحزاب تتقاطع سواء في المرجعية أو التاريخ، فالعدالة والتنمية والاستقلال يشتركان في المرجعية الإسلامية وإن كان فهمهما لها مختلف، كما أن حزب العدالة والتنمية ليس سوى التسمية التي تبنتها الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية التي خرجت من رحم الحركة الشعبية بعد أن انشق الخطيب عن أحرضان، وقد تبنت الحركة منذ نشأتها الدفاع عن قراءة معينة للإسلام. وبخروج الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية للمعارضة التي سوف تضم أيضا حزبي الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار، يكون قد تكتلت الأحزاب المدافعة عن الخيار الديمقراطي الحداثي قد اجتمعت في قطب حداثي معارض مقابل قطب محافظ في الحكومة. وبهذه التقاطبات يكون المغرب قد دخل عهد القطبية الثنائية، والتي نادى بها الملك الراحل الحسن الثاني بداية التسعينات من القرن الماضي، والتي أكد عليها جلالة الملك محمد السادس في أكثر من محطة.